الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
النصر العظيم (3)

النصر العظيم (3)

تكمن عظمة حرب أكتوبر المجيدة فى أنها نجحت من جميع الجوانب، حيث وضع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات خطة للحرب متكاملة الأركان، ليس فقط عسكريًا وسياسيًا، لكن أيضًا فنيًا وصحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، متمثلة فى خطة أسماها خطة الخداع الاستراتيجى، التى بدأت فى شهر يوليو عام 1972 واستمرت حتى يوم الحرب فى 6 أكتوبر لعام 1973.



فمن ينظر إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب المصرى قبل الحرب بأيام، من المستحيل أن يتصور أبدًا أن هذه أحوال بلد اتخذ قرارًا بالحرب على عدو يملك من العدة والعتاد ما يباهى به العالم بأنه الجيش الذى لا يقهر أبدًا.

فقد صدرت حكومة الرئيس أنور السادات من خلال الصحافة ووسائل الإعلام للشعب المصرى صورة البلد المنشغل بالتنمية المحلية، والذى يستعد لموسم المدارس ورمضان دون أن يكون لديه أى وقت لكى يفكر فى الحرب، لذلك فوجئ الجميع وأولهم الشعب المصرى بطبيعة الحال بالحرب، وهو الأمر الذى يؤكد أن القيادة السياسية والعسكرية استغلت توقيت رمضان والمدارس كنوع من الخداع الاستراتيجى فى توفير احتياجات المصريين التموينية، والتأكيد على أن البلد مستمر فى رويتنه الطبيعى، مؤكدًا فى إحدى وسائل الإعلام عدم الاستماع للشائعات المغرضة التى قد تؤدى إلى تخزين بعض السلع ونفادها لأنه لن يحدث أى شىء فى القريب العاجل، وكان الشعب المصرى فى هذا الوقت يدًا واحدة بمعنى الكلمة، فالكل لا يتحدث إلا عن الحرب وضرورة أن يثأر المصريون وقواتهم المسلحة من العدو الغاشم، ومن نكسة 1967 حتى يتخلص الجميع من مرارة الهزيمة،التى كانت مفاجأة ولم يتصورها المصريون ولم يصدقوها أبدًا طوال 6 سنوات ما بين الهزيمة وما بين النصر المبين، فى هذه الفترة ظهر معدن المصريين الحقيقى، وظهر تماسك شعب مصر وتحالفه مع قياداته وأبنائه المقاتلين فى الجيش، وتلاحظ أنه خلال هذه الفترة لم يفتعل الشعب المصرى أى أزمات، وكانت كل أزمته هى تحقيق النصر بأى شكل من الأشكال مهما كلفهم ذلك من ثمن.

حتى أن الجميع فوجئ طوال أيام حرب أكتوبر أن جرائم السرقة والنشل قد اختفت نهائيًا وأغلب أقسام الشرطة فى هذا الوقت لم تسجل حوادث من هذا القبيل، بل إن المصريين جميعًا كانوا يحرسون بعضم بعضًا، وكان التكافل الاجتماعى بين الأسر واضحًا جدًا، فالجميع يعمل كأنه رجل واحد، وكأن الجميع يريد فقط الحرب والنصر مهما كلفهم ذلك من التنازل عن مأكلهم أو مشربهم أو ملبسهم أو حياتهم وحياة أبنائهم.

وكان للجندى المصرى دور بارز فى هذه الحرب، فقد أثبت الجندى المصرى أنه خير أجناد الأرض بقوة عزيمته وشجاعته وإقباله على الحرب والقتال بشكل منقطع النظير، الأمر الذى نشر الخوف والرعب فى صفوف العدو الإسرائيلى، الذى لم يصدق ما حدث له فى هذه الحرب المقدسة، التى أعادت للأمة العربية كرامتها وعزتها ،وأعادت لها روحها، بعد أن ظن الجميع أن الأمرقد انتهى، وأصبحت إسرائيل دولة لا تقهر ولا يستطيع أحد هزيمتها.

فى هذه الأيام، وفى هذا الوقت تحديدًا،نحتاج جميعًا لروح أكتوبر، وأن يتكاتف الجميع من أجل الوقوف بجانب هذا الوطن، الذى يحتاج منا جميعًا أن نضحى بكل غالٍ ونفيس من أجل رفع رايته عالية، ومن أجل أن يصمُد فى وجه التحديات التى تحيط به من كل جانب.

حفظ الله مصر وشعبها وقيادتها ودامت أيامنا انتصارات وأفراح.