الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يوسف شاهين و«بابه الحديد»!

يوسف شاهين و«بابه الحديد»!

لا أعرف عدد المرات التى شاهدت فيها فيلم «باب الحديد»، إخراج العبقرى «يوسف شاهين»، قصة وسيناريو وحوار الأستاذ «عبدالحى أديب»، وبطولة فريد شوقى وهند رستم وحسن البارودى ونعمية عاكف وخيرى أحمد وغيرهم.



الغريب أن الفيلم عندما عرض لأول مرة لم يحقق النجاح التجارى الذى كان ينتظره يوسف شاهين.

ويتوقف الأستاذ «سعد الدين توفيق» أمام هذا الفيلم بكثير من الإعجاب والإنبهار فيقول:

يوسف شاهين لمع اسمه بعد أن أخرج فيلم «صراع فى الوادى» الذى قدم فيه الوجه الجديد الذى اكتشفه وهو «عمر الشريف»، وقامت ببطولته فاتن حمامة وفريد شوقى وزكى رستم وعبدالوارث عسر.

ثم قدم يوسف شاهين بعد ذلك- سنة 1958- تجربة فنية أخرى رائعة هى فيلمه «باب الحديد» الذى يعتبر واحدا من أحسن عشرة أفلام ظهرت فى تاريخ السينما المصرية، وتجرى أحداث الفيلم كلها فى محطة القاهرة وفى يوم واحد من الصباح إلى المساء، ويقدم لك قطاعا صغيرا من الحياة، قصة مجموعة من الناس جمعها مكان واحد هو المحطة «باب الحديد».

أحدهم بائع صحف أعرج اسمه صابر «يوسف شاهين» محروم من كل شىء فهو فقير ومشوه وقبيح الوجه وهناك «هنومة»- هند رستم- بائعة الكازوزة التى تتنطط بجردلها بين القطارات وتحلم بأن يتزوجها أحد شيالى المحطة وهو شاب طيب القلب- فريد شوقى- أما صابر فهو يحب هنومة ويتمنى أن يتزوجها لكنها تسخر منه، وعندما يكتشف أنها لن تكون له يفقد عقله ويقرر أن يقتلها، لكنه يقتل فتاة أخرى بالخطأ وتكتشف جريمته ويقبض عليه ويساق إلى مستشفى الأمراض العقلية!

وكان اختيار المحطة مركزًا لأحداث هذا الفيلم موفقا واستغل المخرج إمكانياتها استغلالا بديعا، كما أنها كانت رمزًا جميلًا، فهى مركز دائرة واسعة، نقطة تلتقى عندها خطوط كثيرة وتنبعث منها خطوط متنافرة مكان لقاء وفراق، رمز للضياع والتشتت!

ولم تعتمد قصة الفيلم على الحوار كانت الصورة هى الأساس، وكان هذا عبئا ثقيلا على الممثلين الذين لم يألفوا بعد هذه الطريقة الجديدة، كما كان أيضا سببا فى أن بعض المتفرجين لم يستطع متابعة الأحداث بوضوح، وقدم لنا الفيلم ممثلا جديدا هو «يوسف شاهين» وكانت اللقطات الطويلة التى عبر فيها يوسف بوجهه وعينيه ويديه بلا كلام على الإطلاق لقطات بارعة وفى غاية الجمال، ودوره معقد وشاق إلا أنه نجح فيه نجاحا هائلا، خصوصا فى المشهد الأخير عندما أراد أن يقتل «هنومة» وقع معها على الأرض فوق القضبان والقطار قادم نحوهما بسرعة والجموع تطارده وتوقف القطار ثم ينصب الضوء من حوله، ويقوده صديقه الوحيد «حسن البارودى» إلى مصيره، قميص المجانين الذى يقيد حركته ويحدد نهايته.

صورت معظم مشاهد الفيلم فى منطقة المحطة، منطقة لا تهدأ فيها الحركة طول اليوم، ونجاحه فى تقديم الفيلم بهذه الصورة الحية يستحق أعظم التقدير.

باب الحديد يتحدى الزمن رغم مرور 65 سنة على عرضه!