لماذا الحوار الوطنى الآن؟
قبل الحديث فى تفاصيل الحوار الوطنى الذى انطلقت فعالياته بالجلسة التاريخية يوم 3 مايو الحالى ،لابد من تعريف الحوار
بأنه نشاط تحاورى من أجل الوصول للحلول الجذرية لعدد من المشاكل من خلال تبادل الأدلة والبراهين بين أطراف كثيرة متحاورة... والحوار فى اللغة هو مصدر من المحاورة وهو المراجعة فى الكلام من عدة أطراف.
واصطلاحا فإن الحوار هو الوصول للحلول من خلال تبادل الأدلة والبراهين بين المتحاورين.. والقرآن الكريم يقول «فقال لصاحبه وهو يحاوره اكفرت بالذى خلقك من تراب» وكذلك يقول تعالى « والله يسمع تحاوركما أن الله سميع بصير.
وإسناد مهمة الحوار الى الأكاديمية الوطنية للتدريب التابعة لرئاسة الجمهورية قرار صائب مائة فى المائة.
والمعروف أن الأكاديمية لها دور تنظيمى فى هذا الأمر وتكليف الرئيس للأكاديمية باجراء هذا الحوار يعد اجراء وطنيا مهما، وجاء فى قرار التكليف الصادر من الرئيس، ان تكون الأكاديمية الوطنية على مسافة واحدة من الجميع، وأن يتمثل دورها فى التنسيق بين جميع القوى المشاركة فى هذا الحوار العظيم الذى دعا اليه الرئيس السيسي. كما تضمن قرار التكليف أن تعمل الأكاديمية الوطنية بكل تجرد وحيادية تامة وأن يتمثل دورها فى التنسيق بين كل القوى المشاركة فى هذا الحوار.
الدعوة لهذا الحوار الوطنى فى هذا التوقيت لها العديد من الدلالات والمفاهيم، فمصر التى بات يشار اليها الآن بالبنان وتلعب أدوارا مهمة فى السياسة الخارجية وفى اطار محيطها العربى والإقليمى والدولي، وحققت الكثير والكثير من الإنجازات الضخمة فى الداخل، كان لابد أن يبدأ الحوار الوطنى الرائع بين كل الفصائل السياسية وكل القوى الوطنية، من أجل رسم خارطة طريق جديدة للمستقبل. وهذا فى حد ذاته رد مهم على كل الذين كانوا يعيبون على الدولة أنها لا تجرى مثل هذه الحوارات.. والحقيقة أن الدولة المصرية قبل ثورة 30 يونيو، وبعدها كانت شبه دولة، وكان على الرئيس السيسى أن يسعى أولا لتثبيت أركان الدولة ويصحح كل المسارات الخاطئة.
ثم إن الحرب على الإرهاب التى قطعت شوطا كبيرا ولاتزال مصر تخوض هذه الحرب من أجل القضاء تماماً على فلول الإرهابيين، لم تكن البلاد فى هذا التوقيت على استعداد لإجراء هذا الحوار، ولذلك فان موعد الدعوة لهذا الحوار الآن جاء فى محله وموعده الصحيح.
والحقيقة أن الكرة الآن فى ملعب كل الأحزاب السياسية والقوى الوطنية، والدولة المصرية حريصة جداً على سماع هذه الرؤية، وأتمنى على الله سبحانه وتعالى أن تكون الأحزاب على قدر هذه المسئولية بعيداً عن الخلافات والمشاكل وتقدم رؤية صحيحة تواكب الجمهورية الجديدة التى بدأتها مصر مؤخراً.
والرائع فى هذا الحوار أن الدعوة شملت كل الأحزاب السياسية والقوى الوطنية والمفكرين والكتاب الذين يملكون رؤية فى هذا الصدد، بما يعنى ان هذا الحوار سيحقق الأهداف التى يتمناها الشعب العظيم، فلم يتم استثناء أى فصيل سياسى الا جماعة الإخوان التى تلطخت أياديها بدماء المصريين والتى غارت إلى غير رجعة ولن تعود مرة أخري. كما انه لا يجوز أبداً اشراك الإرهابيين فى مثل هذا الحوار الوطنى العظيم.. ولذلك فان كل الدلائل والبشائر تؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك أن النجاح سيكون حليف هذا الحوار الوطني.
الحوار لن يقتصر على قضية دون الأخري، وانما هذا الحوار سيناقش كل ملفات المستقبل فى ظل الجمهورية الجديدة التى تعد البوابة الحقيقة للعالمية، فمصر لم تعد دولة صغيرة وانما باتت من كبريات الدول الكبرى التى يعمل لها ألف حساب وحساب ويشار اليها بأنها دولة محورية فى كل السياسات العالمية، بفضل رؤية القيادة السياسية من خلال المشروع الوطنى الموضوع للبلاد منذ ثورة 30 يونيو ويرعاه الرئيس السيسى بنفسه، وينفذ خطواته بكل جدية ويحالفه النجاح بشكل ظاهر وواضح.
الحوار الوطنى هو فى الحقيقة يعد تفعيلاً لنص المادة الخامسة من الدستور، والتى تقضى بالآتى.. يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات والتوازن بينها وتلازم المسئولية مع السلطة واحترام حقوق الإنسان وحرياته على الوجه المبين فى الدستور... وتكليف الرئيس السيسى للأكاديمية الوطنية بإجراء هذا الحوار يعد أمراً وطنياً مهماً فى هذا الصدد خاصة بعد كل الإنجازات العظيمة والضخمة التى تحققت على الارض. وللحديث بقية،،