الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
بطولات وتحرير وتنمية وتعمير

بطولات وتحرير وتنمية وتعمير

سيظل الخامس والعشرين من أبريل 1982، عيدًا قوميا يحتفل به المصريون سنويا منذ 42 عامًا، كأحد ثمار حرب العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر 1973 العظيمة التى تم فيها استرداد الكرامة وتحرير كامل التراب الوطنى، وباعثًا على مواصلات الجهد والعمل، وفخرًا لنا جميعًا ولأبنائنا وأحفادنا من بعدنا، ورمزًا للتضحية والفداء والبطولة والوطنية الصادقة من أجل عزة وكرامة وتراب الوطن والمنطقة العربية والحفاظ على مقدراتها بانسحاب آخر جندى إسرائيلى، ورفع العلم المصرى فى مدينة رفح على أقصى الحدود المصرية الدولية وفق معاهدة كامب ديفيد، التى استكملت بعد ذلك إلى مدينة طابا التى تم استردادها بالتحكيم الدولى فى 15 مارس 1989.



 ليكتمل بذلك تحرير كامل الأرض المصرية والجزء العربى العزيز الآسيوى فى إقليم مصر بالكامل، وكذا تحرير الإرادة المصرية وأيضًا هى البداية والإذن لمزيد من العمل والجهد والبناء والتعمير ولكن كيف؟ وهناك من يتربص بنا دائمًا بخلق حالة من عدم الاستقرار فى الأوضاع الداخلية والاقتصادية والأمنية بإتباع أصحاب المصالح المضادة لأساليب وسياسات وممارسات تهدف إلى عرقلة المزيد من المسيرة التقدمية المصرية التى تأخذ مصر إلى المكانة اللائقة بها وخلق حالة من زعزعة الأمن والاستقرار الداخلى وليس فى مصر فقط، ولكن فى دول الجوار وخاصةً دول الجوار المباشر وغير المباشر للاستيلاء على ثرواتها.

وأيضًا فى ظل حالة كبر وشمول المغيرات الإقليمية والدولية وتنوعها وإتباع أساليب معاصرة والمعروفة بـ«حرب المعلومات» ومشتملاتها وجرائمها المعروفة بحروب القيادة والسيطرة والاستخبارات والحرب الإلكترونية والعمليات النفسية وقرصنة المعلومات والحرب الاقتصادية والسيبرانية.

«الحمد لله»، تصدت مصر لتلك الضغوط والمتغيرات والتى كانت ومازالت تهدف إلى وضع الشعب وقياداته تحت ضغوط نفسية وإحداث خلل فكرى خاصة لفاقدى المعرفة بل ومتخذى القرار كل ذلك بفضل الظهير الشعب القوى والمؤمن بقياداته وأبنائه وكذا جذوره العميقة الممتدة من آلاف السنين وحتى الآن التى مكنته من مواجهة ومجابهة أبرز مخططات والمراحل وهذه الضغوط والحرب.

ومن أهم تلك المراحل مرحلة الكفاح المسلحة، والتى استمرّت لألف يوم، والمعروفة باسم حرب الاستنزاف منذ «نكسة 1967»، والمرحلة الثانية وهى مرحلة بناء حائط الصواريخ والتى تصدت فيها قوة الدفاع الجوى وأمنت قواتنا المسلحة أثناء عملية اقتحام قناة السويس وتدمير خط برليف وبترت فيها الذراع الطولى لإسرائيل، والمرحلة الثالثة هى شن حرب وإقتحام قناة السويس وتدمير خط برليف، والمرحلة الرابعة مرحلة استكمال تحرير الأرض بالمفاوضات السياسية والتحكيم الدولى حتى 19 مارس 1989.

هذا وإن دل على شىء لم تتوقف المراحل والضغوط على مصر عند ذلك بل تجاوزتها إلى مرحلة خامسة وهى مرحلة اختطاف الدولة وزرع ونشر الجماعات والتنظيمات الإرهابية، والتى تم القضاء عليها وبزر فيها دور الشعب المصرى خاصة فى 30 يونيو 2014، ثم تأتى بعد ذلك المرحلة السادسة وهى مرحلة الاستقرار والتنمية والتعمير، وهى تعتبر مرحلة تعزيز التماسك الاجتماعى وتوفير الأمن والأمان للمواطنين كافة، بما يسهم فى تحقيق الأمن والاستقرار وتوفير فرص مواصلة برامج التطور والتنمية والتقدم من خلال تحديد هدف رئيسى وأساسى يتمثل فى بناء الدولة وحفظ وتناسق المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة من خلال وضع استراتيجية مصرية حتى عام 2030، بل ويمكن أن تمتد حتى عام 2050، بهدف أساسى ورئيسى هو تعمير سيناء، حيث يتواجد بها نحو 6 ملايين مصرى لتكون بذلك مرحلة رئيسية من مراحل التنمية.

وتكون مصر فيها من أفضل 30 دولة فى العالم من خلال تثبيت أركان الدولة المصرية وتقوية المؤسسات التنفيذية والتشريعية وتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب والإصلاح الاقتصادى وزيادة الإنتاج ومكافحة الفقر وتعزيز آليات بناء الإنسان المصرى والأساس فى كل شىء هو التنمية البشرية.

كل ذلك تضمنته مجالات مختلفة من الحياة اقتصاديًا وصناعيًا وصحيًا وتعليميًا، وأيضًا إنشاء العديد من شبكات الكهرباء والمياه والطرق التى وصلت إلى نحو 7 آلاف كم، والاهتمام أيضًا بالصرف الصحى ووضع استراتيجية لإصلاح التعليم والاهتمام بقطاع الشباب وتأهيله وتعزيز جهود الجهات الرقابية ومكافحة الفساد، والتحصن بقوة ردع شاملة للقوات المسلحة، بحيث تكون قادرة على صيانة الأمن القومى المصرى، من خلال تطوير وتحديث كل مكوناتها.

ومن أبرز المصاعب التى واجهتنا فى المنطقة ـ إن شاء الله يتم التغلب عليها ـ هى الزيادة السكانية والأمية والبطالة والفقر ومقارنتها بالنسبة للمعدلات العالمية، فضلاً عن الأمن الغذائى والمائى الذى نقص فيه نصيب الفرد إلى 600 م3/سنويًا، مقابل المعدل الطبيعى العالمى والذى يصل إلى 1000 م3/سنويًا، علاوة على مجابهة ومواجهة الخارجية التى تهدف إلى إدخال مصر فى صراعات إقليمية، ووضع حد للصراعات الداخلية بدول الجوار المباشر وخاصةً على حدودنا الجنوبية والغربية والشرقية، وما يتعرض له البحر الأحمر وقناة السويس من معوقات.

بالإضافة إلى ذلك هناك التحديات والمصاعب الأخرى، مثل كورونا وتداعياتها وما عانيناه منها، بجانب عدم التكافؤ بين الاستثمار والنمو السريع لطاقة العمل، وضعف الإدراك والوعى المجتمعى فى مواجهة الشائعات والعمليات النفسية، والحمد لله تخطينا هذه المرحلة، كما يسهم الإعلام فى زيادة هذا الوعى.

مشروعات التنمية فى مصر، شملت العديد من الاتجاهات حيث تم إنفاق نحو 7 مليارات جنيه على المشروعات القومية الكبرى وللاستثمارات، «مشروع المليون ونصف مليون فدان ومنها 500 ألف فدان فى 9 مناطق ومن ضمنها الفرافرة والداخلة»، بجانب مجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير قناة السويس، ومشروع محطة الطاقة النووية فى الضبعة «الطاقة السلمية»، ومحطة الطاقة الشمسية ببنبان فى أسوان، بالإضافة إلى للعديد من المشروعات الآخرى التى نؤكد فيها على الاستثمار فى سيناء، وخاصةً فى العديد من المجالات التى تواجه التحديات والصعوبات التى تتعرض لها الدولة.

أما بالنسبة للمشروعات فى سيناء، فتشمل إنشاء 2400 كم من الطرق أهمها وأبرزها «وادى سعد ـ سانت كاترين ـ دهب ـ نوبيع»، وإنشاء 4 أنفاق ليصل عددها إلى 6 أنفاق، وتطوير ورفع كفاءة 6 موانئ ومنفذين بريين فى مدينتى طابا ورفح، بالإضافة إلى وجود 5 مناطق صناعية داخل سيناء ومنطقة جديدة بوسط سيناء، وتطوير منطقة آخرى فى أبوزنيمة، وإنشاء منطقة اقتصادية بقناة السويس، ومصنع أسمنت بالعريش بطاقة إنتاجية 7 ملايين طن، علاوةً على مصنع تعبئة الأسماك فى البردويل، وإقامة لصناعات الرخام فى الجرجافة، وفى مجال الخدمات الكهربائية تم إضافة ربع مليون مشترك للشبكة، وضخ 10 مليارات جنيه لتطويل وتطوير الشبكات الكهربائية، وفى مجال الاتصالات هناك 549 جهة من إجمالى 703 جهات يقومون بالاتصالات، وفى مجال مياه الشرب والصرف الصحى إنشاء محطات معالجة المياه المتواجدة فى بحر البقر و سرابيوم، وحفر آبار و39 محطة تحلية لمياه البحر، و19 محطة تحلية لمياه الآبار.

وفى مجال الإسكان، بناء 47 ألف وحدة سكنية و2794 منزلا بدويا و2674 وحدة سكنية بجنوب سيناء، بالإضافة إلى المنشأت الآخرى بمناطق الطور وخلافة، وفى قطاع الزراعة هناك استصلاح ما يزيد 275 ألف فدان من إجمالى 400 ألف فدان مستهدف استصلاحهم، وفى مجال الحماية من أخطار السيول تم إقامة سدود ومخرات للسيول بتكلفة 50 مليون جنيه، وفى مجال السياحة إطلاق مشروع التجلى الأعظم بالوادى المقدس، وتطوير المتاحف الآثرية، وإنشاء مطار البردويل، وفى مجال بناء الإنسان والتعليم فتم إنشاء وتطوير 131 مدرسة تضم 1300 فصل مدرسى، وفرع جامعة السويس بمدينة الطور، وجامعة الملك سليمان بفروعها الثلاثة بشرم الشيخ والطور وسيناء، وفى المجال الصحى تطوير وإنشاء 13 مستشفى و42 وحدة صحية وتوفير مخزون استراتيجى للأدوية بالعريش، وفى مجال الرياضى إنشاء 60 ملعبا خماسيا، وفى برنامج الحماية الاجتماعية «تكافل وكرامة» أمتد إلى 181 ألف أسرة فى سيناء.

وبالطبع لا ننسى ولا نغفل الدور الهام والرئيسى لتعاون أهالينا فى سيناء مع القوات المسلحة فى حماية الحدود وتنفيذ مهامها فى القضاء على الإرهاب، وعلى أرسها تشكلت مجموعات مجاهدى سيناء والتى كان من أبرز شخصيتها الشيخ فريد من منطقة الدوم فى نوبيع، والشيخ حسن خلف الملقب بـ»النمر الأسود»، وعودة الصباح من قبيلة الترابين، وموسى الرويشد الملقب بـ»مهندس الألغام»، والشيخ سمحان أحد أهم مشايخ جنوب سيناء وأكثرهم خبرة ودراية لدورة فى بث روح التحدى والتصدى للإرهاب، والشيخ معتب هجرس، والمجاهدة فاهيمة «حاملة الجهاز اللاسلكى المتنقل» ودورها فى نقل الأفراد خلف خطوط العدو والتى كرمها الرئيس، وفى النهاية أتمنى لأهالينا فى سيناء وشعب مصر بالكامل كل الرخاء والتقدم والاستقرار والأمن والأمان، ولأبنائنا من الأجيال القادمة أن يستفيدوا وأن يأخذوا من روح أكتوبر درسًا عظيمًا.