جمهورية تعظيم القدرة العسكرية يد تحمى ويد تبنى
كتب- د.عمرعلم الدين
الجيش القوى، هو عمود الخيمة فى بقاء الدولة مرفوعة الراية، تتناسب قوته وقوة الدولة، وحال إصابته بالوهن تتعرض الدولة لأزمات والنماذج متعددة إقليميًا ودوليًا.
وشهد الجيش المصرى فى السنوات العشر الأخيرة، تنمية لقدراته، عبر رفع الكفاءة التدريبية، والقدرة التسليحية وإنشاء قواعد عسكرية جديدة على المحاور الاستراتيجية.
وتؤكد مؤسسة «جلوبال فاير باور»، المعنية بالتصنيف الدولى للجيوش حول العالم فى تقريرها، من حيث القوة خلال عام 2012 كانت مصر فى المرتبة الـ16 تسبقها إسرائيل فى المرتبة الـ10، وجاء التصنيف هذا العام 2024، ليحل الجيش المصرى فى المرتبة الـ ١٥ عالميًا من بين 145 جيشًا.. وإسرائيل احتلت رقم 1٧، وحافظت القوات المسلحة على مكانتها الأولى عربيًا وإفريقيًا بين جيوش العالم.
هذا التقدم فى التصنيف الدولى، بفضل التحديث الذى بدأه الرئيس عبدالفتاح السيسى، إيمانًا بأن الجيوش القوية، هى قاعدة الاستقرار، وبداية التنمية والتطوير والحماية للأمن القومى ولا يمكن أن يحتل جيش مكانة الصدارة، إلا برجال أكفاء جعلوا حماية أوطانهم تساوى أرواحهم، وبتسليح حديث يُساير التكنولوجيا والتطوير فى العالم.. ومع ولاية جديدة للرئيس وسط منطقة ترتطم بأمواج عاتية، انهارت فيها دول، وخرجت أخرى من الخريطة، ويعانى العالم من صراعات دامية، مرة باسم الثورة، وأخرى باسم الحرية، وثالثة لصالح الدول الكبرى أو صاحبة أيديولوجية تقتل وتصيب أكثر من ١٠٠ ألف فلسطينى وسط صمت عالمى مريب.. ومن يتحرك لصالح القضية مثل مصر يتحمل سهامًا تأتيه من كل الأقواس.. ولذا كانت قناعة القيادة السياسية، أن الدولة التى لا تمتلك سلاحها وقدرتها العسكرية الرادعة، لا تمتلك قرارها السياسى.
وتسعى القوات المسلحة بقيادة قائدها الأعلى وتنفيذ قياداتها خلال المرحلة القادمة إلى استكمال الاستراتيجية الشاملة للتطوير وتحديث كل أفرع ووحدات وأفراد القوات المسلحة لتستمر عقيدتها عدم الاعتداء على الآخرين، بل هى دائمًا درع وسيف لمصر، محافظة عليها ومدافعة عنها وعن الحق العربى، وفى صفحات ناصعة كتبت بماء الذهب، سيسجل التاريخ بكل فخر وإعزاز ما قامت به من حماية وتنمية بدأتها بقدراتها والتى تشير تقارير مراكز الدراسات الاستراتيجية الدولية إلى أنها جاءت نتيجة اتخاذ الرئيس السيسى، قرارًا، فور توليه مسئولية البلاد، بتنويع مصادر السلاح، بعد 40 عامًا من اعتماد الجيش المصرى على السلاح الأمريكى، واعتبار الأمن القومى المصرى على رأس الأولويات عند تدبير احتياجات الجيش من الأسلحة، والمعدات المختلفة، وبما يضمن استمرار توفير قطع الغيار، والدعم الفنى اللازم لتلك الأسلحة، ونوعية التدريبات المشتركة التى شاركت فيها القوات المسلحة مع الجيوش الأجنبية، مما رفع من كفاءة الخبرات القتالية المتبادلة بين جميع الأطراف والآن الجيش المصرى يتسلح بأحدث ما توصل إليه العلم الحديث وقادر على حماية الأمن القومى المصرى، وحماية حدود الدولة من أى تهديد كان، حتى لو تطلب الأمر تنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود للقضاء على أى تهديد قبل وصوله إلى أرض الوطن.
وقد نجح الجيش خلال العملية الشاملة سيناء 2018 بأسلحته المحدثة فى القضاء على التنظيمات الإرهابية، وتطهير الأرض من دنس الإرهاب بقتل مئات الإرهابيين وتدمير أسلحتهم المتراكمة منذ سنوات والقبض على قياداتهم الذين لم ترسلهم لجهنم خلال العمليات وتم تمشيط أرض الفيروز لإعلان سيناء خالية من الإرهاب وتحركات مع جهات الدولة المختلفة لتنمية سيناء بشكل شامل وهى الآن فى الولاية الجديدة تتحمل دورها يدًا تحمى وأخرى تنمى وتعمر فى كل ربوع الوطن.
التطوير.. سر التفوق
لم يصل الجيش إلى هذه المرحلة من الكفاءة بسهولة فقد تم التطوير على ثلاثة محاور، الأول هو بناء وتطوير الفرد واكتسابه مهارات ولغات وتدريبًا جيدًا، والمحور الثانى هو كفاءة وحداثة السلاح المستخدم واتخاذ خطوات نحو التصنيع، والثالث هو استحداث قوات وقواعد وأسطول جديد ونجحت القوات المسلحة نجاحًا باهرًا، فقد تم إعداد الأطقم الفنية على أعظم ما يكون حتى وجدنا إشادات بكفاءة العناصر فى التدريب مع دول شقيقة وصديقة وأيضًا إشادة فى استيعاب الأسلحة الحديثة.. وتم تنظيم المعرض الدولى للصناعات الدفاعية والعسكرية «إيديكس» وهو الأكبر والأهم فى منطقة الشرق الأوسط وذلك تأكيدًا لمكانة مصر.
إلى العلا فى سبيل المجد
لم تستطع مصر حماية أمنها القومى إلا بإدراكها مبكرًا لخطورة القادم وخلال حكم الرئيس السيسى تم عقد صفقات سلاح متطورة بمليارات الدولارات كان منها: توقيع مصر على اتفاقية عسكرية مع روسيا شملت شراء، منظومة دفاع جوى صاروخى بعيد المدى و12 مقاتلة «سو 30 كا» وطائرت مروحية «كا 52».
وتم شراء 10 مروحيات أباتشى من الولايات المتحدة الأمريكية وهى مروحية الهجوم الرئيسية للجيش الأمريكى، تستطيع حمل 16 صاروخًا «هيل فاير» و76 صاروخ أرض جو، و1200 قذيفة عيار 30 مم.
وتسلمت مصر عدد 5 أبراج لدبابات من طراز «أبرامز إم1 إيه1» والتى يتم إنتاجها بتعاون مصرى أمريكى مشترك.
كما تم شراء 24 طائرة من طراز «رافال» وهى تعتبر إحدى طائرات الجيل الرابع التى تبلغ سرعتها 2000كم فى الساعة، يمكنها تعقب 40 هدفًا مختلفًا.
وتلى ذلك فى ٢٠٢١ إعلان المتحدث العسكرى أن مصر وفرنسا وقعتا عقد توريد 30 طائرة طراز «رافال». و«الطائرات تتميز بقدرات قتالية عالية تشمل القدرة على تنفيذ المهام بعيدة المدى، فضلاً عن امتلاكها لمنظومة تسليح متطورة، وقدرة عالية على المناورة، وتعدد أنظمة التسليح بها، بالإضافة إلى تميزها بمنظومة حرب إلكترونية متطورة تمكنها من القدرة على تنفيذ كل المهام التى توكل إليها بكفاءة واقتدار».
كما يشمل الاتفاق المصرى أيضًا عقودًا مع شركة صناعة الصواريخ كما تم فى هذا الإطار شراء عدد من الأسلحة الأخرى التى تحتاجها القوات الجوية للقيام بمهام الحماية والتنفيذ وهذه الجهود جعلت القوات الجوية المصرية تحتل المرتبة التاسعة بين أقوى القوات الجوية فى العالم وفقًا للتصنيفات العالمية.
تعاظم قدرة القوات البحرية
شهدت القوات البحرية خلال الفترة الماضية، مرحلة تطوير متكامل شملت جميع النواحى التى تم تنفيذها على محاور متزامنة لدعم نظم التسليح، فقد تم انضمام عدد من الوحدات البحرية الحديثة من لانشات الصواريخ طراز «سليمان عزت» والفرقاطة طراز «فريم».
ولانش للصواريخ الروسى طراز«32-R»، والوحدات السريعة طراز «ريب» والغواصة طراز «209» التى تمثل أحدث الغواصات التقليدية فى العالم.
والصفقة الكبرى التى تشمل حاملتى المروحيات «ميسترال» واللتين أطلق عليهما اسم جمال عبد الناصر وأنور السادات، تستطيع الواحدة منهما حمل 700 جندى و16 هليكوبتر و50 مدرعة، ومستشفى متنقل، ويمكنها أن تكون وحدة قيادة عسكرية.
وشمل التطوير تصنيع السفن الحربية بسواعد مصرية بدءًا من تصنيع لانشات المرور الساحلى السريعة والريبات ولانشات القطر والإرشاد والقرويطات طراز «جو ويند» بشركة ترسانة الإسكندرية، وتم استلام القرويطة الفرنسية الصنع من طراز «جو ويند» وتم انضمام ثلاث قرويطات من نفس الطراز، يتم تصنيعها محليًا بالاشتراك مع الجانب الفرنسى.
كما انضمت للقوات البحرية الفرقاطة (فریم بيرجامینی) الإيطالية وتم تسميتها (الجلالة) وهى واحدة من أصل فرقاطتين من طراز فريم تم التعاقد عليهما وتتميز بالقدرة على الإبحار لمسافة (6000) ميل بحرى، وتتمتع بالعديد من الخصائص التقنية ومنظومات التسليح الحديثة التى تمكنها من تنفيذ جميع المهام القتالية بالبحر وقت السلم والحرب وتأمين مصادر الثروات الطبيعية المختلفة للدولة بالبحرين المتوسط والأحمر.
كما انضمت الى القوات البحرية الفرقاطة (العزيز) من طراز ( MEKO-A200 ) التى تم بناؤها بترسانة (SBN) الألمانية، وذلك لتأمين خطوط الملاحة البحرية الحليفة مع تأمين السفن التجارية المارة بها، وتنفيذ عمليات الدعم الإنسانى بالمناطق المنكوبة، مما يجعلها بمثابة إضافة تكنولوجية هائلة لإمكانات القوات البحرية ودعم قدرتها على حماية الأمن القومى المصـرى.
كما وصلت إلى قاعدة الأسكندرية البحرية الفرقاطة «القدير» من طراز (MEKO-A200)، الألمانية لتنضم للأسطول البحرى المصرى وتمثل الفرقاطة «القدير» إضافة تكنولوجية وقدرات قتالية هائلة وتدعم تحقيق القدرة على مواجهة التحديات والمخاطر والسيطرة الكاملة على سواحلنا الممتدة بالبحرين الأحمر والمتوسط.
لتتكامل هذه المنظومات فى وضع أسس قوية لبناء قوات بحرية حديثة تستطيع أن تنفذ جميع المهام التى تسند إليها من القيادة العامة للقوات المسلحة وتصنف على أنها السادسة عالميًا والأقوى فى منطقة الشرق الأوسط.
قوات جديدة لدواعى الأمن القومى
وإمعانا فى تنفيذ ذلك تم إنشاء قوات جديدة داخل الجيش تكون مهمتها تحقق الهدف وتساير النظم العالمية المتقدمة وتتعامل بآليات الحروب الحديثة وما ألقى على عاتقها من مقاومة الإرهاب أو العمل جنبًا إلى جنب مع دول صديقة وشقيقة.. فكان من نتيجة هذا الفكر إنشاء وتدشين الأسطول المصرى الجنوبى الذى يعتبر قوة الردع المصرية فى منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقى، ومنع أى تهديدات للأمن القومى المصرى، وتأمين العبور فى قناة السويس.
ويعد الأسطول الجنوبى المصرى الأقوى فى الشرق الأوسط، فهو يضم حاملة المروحيات جمال عبد الناصر، ولواء مدمرات ولواء لانشات صواريخ، وقرويطات، بالإضافة إلى كاسحات الغام وقد تم إنشاء لواء جديد للصاعقة البحرية فى سفاجا أيضًا لتكون القوة القادرة على تنفيذ مهام عديدة داخل وخارج المياه الإقليمية المصرية.
ويمثل الأسطول الجنوبى وما يضمه من تشكيلات جديدة درعًا قويًا ضد كل من تسول له نفسه المساس بمياه مصر الإقليمية، خاصة فى ظل ما تموج به المنطقة من تهديدات وتحديات تواجه الأمن القومى.
ولم يكن الأسطول الجنوبى هو أولى القوات التى أنشأها الرئيس السيسى لحماية الأمن القومى، فقد سبقتها قوات التدخل السريع.
وهو جزء من الوحدات الخاصة فى الجيش المصرى «خير أجناد الأرض»، وتم إنشاؤها وتزويدها بأحدث الأسلحة والمعدات والقادة والضباط والأفراد الأكثر قدرة على القتال والمواجهة، من أجل القيام بمهام خاصة جدا فى وقت قياسى غير مسبوق.
وقوات التدخل السريع المصرية أسسها الفريق أول عبد الفتاح السيسى فى 25 مارس 2014 حين كان وزيرا للدفاع، ولها قدرات قتالية عالية ومستوى تدريب متطور، وقدرة على المواجهة والتحرك محليا أو إقليميا أو دوليا، خاصة فى ظل التحديات التى تواجه مصر والمنطقة العربية فى الوقت الراهن.
وتعد مصر أول دولة تمتلك قوات التدخل السريع “محمولة جواً” فى المنطقة العربية والشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط.
وتنافس قوات التدخل السريع المصرية 7 قوات مثلها حول العالم منها قوات التدخل السريع المحمولة جوا فى الجيش الأمريكي، الفرقتين «101» و«82» المحمولتين جوا، بالإضافة إلى الحلف الأطلسى «الناتو». «محمد نجيب» تؤمِّن الضبعة النووية وآبار البترول
وتعد قاعدة محمد نجيب العسكرية إنجازًا جديدًا يضاف إلى إنجازات القوات المسلحة كمًا ونوعًا، والتى تم إنشاؤها فى إطار استراتيجية التطوير والتحديث الشامل للقوات المسلحة ويوجد بها 1155 مبنى ومنشأة، وتطوير وتوسعة الطرق الخارجية والداخلية بالقاعدة بطول 72 كم منها وصلة الطريق الساحلى بطول 11.5 كم وطريق البرقان بطول 12.5 كم ووصلة العميد بطول 14.6 كم والباقى طرق داخل القاعدة بلغت 18 كم، مع إنشاء أربع بوابات رئيسية وثمانى بوابات داخلية للوحدات، كما اشتملت الإنشاءات الجديدة إعادة تمركز فوج لنقل الدبابات يسع نحو 451 ناقلة حديثة لنقل الدبابات الثقيلة من منطقة العامرية، كذلك إعادة تمركز وحدات أخرى من منطقة كينج مريوط ليكتمل الكيان العسكرى داخل القاعدة.
ولتحقيق منظومة التدريب القتالى تم إنشاء 72 ميدانًا متكاملًا شمل مجمعا لميادين التدريب التخصصى وميادين رماية الأسلحة الصغيرة، ومجمع ميادين الرماية التكتيكية الإلكترونية باستخدام أحدث نظم ومقلدات الرماية، كذلك تطوير ورفع كفاءة وتوسعة منصة الإنزال البحرى بمنطقة العميد.
وامتد التطوير الإدارى بقاعدة محمد نجيب ليشمل إنشاء المدينة السكنية المخصصة للتدريبات المشتركة.
قاعدة برانى تحمى الغرب
وفى ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من مخاطر وتهديدات مباشرة للأمن القومى المصرى خاصة من الاتجاه الاستراتيجى الغربي، فقد حرصت القوات المسلحة على تعزيز القدرات القتالية للمنطقة الغربية العسكرية لمنع تسرب العناصر الإرهابية المسلحة عبر خط الحدود الغربية، ومجابهة محاولات التهريب للأسلحة والمواد المخدرة والهجرة غير الشرعية، وذلك وفقًا لمنظومة متكاملة يتم خلالها تكثيف إجراءات التأمين وتطوير نظم التسليح وإعادة تمركز بعض الوحدات المقاتلة لذلك أنشأت القوات المسلحة قاعدة برانى العسكرية، والتى روعى فيها أن تضاهى أحدث الأنظمة العالمية فى مجال الاهتمام بالفرد المقاتل معيشيا وتدريبيا من خلال إنشاء مئات المنشآت الجديدة، وتطوير المنشآت الإدارية وميادين التدريب التكتيكى التخصصية ومخازن للأسلحة والذخائر، ومناطق تمركز العربات والمعدات داخل القاعدة، مع الاهتمام بالجانب الترفيهى والتثقيفى للفرد المقاتل وتمثل قاعدة برانى العسكرية إضافة قوية لقدرة وكفاءة رجال المنطقة الغربية العسكرية فى خدمة وطنهم وتنفيذ جميع المهام التى تسند إليهم لحماية الحدود الغربية وردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن واستقرار شعبه.
وتظل عجلة التطوير والتحديث بتخطيط ورعاية قادة القوات المسلحة لا تتوقف وهى تعمل من أجل الحفاظ على الأمن القومى المصرى، سواء فى الداخل أو الخارج وفق استراتيجية متكاملة للأفرع الرئيسية ومختلف الأسلحة التخصصية بما يعظم من قدرات وإمكانيات الجيش.