الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الذكاء الاصطناعى واختلافات البشر

الذكاء الاصطناعى واختلافات البشر

حتى الآن تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعى بمعالجة البيانات المدخلة إليها وتحليلها ومقارنتها لتعطينا النتائج التى ينبهر بها الكثير من المستخدمين، وبالرغم من الانتقادات الكثيرة التى توجه إلى بعض من نتائج تلك الأنظمة والتى تنطوى أحيانا على انحياز ضد أو مع ثقافة أو عادات وتقاليد أو دين أو حتى انحياز لجنس أو لون أو نوع، إلا أن هذا الأمر وإن كان لم يحسم حتى الآن فإنه يعتبر أحد أكبر المشكلات أو الإشكاليات المرتبطة بتلك الأنظمة وباستخدامها وما تزال الشركات والمؤسسات والدول تبحث فى هذا الأمر بوضع مواثيق أو حتى قوانين - بدأ الاتحاد الأوروبى الشهر الماضى- والتى تحاول أن تصل إلى استخدام عادل ومسئول وأخلاقى لتلك الأنظمة، فلا تضر بحياة البشر أو بسلوكياتهم وتحترم وتحافظ على بياناتهم الشخصية ولا تساهم بصورة أو بأخرى فى قضايا الاستقطاب المنتشرة إلا أن هذا الأمر مازال مطروحًا ومازال بلا حل نهائى أو شبه نهائى حتى الآن.



المستوى الثانى من مستويات الذكاء الاصطناعى لن يكون معتمدًا على المدخلات من البيانات والمعلومات وحسب بل سيتطور ليصل إلى مستوى أن تتعلم تلك الأنظمة أو تلك الآلات - إن جاز التعبير- من ملايين أو مليارات البشر الذين يستخدمونها كل لحظة وهنا تكمن إشكالية جديدة ربما ستصل بتلك الأنظمة إلى «حارة سد» وهى ببساطة أن البشر يختلفون كثيرًا فى العادات والتقاليد والثقافات والسلوكيات والأفكار والتوجهات والأيديولوجيات والمشاعر أيضا بل إن الإنسان الواحد يتغير عبر الشهور والسنوات.

هنا ودعونا نتصور كيف يمكن إنتاج نظام موحد للذكاء الاصطناعى يكون قادرًا على التعامل مع كل تلك الاختلافات واستيعابها ويكون قادرًا على إنتاج معارف جديدة بناء على ما تعلمه وهوما أراه مستحيلًا أو شبه مستحيل فمهما حاول أن يكون موضوعيًا إلا أنه فى هذه الحالة وبافتراض عدم الانحياز المسبق فإن النتيجة النهائية ستوصم بذلك أيضًا.

ربما يكون من المناسب أن يوجد أكثر من نظام يعتمد على عدد من المعطيات فيكون هناك نظام عربى وآخر أوروبى وآخر أمريكي وآخر صيني وهكذان فعلى مستوى الأفراد الذين يتعرضون لعدد من الثقافات المختلفة فإنهم فى النهاية يميلون إلى ثقافة واحدة منهم أكثر من ميلهم إلى الثقافات الأخرى، ولا أدل من ذلك على موجات التغريب وما أحدثته من حالات انبهار ودفاع شديدين من البعض وفى نفس الوقت هجوم ضارٍ على كل ما هو عربى أو مصري.

لا توجد دلائل حتى الآن حول الإطار العام لنظام ذكاء اصطناعى عالمى وفى تقديرى فإن الاتفاق على هذا الإطار سيتعرض لمعوقات كثيرة ربما تؤدى إلى عدم الوصول إليه وفى النهاية تبقى الدول الأكثر تحكمًا فى تلك التقنية هى القادرة على توجيه تلك الأنظمة حتى ولو كان أكثرية مستخدميها من الخارج.