السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«مسار إجبارى».. ثنائى المغامرة الرابحة

«مسار إجبارى».. ثنائى المغامرة الرابحة

فى المغامرة متعة.. متعة الاكتشاف والمحاولة لطرق مناطق شائكة خارجة عن المعتاد والمضمون.. اعتدنا فى هذا الوقت من العام انتظار أسماء بعينها من النجوم.. بينما اختارت الشركة المتحدة الرهان على صعود نجمين شابين كليهما يمتلك مقومات وقدرات تمثيلية أهلته لخوض تجارب ناجحة وهو ما اعتمدت عليه المتحدة فى أسلوب طرح  تلك المواهب فنيًا.. هما عصام عمر بملامحه الهادئة المطمئنة وأحمد داش بملامحه الودودة الأقرب لأحد أفراد عائلتك المقربين؛ لعب المنتج ولعبت المخرجة نادين خان فى «مسار إجباري».. لعبة جديدة متحديان كل حسابات الموسم الرمضانى الأشبه بسباق الأوسكار.. وكانت المفاجأة أن كسب المنتج الرهان بهذه المغامرة الرابحة.



«مسار إجباري» معالجة درامية لـ«باهر دويدار» وسيناريو وحوار كل من أمين جمال ومحمد محرز ومينا بباوي؛ اتخذ فريق الكتابة مسارا آخر غير إجباري فى تشبيك وبناء تصاعد أحداث العمل الدرامي؛ خرجوا هذه المرة عن المألوف وتجاوزوا الحبكة المستهلكة دائمة التكرار بالأعمال القريبة من هذا النوع من الدراما الاجتماعية التى تحمل قدرا من الإثارة والتشويق.. خاصة المتعلقة بالأب وأزمة الميراث ومفاجأة الأبناء الجدد بالدخلاء على العائلة الأصلية ثم السعى فى إنكار هذا النسب وتلك الزيجة الثانية؛ هنا كان ميراث الأب تورطه فى الحصول على رشوة مقابل تزوير تقرير الطب الشرعى لتغيير مسار قضية الفتاة المقتولة؛ يكتشف الأبناء «على وحسين» عن طريق المصادفة أنهما أخوان من أب واحد حيث تزوج الأخير على زوجته الأولى وأنجب ابنًا دون علمها لمدة 20 عامًا متواصلة؛ يصطدم الاثنان بهذه الحقيقة وبين محاولة تقبل الحقيقة وإنكارها لا يجد الاثنان مخرجًا سوى التعايش بعد وفاة والدهما.

ينتمى على إلى الطبقة المتوسطة بينما أخوه أقرب للطبقات الشعبية تربى كلاهما تربية مختلفة عن الآخر الأول هادئ أقرب للتروى والعقل والرزانة؛ والآخر متهور جريء تأخذه حمية نصر الحق على الباطل؛ من هذا التناقض بين الوداعة والاندفاع كانت اللعبة الفنية بين عصام عمر وأحمد داش فى «مسار إجباري»..مسار أو طريق اضطر الإثنان خوضه معا دراميا؛ لعب كلاهما بأسلوبه عصام عمر بتلك الملامح الهادئة التى تخفى وراءها صراعات داخلية شديدة القسوة قدم شخصية «علي» الكتوم الذى يعيش صراعًا دائمًا مع ذاته ومن حوله فى حيرته أو نفوره من أخيه وكراهية والده أو التعاطف معه بذكاء وتروِ فى محاولة تقبل هذا الواقع المرير من وجهة نظره ،تمتع عمر بالسير مع منطق المخرجة باللعب على المشاعر بشكل كبير جاء أداؤه دافئًا دفء المثخن بالألم والجراح؛ وكذلك أحمد داش فى دور الفتى الشعبى المندفع الطموح؛ قدمه بانطلاق وسلاسة فى حميته ورغبته العاطفية للجنوح إلى العائلة وأخيه فرارا من وحدته؛ فهو شديد الوضوح فى التعبير عن عاطفته تجاه أخوته.. هكذا جمعت عصام عمر وأحمد داش حالة من التكامل الفنى  بمشاهدهما معًا لن تشعر بالتنافسية أو التعصب الفنى لإثبات مدى تفوق  أحدهما على الآخر؛ بينما يلعب الاثنان كل فى مساحته بسلاسة ونعومة وحرفة الكبار وكأن الاثنين يستمتعان بالتمثيل كحالة استثنائية فى حد ذاتها وقررا إمتاع المشاهدين معهما.

فى معالجة درامية ذكية كانت عنصر الجذب الأول للمشاهد على استكمال المشاهدة ومتابعة حلقات المسلسل غير المتوقعة؛ قدم صناعه وجبة درامية رمضانية لا تشبه السائد والمطروح برغم ما تحمله الحبكة الرئيسية من إثارة وتشويق بالأساس وهو ما يضع العمل فى تصنيف الدراما التشويقية؛ لكن لم تلعب المخرجة نادين خان فى تدفق السرد الدرامى على مدار الحلقات بما يوحى أو يؤدى لهذه الإثارة العنيفة فى تتبع جريمة قتل لمعرفة من الجاني.. بينما حمل العمل قدرا كبيرا من شاعرية السرد بالصورة والأحداث المتلاحقة فى هدوء حتى الأداء التمثيلى حمل رقة وعذوبة فى أكثر مشاهده سخونة وتشويقًا؛ جنحت المخرجة لاختيار الموسيقى المصاحبة للمشهد  أقرب لموسيقى شاعرية منها إلى ألحان مثيرة؛ وبالتالى نحن أمام عمل ذي حساسية فنية استثنائية؛ صنع من الإثارة وعنصر المفاجأة حالة من الشاعرية سواء فى كادرات التصوير أو حتى أداء الممثلين.. غلفت خان بحساسيتها السينمائية العمل الدرامى بمشاعر حب ودفء وخوف وحرص وحميمية جمعت تلك العائلة بأفرادها الجدد القادمين من خلفيات اجتماعية متباينة. 

لم يقتصر تميز العمل تمثيليا أو حتى على مستوى التصوير؛ بينما كان بمثابة إعادة اكتشاف لنجومه وعودة قوية للفنانة بسمة فى دور «نعناعة» المرأة الشعبية الطيبة؛ وصابرين التى تطرح نفسها بشكل جديد فى هذه البطولة الجماعية وكذلك الفنان محسن منصور فى دور مسعد ورشدى الشامى بحضوره الدائم؛ «مسار إجباري» مغامرة ناجحة تفتح أفقًا ومسارًا جديدًا فى المعالجة والطرح الفنى والبطولة الجماعية للنجوم الشباب فى أكثر مواسم السنة ازدحامًا وإثارة فنية!