الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أصحاب الضمير الحى

أصحاب الضمير الحى

كشفت الأيام القليلة الماضية أن هناك صنفين من البشر أحدهما مذنب يجب أن يحاكم وآخر صاحب ضمير يجب أن يكرم وأن يكون قدوة لغيره من المسئولين وقدوة للأجيال القادمة.



فقد كشفت نتيجة كليات طب جامعة أسيوط وسوهاج وجنوب الوادى عورة المجتمع خاصة مجتمع الصعيد الذى تتحكم عائلته فى لجان الامتحانات وتستطيع أن تغير نتيجة ابنها الفاشل إلى تلميذ متفوق عن طريق الغش الجماعي.

فى الترم الأول كانت النتائج سيئة وكتبنا عنها وحذرنا فى هذا المكان لكن أحدا من أولياء الأمور لم يتحرك ولم ينتبه أحد من المسئولين واستمر الوضع على ما هو عليه حتى كانت نتيجة الترم الثانى صادمة حيث إن النتائج تراوحت ما بين 30٪ و 40٪ فى الكليات الثلاث فى الفرقة الأولى والتى تقدم أصحابها لهذه الكليات فى العام الماضى بعد أن حصلوا على مجموع فى الثانوية العامة تخطى الـ95٪ بالغش والتدليس بل هناك مدارس كانت النتيجة فيها موحدة لكل الطلاب بمجموع واحد وتباهت عائلات الصعيد بنجاح أكثر من 30 تلميذا من أفراد العائلة فى الثانوية العامة بمجموع أدخلهم جميعًا كليات الطب ولم يفكروا بأن هؤلاء الفشلة سوف ينتهى بهم الحال بالخروج من الجامعة إلى الشارع بعد أن يستنفدوا سنوات الرسوب لأن عقولهم ودرجاتهم لن تساعدهم على الدراسة فى كليات الطب. الحقيقة أن أولياء الأمور كان لديهم أمل بأن ما حدث فى الثانوية العامة من الممكن أن يحدث فى كليات الطب لكن الأمر اختلف بوجود أساتذة جامعة وعمداء كليات من أصحاب الضمير الحى رفضوا رفضًا تامًا كل الضغوط التى مورست عليهم بعد إعلان نتيجة الترم الأول وحاول أولياء الأمور، ومنهم أصحاب مراكز حساسة الضغط على إدارات الجامعة من أجل تحسين النتيجة؛ إلا أن عمداء الكليات الثلاث ومعهم اصطف الجامعة بأكمله رفض رفضًا تامًا حتى كانت هذه الكارثة التى تنذر بالخطر الكبير على المجتمع المصرى فى المستقبل القريب بأن هناك من تصور نفسه فوق القانون وأنه يستطيع أن يفعل أى شيء من أجل أن يصبح ابنه طبيبًا رغم أنه غير مؤهل لذلك لا علميًا ولا ذهنيًا وليس لديه استعداد لدراسة مواد الطب بأى شكل من الأشكال.

فتحية لهؤلاء الأبطال عمداء الكليات واصطف الجامعة جميعًا وتحية لوزارة التعليم العالى التى وقفت معهم وساعدتهم ضد كل الضغوط ، حتى خرجت النتيجة بشكلها الحقيقى الذى يدعو إلى الفخر بوجود أمثال هؤلاء من أصحاب الضمير الحى ،ويجب على الدولة تكريمهم وعلى المجتمع الاحتفاء بهم وتقديمهم إلى الصفوف الأولى فى المجتمع ،فهم الحاجز الحقيقى بين النجاح والفشل ،فقد استطاع هؤلاء أن يدافعوا عن المجتمع بوقوع كارثة فى حالة نجاح هؤلاء الفشلة وتخرجهم من كليات الطب وهم لا يفقهون شيئا فكم من كارثة يمكن أن تقع بعد أن يزاولوا المهنة وكم من ضحية كان يمكن أن تقع فريسة لهؤلاء غير المؤهلين بالمرة.

وعلى وزارة التربية والتعليم أن تحاكم المشرفين على هذه اللجان بدءا من رؤساء اللجان وحتى العاملين فيها الذين سمحوا لهؤلاء الطلاب بالغش بهذا الشكل المشين خاصة بعد أن أوقفت الوزارة الامتحان فى بعض هذه المدارس هذا العام.

أما أولياء الأمور فيجب على المجتمع أن يحاكمهم محاكمة شعبية ويجب أن نلفظهم جميعًا من حياتنا التى كانت من الممكن أن تضيع عن طريق أبنائهم الفشلة.

حفظ الله مصر من كل فاشل من عديمى الضمير وأكثر الله من أمثال أساتذة هذه الجامعات من أصحاب الضمير الحى.