الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كلنا كده عايزين صورة

كلنا كده عايزين صورة

مر التصوير الفوتوغرافى خلال العقود القليلة الماضية بتطور كبير، البداية كانت عندما وجدنا صورًا كبيرة معلقة على الحوائط لزفاف الآباء، أو صورًا أقدم مضاف إلى إطارها شريط أسود للدلالة على وفاة الأجداد، غير أن التصوير لم يكن منتشرًا بالقدر الكبير، من الممكن أن نطالع مجموعة صور لحفل زفاف أو صورة فى بطاقة شخصية، أو نحتاج إلى أن نذهب إلى استديو تصوير لالتقاط صورة أبيض وأسود للاستخدام فى المدرسة أو النادى، مجموعة أخرى من الصور تأتى داخل مظروف بالبريد ليطمئننا مسافر لإحدى الدول العربية أو الغربية.



كنا خلال تلك الفترة ننظر بفخر لمن يمتلك آلة تصوير ونحاول أن نفهم نظرية العمل وما معنى «التحميض» وما معنى «الصورة السلبية» أو «النيجاتيف»، نستمع إلى أحاديث عن كيفية التحميض، غرفة مظلمة بها مصباح كهربائى صغير باللون يشع ضياءً ضعيفًا أحمر اللون ومجموعة من الأحواض المعدنية تحتوى على أحماض تستخدم فى إظهار النيجاتيف أو بمعنى أدق- تظهيره-، ثم مجموعة من القطع الورقية البيضاء التى تستخدم فى طباعة الصورة.

مصور الشاطئ والكازينوهات النيلية والحدائق والمتنزهات، يلح فى تقديم خدمات التصوير على وعد بلقاء بعد يوم أو اثنين لتسليم النتيجة، كانت مغامرة مثيرة ومكلفة أيضًا، بعد ذلك بسنوات وصلنا إلى الكاميرات الملونة، نبتاع الفيلم الخام، ثم نقوم بالتصوير نهارًا أو ليلًا باستخدام الفلاش، وفى نهاية الفيلم أى بعد الانتهاء من تصويره وعلى حسب سعته هل 24 صورة أم 36، نغلفه جيدًا ونتجه به إلى معمل للتحميض فى مهمة قد تستغرق أسبوعًا، ثم تطور الأمر إلى الحصول على النتيجة بعد ساعة.

تعرفنا أيضًا على الرتوش أى تحسين الصورة والتى كانت تتم باستخدام قلم رصاص لمعالجة النيجاتيف، ومن ثم تظهر النتيجة عند الطباعة النهائية، عيون ملونة أو إخفاء لعيوب الوجه، دمج أكثر من صورة أو تغيير الخلفية كانت من الأمور السحرية أيضًا، كان ذلك كله قبل عصر ظهور الكاميرات الرقمية Digital Camera والتى لا تحتاج لا إلى فيلم ولا إلى تحميض وطباعة، يكفى أن تقوم بالتقاط الصورة وفى نفس اللحظة تستطيع أن تراها فى شاشة الكاميرا الصغيرة أو على شاشة الحاسب الآلى وهو ما تطور سريعًا من كاميرات قليلة الدقة إلى كاميرات عالية الدقة تقوم بضبط المسافة والبؤرة ونسبة الإضاءة بصورة أوتوماتيكية تجعل من أى مبتدئ يبدو وكأنه محترف تصوير، بعد ذلك بسنوات قليلة ظهرت الهواتف الذكية والتى تحتوى على كاميرا واحدة، ثم تطور الأمر إلى ظهور هواتف تحتوى على كاميرا خلفية وأخرى أمامية لزوم التصوير الذاتي- السيلفى-، ثم تطور الأمر إلى وجود أكثر من كاميرا بعضها يعمل بالذكاء الاصطناعى، ومع انتشار وتغلغل شبكات التواصل الاجتماعى ما عاد التصوير فى المناسبات الكبيرة فقط كالزواج وأثناء أداء مراسم الحج وخلافه بل أصبح التصوير يبدأ منذ الاستيقاظ صباحًا وحتى الخلود إلى النوم فى المساء، وأصبح نشر تلك الصور من الأمور العادية غير المستهجنة على الإطلاق، وتحول الإنسان من كائن يشعر بالإثارة عند التصوير أو عند رؤية الصور إلى كائن يقوم بتلك المهام فى كل لحظة وفى كل موقف وتراجعت الإثارة أو القيمة لتوثيق لحظات الحياة وهو ما أفقدها الكثير من البهجة والأهمية خاصة لدى الأجيال الجديدة.