
رشاد كامل
جعلونى مجرمًا فيلم يتحدى الزمن والنقاد!
«جعلونى مجرمًا» من أهم وأخطر أفلام السينما المصرية بطولة «فريد شوقى» و«هدى سلطان»، وإخراج عاطف سالم، والذى كتبه فريد شوقى، عن قصة حقيقية، والفيلم عرض لأول مرة قبل سبعين سنة عام 1995.
هذا الفيلم تعرض لهجوم شديد وقتها وعن ظروف وملابسات هذا الفيلم كتب الأستاذ «سعد الدين توفيق» فى كتابه «قصة السينما فى مصر» يقول:
عاطف سالم استهل حياته الفنية بفيلمين جيدين أولهما «الحرمان» الذى قامت ببطولته الطفلة «فيروز» مع «عماد حمدى» و«زوزو ماضى»، والثانى هو «جعلونى مجرمًا» الذى قام ببطولته «فريد شوقى» مع «هدى سلطان» و«يحيى شاهين» و«سراج منير» و«نجمة إبراهيم» و«رشدى أباظة»، ولم يكن الفيلم بوليسيًا بقدر ما كان فيلمًا اجتماعيًا، فهو يصور الظروف التى تدفع شابًا برئيًا إلى الجريمة، وأنه محاولة لرسم البيئة التى تبنت الجريمة، وهذه الناحية جعلت للفيلم قيمة إضافية فوق قيمته الفنية - لأنه خرج على الصورة التقليدية التى تقدم بها السينما المصرية القصة البوليسية فتحيلها إلى مشاهد ضرب و«تلطيش».
ولكن هذه الناحية نفسها كانت ثغرة يمكن أن يتسلل منها النقد إلى القصة ذاتها، فيؤخذ عليها أنها حاولت تبرير تصرفات المجرم الشاب، وهذا هو وجه الخطورة خصوصا عندما نضع فى اعتبارنا المتفرج الصغير الذى يعجب بالبطل ويصفق له ويرى أن إنحرافه كان تصرفا لا غبار عليه.
أن المتفرج المراهق لا يدرس الظروف أو البيئة التى جعلت من البطل مجرم وإنما سيرسب فى ذهنه معنى واحد فقط وهو أن البطل لم يكن أمامه سبيل آخر إلا أن يأخذ حقه بيده!
أكثر من هذا أن الفيلم قدم البطل فى صورة جذابة تجعل المتفرج يحبه ويستلطفه ويعجب به، فهو شاب قوى مرح، وهذه هى الصورة التى ستنطبع فى النهاية فى ذهن المتفرج الصغير، الذى يتأثر أكثر من سواه بما يراه على الشاشة، فهو - عادة - يتخذ من بطل الفيلم مثلا أعلى، ويحاول تقليده فى مشيته وفى ملابسه وفى طريقة كلامه.
ويتعرض سعد الدين توفيق لفيلم آخر هو «إحنا التلامذه» لعاطف سالم فيقول عنه - إنه آثار فجة كبيرة وكان بداية لموجة من الأفلام التى لا تزال مستمرة حتى الآن سنة 1969 - والتى تقوم على تصوير انحراف الشباب، وعندما نجح هذا الفيلم الذى يقدم لنا ثلاثة شبان أصبحت كل أفلام هذه الموجة تقدم أيضًا قصص ثلاثة شبان!!
أعترف عزيزى القارئ أن رحلتى طالت مع قراءة وعرض هذا الكتاب الممتع والمهم ويكفى أن تعرف أن مؤلفه «سعد الدين توفيق» من أهم نقاد السينما فى مصر وشغل منصب رئيس تحرير مجلة الكواكب وكذلك أستاذا بمعهد السينما ومعهد السيناريو ومعهد الفنون المسرحية، وناقدا بالبرامج الفنية فى الإذاعة والتليفزيون، وفاز بجائزة النقد السينمائى فى مسابقتى 1961 و1962.
الكتاب يستحق إعادة طبع لأهميته وجماله!