شاهد على مؤتمر الحسنة
الشيخ بلال سويلم: «أرض الفيروز» ستظل مطمعًًا.. والتعمير سلاح المواجهة
الجفجافة وسط سيناء ــــ أشرف أبوالريش
على مدار 3 سنوات تحرص «روزاليوسف» على حضور ذكرى «الصمود والتحدى» لمؤتمر الحسنة الشهير الذى أقيم عام 1968، الذى رفض فيه مشايخ سيناء الكرام فى ذلك التوقيت مطالب العدو الإسرائيلى الغاصب لهذه الأرض بالانفصال بسيناء عن الوطن الأم مصر، إلا أن هذه المرة الحفل والاهتمام بالمناسبة مختلف، والحدث كان على المستوى الذى يليق بأرض الفيروز، إذ حضر اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، شخصيًا للمرة الأولى، والأحزاب السياسية، ومشايخ جميع القبائل، والأجهزة التنفيذية، ووسائل الإعلام المختلفة.
«ذكرى الصمود والتحدى» تظل رمزًا لكفاح المحبين لهذا الوطن من بدو سيناء الحبيبة ولأول مرة يتم تنظيم هذا الحفل فى قرية «الجفجافة» إحدى القرى التابعة لمركز الحسنة فى محافظة شمال سيناء، وتقع على طريق «الإسماعيلية - العوجة الأوسط» وهى من معاقل قبيلة الأحيوات وتبعد عن مدينة الإسماعيلية نحو 80 كم فى اتجاه الشرق وعن مدينة الحسنة 98 كم باتجاه الغرب.
«الجفجافة» التى تقع فى منطقة وسط سيناء الساحرة من الضرورى أن يعرفها الشباب من الأجيال الجديدة، هذه الأرض التى رويت بدماء الشهداء فى كل العصور التاريخية التى حاول العدو أن يخترق حدودنا الشرقية من عصر أحمس ورمسيس الثانى مرورًا بالعصر الحديث لحرب العاشر من رمضان «6 أكتوبر» مرورًا بالقضاء على الإرهاب خلال الأعوام الماضية وسط سيناء. ويطلق كبار شيوخ سيناء على منطقة الجفجافة «أرض المعارك»، فهى عبارة عن سلسلة هضاب تتخللها بعض الجبال التى تنحدر تدريجيًا نحو الشمال، كما تخترق من الجنوب إلى الشمال وادى العريش ونقطة نخل فى الوسط ويقع إقليم الهضاب بين خطى عرض 30 ْ - 29 درجة ويتراوح ارتفاعه ما بين 500 - 1500 متر فوق سطح البحر، وأشهر هضاب هذا القطاع الأوسط هى هضبة التيه الشهيرة تاريخيًا التى تمتد إلى نحو 140 كيلو مترًا، ثم هضبة العجمة التى تقع إلى الشمال من هضبة التية وتمتد لنحو 115 كيلو مترًا.
ورغم هذه السمات العامة لإقليم الهضاب فى وسط سيناء، إلا أنه من الممكن التمييز بين 3 وحدات داخله، أولها: القطاع الغربى وهو جبلى، وهضبى أكثر ما هو هضبى تمامًا، فهو مجموع كتل جبلية متقطعة بفعل الأودية وأودية هذا الجزء تتجه غربًا وغربه سهل ساحلى واسع بدرجة أو بأخرى، وأما القطاع الوسط من هذا الإقليم فهو أقرب إلى الهضبة المائدة التى تقسمها إلى فصوص روافد وادى العريش وأودية هذا الجزء اتجاهها شمالى جنوبى وتصريفها شمالى، أما القطاع الشرقى من إقليم الهضاب الوسطى فهو أقل ارتفاعاً وتتخلله أودية تتجه نحو الشرق أشهرها وادى العريش.
ويقع هذا الوادى فى معظمه وروافده داخل الإقليم الأوسط فى سيناء، أكبر أودية سيناء بل من أكبر الأودية الصحراوية فى مصر كلها وأكثرها اعتدالًا، وكان يطلق عليه فى العصور القديمة اسم «نهر مصر»، وروافد وادى العريش العديدة هى التى تفتح قلب سيناء للمواصلات والحركة التجارية والاستراتيجية وبها يتحدد كثير من الدروب والمدقات، لذا فإن الكثير جدًا من مواقع وسط وشمال سيناء المعروفة تقع على واحد أو أكثر من هذه الروافد فى نخل وبير جبل والحصن وبير غادة والثمد ثم الكونتيلا والقسيمة والصبحة على الحدود الشرقية، ويبلغ طول وادى العريش نحو 250 كيلو مترًا، وحوض صرفه يكاد يضم نصف مساحة سيناء هذا الوصف كان من الضرورى شرحه للأجيال من الشباب حتى يعرفوا طبيعة الأرض التى حافظ عليها الأجداد لتصل إليهم.
ويظل «الصمود والتحدى» ودور أبناء سيناء الوطنى شاهدًا على تاريخ الشرف والنضال قديمًا وحديثًا، وقد تم التحضير لمؤتمر واحتفال هذا العام بناء على الدعوة من منسق المجلس الأعلى لقبائل وسط سيناء بلال سويلم بلال فى ديوان الشيخ محمد أبوعنقه بقرية بغداد فى وسط سيناء وبحضور النائب جازى سعد منظم الاحتفالية فى موطن رأسه بقرية «الجفجافة».
ورصدنا خلال الاحتفالية بديوان قبيلة الأحيوات ما يزيد على١٠٠٠ شخص جاءوا تلبية لدعوة النائب جازى سعد، بحضور بلال سويلم بلال، شيخ الترابين، القاطن بقرية المقضبة محل إقامته، إذ أكد أن الجميع انتبه لذكرى الصمود والتحدى بفضل جهود «روزاليوسف»، وقد طالبت المسؤلين بضرورة دراسة هذه الواقعة تاريخيًا لتصحيح بعض المعلومات للشباب الجديد، قائلًا: «أنا آخر شاهد عيان على مؤتمر الحسنة وأيامنا أصبحت قليلة وقد أدينا الواجب الوطنى نحو سيناء ورجالها الأبطال فى الماضى وأريد أن أذكّر الجميع بأن سيناء تحتاج إلى مزيد من التعمير، خاصة أن هذه الأرض ستظل مطمعًا للعدو على مر التاريخ».
وعلى هامش احتفالية قيادات سيناء بالصمود والتحدى، استلم محافظ شمال سيناء ومشايخها ونوابها كتاب «السيرة السيناوية»، هذه الملحمة التاريخية التى أصبحت مرجعًا أعاد توثيق البطولات السيناوية خلف خطوط العدو لبدو سيناء الأبطال، ومحمد نبيل يونس، المؤلف، قدم هذا التوثيق إلى اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، واللواء عاصم عبدالغفار سعدون، نائب محافظ شمال سيناء، وعدد من رجال القوات المسلحة فى سيناء، واللواء أحمد العوضى، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى، وأمين حزب حماة وطن، واللواء وائل مصطفى، رئيس جهاز تعمير سيناء، ورئيس جمعية مجاهدى سيناء، الشيخ عبدالله جهامة، والبطل الوحيد المتبقى على قيد الحياة الشيخ بلال سويلم، أحد شهود العيان على مؤتمر الحسنة، كذلك المضيف بالجفجافة الشيخ جازى سعد، نائب مجلس النواب عن شمال سيناء، والنائبة عايدة السواركة عضو مجلس النواب، وحرم الشهيد بطل الشرطة اللواء محمد سلمى السواركة، الذى استشهد عند مقاومته الإرهاب فى سيناء.
كتاب السيرة السيناوية الصادر عن اتحاد كتاب مصر لمؤلفه الكاتب محمد نبيل محمد قال: إن الكتاب صادر عن اتحاد كتاب مصر برئاسة المفكر الدكتور علاء عبدالهادى نقيب كتاب مصر ورئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب وهو الجزء الأول، حيث يضم عددًا من أبطال أبناء سيناء، وهم: أحمد حسن عباس، وبلال سويلم، ورشاد خليل حجاب، وعبدالله جهامة، وعودة صباح لويمى، ومنصور عيد، وفهيمة الهرش، والطفل صالح عطية، وسالم الهرش، ومحمود السواركة، وفرحانة حسين إبراهيم، ومتعب هجرس، ونصر عودة، علمَا بأن السيرة السيناوية على لسان أصحاب البطولة أنفسهم أو أبنائهم الذين شاركوهم «الثأر».
وتابع: سيتم إصدار الأجزاء التالية لتضم جميع أبطال سيناء الذين كانوا السمع والبصر لقواتنا المسلحة فى سيناء بعد نكسة يونيو ٦٧، وقاموا أيضًا بالعديد من العمليات الفدائية ضد العدو الصهيونى، موضحًا أن أحد أهداف كتاب السيرة السيناوية، إعطاء بعض الحق لهؤلاء الأبطال من أبناء سيناء وتقديم نموذج البطولة والتضحية والفداء للأجيال المقبلة وتقديم مادة ثرية لصناع الدراما الوطنية.