الأربعاء 4 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مستقبل أطفال غزة

مستقبل أطفال غزة

يدفع الأطفال فى كل بلاد العالم ثمن الحروب والنزاعات والاعتداءات المسلحة، أضعافًا  مضاعفة، ليس فقط لأنهم عرضة للقتل والإصابة البالغة التى تؤدى إلى العجز الجسدى على اختلاف أنواعه ودرجاته، ولكن أيضًا للآثار والرواسب النفسية المؤذية التى قد تلازم الفرد بقية حياته، ولا يستطيع الهرب منها.



فأطفال غزة كما تشاهدون ونرى على شاشات التليفزيون، يشاهدون كل يوم وكل لحظة عمليات القتل والتدمير، ويشاهدون الجثث والأشلاء فى الشوارع، بل يشاهدون أقرانهم من الأطفال وقد قتلوا أو أصيبوا، ولا يستطيعون العلاج، ناهيك عن أنهم فى الأيام الأخيرة لا يجدون طعامًا أو شرابًا أو ملبسًا أو حتى خيمة تؤويهم، بعد أن تم تدمير غزة بالكامل، لم يبق لهم غير أطلال مبانٍ قد رويت بالدماء والأشلاء، وشوارعها تملؤها مخلفات الحرب التى قد تتفجر فى أى لحظة فى أجسادهم إذا حاولوا الانتقال من مكان لمكان.

أضف إلى ذلك، هناك أطفال فى غزة فقدوا آباءهم وأسرهم، بل هناك من فقد عائلته بالكامل، وأصبح بلا عائل وبلا مأوى، حتى أماكن الإيواء مثل مدارس الأنروا التابعة للأمم المتحدة يقوم العدو الإسرائيلى بضربها بالقنابل والصواريخ ليل نهار، هؤلاء الصغار ماذا سيكون مستقبلهم الاجتماعى والعلمى والدراسى، بعدما شاهدوه من أهوال تشبه أهوال يوم القيامة، وقد أصبحوا بلا حالة نفسية على الإطلاق، البعض يقول إنهم يحتاجون بعد وقف الحرب إعادة تأهيل نفسى طويل الأمد، لكن العالمين ببواطن الأمور يؤكدون أن حتى التأهيل النفسى لن يجدى مع هؤلاء أبدا، وأن حالتهم النفسية سوف تستمر معهم عشرات السنين، بل إن حالة الانتقام مما حدث لهم ولذويهم سوف تلازمهم بعد الكبر، ولن يفكروا أبدا فى خطورة ما يمكن أن يفعلوه أو تبعاته.

وتؤكد الدراسات، أن هؤلاء الصغار، الغالبية العظمى منهم، قد أصيبوا بحالة نفسية قد تؤدى إلى نوبات طويلة من الاكتئاب، بالإضافة إلى الإصابة بالهلاوس والوساوس النفسية والتبول اللإرادى وحالات الفزع الليلى.

هؤلاء الأطفال، يحتاجون من الآن إلى خطة طويلة الأمد، تشرف عليها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العالمية، لإعادة الهدوء النفسى لهم وإعادتهم إلى حالتهم الطبيعية التى كانت قبل الحرب ولو بنسبة 70٪ حتى يستطيعوا أن يعيشوا حياة طبيعية، بعد أن دمرت الحرب حياتهم وحتى يعودوا إلى دراستهم ومدارسهم على المدى البعيد، ويستطيعوا أن يتلقوا دروسهم رغم صعوبة ذلك بعد أن يعودوا فيجدوا العشرات من زملائهم وقد فقدوا حياتهم أو فقدوا أطرافهم، ومنهم من أصبح فى حالة عجز كلى.

كان الله فى عون أهل غزة، وأطفال أهل غزة، فالمستقبل أمامهم مظلم للغاية، ويحتاج إلى سنوات حتى تعود الحياة إلى طبيعتها ويعود السلوك النفسى إلى هؤلاء الصغار، وقاتل الله عدوهم الذى لا يرحم الأطفال والنساء ولا الشجر ولا حتى الحجر، لم يسلم أى شىء من العدوان الغاشم، الذى يظن أن ذلك يحقق النصر بقتل كل ما هو حى على وجه الأرض، ولم يدر بخلده بن ما يفعله اليوم سوف يرد عليه فى القريب العاجل عندما يكبر هؤلاء الأطفال، سيتحولون إلى مشروع شهيد يدافع عن أرضه وعرضه بكل ما أوتى من قوة حتى لو كلفه ذلك حياته.

حفظ الله غزة وأهل غزة ونصرهم على عدوهم الذى لا يرحم وحفظ الله مصر وشعبها وقيادتها.