الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صناعة الوعى

صناعة الوعى

عندما كنا صغارًا، وبالتحديد فى مرحلة الجامعة وما قبلها مرحلة الثانوى، كنا زبائن دائمين عند باعة الصحف والمجلات، خاصة بعد أن بدأت تنتشر الصحف المستقلة وخاصة المتخصصة منها، فكل واحد منا له هواية معينة كان حريصًا على أن يحقق حلمه وهوايته فى القراءة من خلال تلك الصحف والمجلات، فهناك من يهوى الأدب والشعر وقراءة القصة من خلال نشرها فى الصحف والمجلات، وهناك من يهوى الرياضة والفن وغيرهما من الفنون، وكان يشترى أيضًا الصحف التى تهتم بذلك، خاصة أن دور النشر التى كانت تطبع الكتب محدودة للغاية، وثمن الكتب كان بالنسبة لنا صعبًا جدًا أن نوفر الأموال لشرائها، ولكن من السهل علينا أن نشترى الصحف والمجلات التى كانت تفرد صفحاتها لعرض الكتب الجديدة ونشر قصائد الشعر ونشر تحليلات لكل فنون الحياة، وكان الوعى لدى الشباب صغير السن كبيرًا جدًا، والاهتمام بالقراءة والاطلاع كان كبيرًا أيضًا، وبعد فترة من الزمن بدأت دور النشر فى الزيادة، وهو ما يعكس زيادة الوعى لدى الشباب وإقباله على القراءة والاطلاع وحرصه على معرفة كل جديد، وكان الوعى فى هذا الوقت واضحًا ومعروفًا، والمعرفة هنا تأتى أنك عندما تقرأ كتابًا أو قصيدة شعر فأنت تعرف مصدرها وتعرف مقصد كل ما يكتب ويقال، وكان المسئولون عن الثقافة والفكر حريصين كل الحرص على ألا يكون هناك ما هو مغلوط أو مدسوس على البيئة المصرية وعلى المجتمع المصرى.



لكن للأسف الشديد فى السنوات الأخيرة ومع ظهور الشبكة العنكبوتية ودخول النت كل شبر فى مصر ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعى غيرت كل شىء فى شخصية المجتمع المصرى، فلم تعد الثقافة بمعناها التقليدى، والكتب والصحف الورقية بشكلها المعتاد تحتل نفس المكانة فى تشكيل الوعى والعقل وحل محلها منشورات الفيس بوك وصور أنستجرام وتغريدات تويتر وفيديوهات اليوتيوب والتيك توك ولم يعد كبار المثقفين والكتاب هم قدوة الأجيال الجديدة وحل محلهم نجوم التيك توك ونجوم التريند وأصبحت فيديوهات أنوش والست نورهان وغيرهما من السيدات ينشرن الرذيلة والفحش، إلى نجوم غناء الفن الهابط والألفاظ الخارجة ونجوم المجتمع وهم نجوم الصف الأول لتظل هناك إشكالية يجب على الكُتّاب والمثقفين والمفكرين مواجهتها وإيجاد صيغة ما لقيادة العقل الفكرى للأمة، وللأسف هناك أجيال جديدة يتم تحريكها بخيوط يمسك بها صناع هذا العالم الافتراضى وتغيب عن حياتنا قيم كثيرة شكلت مجتمعنا وقادته خبراء أزمات طاحنة استطاعت تدمير أمم كثيرة غيرنا.

نحن نحتاج فى الحقيقة إلى صناعة وعى يعيد إلينا هويتنا الحقيقية، ويعيد لنا معتقداتنا وعاداتنا وتقاليدنا، ويجب أن يكون ذلك من خلال عدد من المؤسسات المسئولة من خلال وزارات الثقافة والتعليم والتعليم العالى ووزارة الأوقاف والأزهر ووزارة الرياضة وغيرها من الوزارات التى تستطيع أن تشكل الوعى المصرى، وتعيد له رونقه الذى كان يتميز به فى الماضى.

حتى لو قمنا بوضع حد لنشر مثل هذه التفاهات التى انتشرت فى المجتمع المصرى الذى يحتاج إلى وقفة جادة من أجل الحفاظ على مستقبل هذه الأمة، ومستقبل شبابها وبناتها ومنعهم من الوقوع فى الخطر العظيم، حفظ الله مصر، وحفظ شبابها وقيادتها وشعبها العظيم.