الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأسلحة المستقلة 2-2

الأسلحة المستقلة 2-2

فى المقال السابق تحدثنا عن الأسلحة المستقلة, تلك التى لا تحتاج إلى أى تدخل بشرى لكى تعمل وتنفذ المهام الموكلة إليها أو تلك التى تحتاج إلى قدر ضئيل من التدخل أيضًا، مثال على ذلك الروبوتات القاتلة والتى يتم تطويرها، ويقال إنها قد استخدمت فى بعض مناطق النزاع والحرب، سواء على الحدود أو فى الاشتباكات المسلحة والمواجهات وهى تنطوى على عدد من الإشكاليات يأتى على رأسها  أن هذا النظام ينزع الإنسانية تمامًا من الفرد المقاتل، وهو أمر فى غاية الخطورة مهما اشتد الصراع أو المواجهة، من المشكلات الأخرى وهى أيضًا إحدى إشكاليات استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى بصورة عامة، وهى إشكالية تحيز الخوارزميات، للأسف لا يمكن حتى الآن نفى صفة التحيز عن أى نظام من أنظمة الذكاء الاصطناعى، واعتقد أن هذا أمر متوقع وواجب الإشارة إليه دومًا، فحتى على مستوى البشر يجب أن نفرق بين الذكاء والانحياز, وبين الشخص الذكى وبين الشخص الموضوعى أو العادل، كما يحقق هذا أيضًا نوعًا من عدم القدرة على المساءلة لما ينجم عن تلك الحروب، فالقرار ليس بشريًا، وكذلك الفعل بالإضافة إلى قدرة تلك الأسلحة على خوض غمار مناطق ربما لم يكن من الممكن أن يقتحمها الإنسان إلا من خلال تلك الأدوات الحديثة.



الأمر الآخر أن استخدام تلك الأسلحة ربما يتعارض مع المبادئ الخمسة للقانون الإنسانى الدولى مثل مبدأ التناسب والتمييز بين المدنيين والمقاتلين، أو الشظايا غير القابلة للكشف, أوحظرأوتقييد استعمال الألغام والأفخاخ المتفجرة والأجهزة الأخرى, أو حظر أوتقييد استعمال الأسلحة المحرقة, أو استخدام أسلحة الليزرالمسببة للعمى؛ أو المبدأ المتعلق بالمتفجرات من مخلفات الحرب. 

ولبداية التحرك فى هذا الأمر تم خلال عام 2017 عقد الاجتماع الرسمى الأول لفريق الخبراء الحكوميين المتصل بالتقنيات الناشئة فى مجال أنظمة الأسلحة الفتاكة المستقلة فى سياق اتفاقية الأسلحة التقليدية فى جينيف، واستمرت اللقاءات بعد ذلك فى الأعوام التالية من أجل الوصول إلى تفاهمات مشتركة بشأن كيفية استخدام تلك الأسلحة والتقليل من آثارها السلبية المحتملة وخرجت بمبادئ عشرة للتعامل مع الموقف هي: أولًا ضرورة تطبيق القانون الدولى الإنساني؛ وعدم تفويض المسئولية الإنسانية والمساءلة عن استخدام القوة وفقًا للقانون الدولى ومراجعة واختبار الأسلحة قبل الإقرار ودمج الضمانات المادية وعدم الانتشار والاهتمام بالأمن السيبرانى والتقييم المستمر للمخاطر وتخفيفها أثناء مراحل التطوير لتلك التقنيات والنظر فى التشريعات والقوانين لتضمين بنود تختص باستخدام التكنولوجيات الناشئة وفقًا للقانون الدولى الإنسانى وعدم إلحاق الضرر بالبحث والتطوير للأغراض المدنية؛ والحاجة إلى اعتماد رؤية متكاملة لاستخدام ودمج أنظمة الذكاء الاصطناعى والنظر فى مدى ملاءمة اتفاقية الأسلحة التقليدية كإطار للتعامل مع هذه القضية. 

اتفق الخبراء أيضًا على ضرورة وضع أطر ومساحات للتدخل البشرى فى استخدام وتشغيل تلك الأسلحة والعمل جنبًا إلى جنب مع المؤسسات الصناعية والمؤسسات البحثية فى هذا الإطار, ولكن للأسف فإن كل أو أغلب تلك التوصيات لا تزال تشكل إطارًا عامًا لأخلاقيات الاستخدام، وهو أمر لا يمكن الاعتماد عليه بالكلية والأمثلة السابقة على هذا كثيرة.