عصام عبد الجواد
فتاوى التريند
اسألوا أهل الذكر إن كنت لا تعلمون.. كبار العلماء وأهل الذكر والفقه والحديث دائمًا وأبدًا يذكروننا بهذه الأية ويحثون كل مسلم ومؤمن أن يسأل أهل الذكر إذا كان لا يعلم وذلك فى كل مسألة علمية أو رياضية أو اجتماعية لا يجوز أن يفتى فيها إلى من هو يملك المعلومة فى الإجابة عليها ولا تزال الدنيا هاكذا كل واحد يفتى فى كل شىء وبدون معلومة ويستطيع أن يعطى معلومات مغلوطة للمواطنين البسطاء خاصة فى هذه الأيام التى اختلط فيها الحابل بالنابل كما يقول المثل المصرى القديم.
وفى الأونة الأخيرة ظهرت موضة جديدة وهى دعاة أو شيوخ السوشيال ميديا الذين يستقطبون المشاهدين أو المستمعين خاصة الشباب وصغار السن أو أنصاف المثقفين والجهلة لتغذية أفكارهم بالفيديوهات القصيرة عن الدين الإسلامى رغم أنهم غير مختصين فى هذا المجال ولم يقوموا بدراسة الفقه ولا الحديث ولا الشريعة الإسلامية من الأصل فهم فقط ناقلون لما يسمعونه أو مما حفظوا واقتنعوا بهذه الآراء ويريدون أن يؤثرا فى الآخرين ويوجهونهم طبقًا لآرائهم خاصة أن البعض منهم يتعمد أن يخرج علينا بفتاوى غريبة من أجل التريند أو الحصول على الشهرة والمال من خلال زيادة المشاهدات وزيادة الانتشار خاصة إذا علمنا أن البعض من هؤلاء يصل دخله الشهرى إلى ما يقرب من ثلاثة وأربعة آلاف دولار فى الشهر الواحد وقد يزيد على ذلك كثيرًا وأصبحت الفتاوى بالنسبة لهم الفرصة التى تبيض ذهبًا فلا يهم أن كانت صحيحة أو غير صحيحة فالمهم لديه أن تصل المعلومة التى يريد أن يصلها للمشاهدين والمتابعين لهم وفى النهاية سوف يحصد هو آلاف الدولارات فالأمر أصبح كارثة فادحة بكل المقاييس لأن الحديث فى الدين من المفروض خط أحمر لغير المتأهلين فهم يعتمدون فقط على لحيتهم الخفيفة وابتسامتهم العريضة ليجعلونك تصدقهم ليستغلوا السوشيال ميديا منابرا لفتاوى التريند.. ومنهم من يعطيك كورس تنمية بشرية لتغيير حياتك.
وعلى سبيل المثال أحد هؤلاء الشيوخ الذى حصل على شهرة واسعة فى السوشيال ميديا من خلال فتواه عن إجازة العمرة الافتراضية عن الغير عبر تطبيق خاص وبأسعار متفاوتة تبدأ من 4 آلاف جنيه وروج لذلك على صفحته الشخصية فقوبل ذلك بالهجوم الشديد عليه من المشاهدين والمستمعين وكل من قرأ أو سمع هذه الآراء الشاذة حتى إن البعض منهم بدأ يبحث عن شهاداته ودراساته الدينية فاكتشف الجميع أنه لم يدرس العلوم الشرعية ولا الفقه فهو خريج كلية الصيدلة جامعة القاهرة وقد تعدت صفحته الملايين من المتابعين وزيادة فى الخداع كتب على صفحته أنه شاب مصرى زى أى مصرى شاب نفسى أوصل صورة الإسلام الصحيح للعالم كله.
هذا الشاب وغيره من الشباب الذين اتجهوا إلى هذا الطريق وعرفوا أنفسهم بأنهم بروجر إسلامى اتخذوا هذا الطريق السهل واليسير للوصول إلى هدفهم المبتغى وهو حصد آلاف الدولارات وفى نفس الوقت حصلوا على شهرة واسعة أكبر وبكثير من شهرة كبار علماء الأزهر الشريف.
لذلك يجب غلق هذه الصفحات فورا ويجب على المسئولين فى الدولة عدم ترك كل من هب ودب يتكلم فى أصول الدين والفقه وعلى المشاهدين والمتابعين الابتعاد عن هؤلاء فورا بل إبلاغ الأجهزة عنهم ، وعليهم فقط اتباع الصفحات الموثقة المعترف بها والتى تخص الجهات الدينية المعترف بها والتى يحاضر فيها رجال الأزهر الشريف حتى لا نقع فيما وقعنا فيه فى الماضى عندما استولى على عقولنا شيوخ السلفية من خلال قنواتهم التليفزيونية التى انتشرت لسنوات طويلة وكانت تدخل كل بيت بدون ضابط أو رابط حفظ الله مصروشعبها وقيادتها.