عصام عبد الجواد
أزمة ضمير
ما يحدث فى الأسواق المصرية أزمة ضمير الذى غاب عند كثير من التجار والبائعين ومستوردى السلع وأصبح هم كل واحد منهم هو جمع المال بأى شكل وبأى وسيلة حتى لو كان ذلك على حساب المواطن المغلوب على أمره.
وأصبح التجار لا همّ لهم إلا التوسع فى رفع الاسعار وبأكبر قدر ممكن حتى يحققوا أكبر قدر من المكاسب المادية مهما كلفهم ذلك من ضمير والغريب عندما تقترب منهم تجد كل واحد منهم يمسك بيده سبحة طولها يزيد أحيانا على متر، وفى جبهته علامة الصلاة ويحدثك فى الحلال والحرام، وهو ما يجعلنا نصدق القصة الشهيرة للتاجر المصرى الذى ذهب إلى الصين لاستيراد بعض السلع، وعندما جلس مع صاحب المصنع الصينى طلب منه أن تكون السلعة بأقل من سعرها الحقيقى بعشرة أضعاف حتى لو كانت من أردأ الخامات، وقد وافق الرجل الصينى على طلبه، وعندما حل موعد الغداء سأل التاجر المصرى الرجل الصينى هل هذا الغداء به لحم خنزير، وهل اللحم ذبح على الطريقة الاسلامية أم لا فتبسم الرجل الصينى وقال له جعلتنى أصنع لك ما تحتاجه من خامات رديئة وسوف تبيعه بثمن الخامات الجيدة فى بلدك وهذا غش فى السلعة وعندما تأكل الطعام تسأل هل هو على الطريقة الاسلامية أم لا وتؤكد أنك لا تأكل لحم الخنزير وأنك ملتزم بتعاليم الاسلام فسكت الرجل ولم يرد.
هذا ما يحدث فى الاسواق ولدى كل التجار كلهم بلا استثناء إلا من رحم ربى.. يصلون ويسبحون ويقرأون القرآن ويحجون ويعتمرون ويخرجون الصدقات، والبعض منهم حريص على إخراج الزكاة فى وقتها لكنهم فى نفس الوقت يستطيعون أن يلعبوا فى الاسواق برفع السلع وتخزينها وحجبها عن الاسواق حتى يرتفع ثمنها أضعافا مضاعفة، وفى أيام قليلة يستطيعون أن يجمعوا الملايين حتى إن الأمر تحول إلى عدوى فى كل السلع من السكر والبصل وقبلهما الثوم والأرز وزيت الطعام وحتى الخضر والفاكهة التى ارتفع ثمنها بأكثر من ثمنها الحقيقى ثلاثة وأربعة أضعاف.
هؤلاء لا ضمير ولا أخلاق لهم ولا وطنية أو احساس بالآخرين لديهم، ولا حتى احساس بأن الدولة فى هذا الوقت بالذات تحتاج أن يقف هؤلاء معها ومع المواطن المصرى الغلبان بأن يبيعوا السلعة فقط بثمنها الحقيقى والذى سيدر عليهم ربحا بما يرضى الله ورسوله.. لكنهم بلا أخلاق إلا من رحم ربى فهم قد غرتهم الدنيا وأصبح لا هم لهم إلا جمع الاموال.
حتى إن هناك تجارا صغارا فى حجم تجارتهم تحولوا فى السنوات القليلة الماضية إلى إمبراطوريات مالية يمتلك البعض منهم اسطولا من السيارات الفارهة والفيلات التى تقدر بعشرات الملايين وأموال فى البنوك وشاليهات على كل شواطئ مصر، وإذا سألت أحدهم يردد المقولة الشهيرة بأن تسعة أعشار الرزق فى التجارة، فهو على استعداد أن يبيع السلعة التى يبلغ ثمنها جنيها واحدا بعشرة جنيهات حتى إن كانت قدرة المواطنين على الشراء ضعيفة فهو ينظر لما يحققه من ربح حتى لو كان ذلك على مص دماء الغلابة.
هؤلاء لا بد أن نطبق عليهم حد الحرابة ولا بد للدولة أن تحصرهم وتحاكمهم ليس بقانون حماية المستهلك أو قانون الاحتكار أو قانون اخفاء السلع ورفع الاسعار ولكن بقانون انعدام الضمير والإضرار بأمن الدولة وسلمها الاجتماعى واستقرارها.
علينا جميعا أن نقف ضد كل هؤلاء الذين نسوا الله ورسوله ووضعوا ضميرهم فى الثلاجة من أجل جنى الأرباح الحرام.. حفظ الله مصر وشعبها وقيادتها، وانتقم الله من كل تاجر فاجر يضر بأمن الوطن.