أسر الشهداء: أبناؤنا بذلوا الدماء فليواصل شباب الوطن البناء
سلوى عثمان
ضحوا بأرواحهم فداء للوطن وضربوا أروع الأمثال فى الإخلاص والشجاعة وحب مصر مؤكدين أن حياة أبنائهم لم تذهب هباءً، إذ تحقق الهدف الأسمى من الشهادة وهو حماية الوطن وتطهيره من الإرهاب.
هكذا تحدثت أسر الشهداء عن أبطالهم، مشيدين بالجهود التى يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسى لإحداث نهضة تنموية وزيادة حجم الاستثمارات وإنشاء بنية تحتية وإعادة هيكلة المنظومة الصحية، والاهتمام بمحدودى الدخل فى ظل حياة كريمة.
أسر الشهداء لفتوا فى تصريحات لهم خلال احتفال مصر بأعياد تحرير سيناء أن الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه الحكم كان يضع سيناء نصب عينيه بدءًا من العمليات الشاملة التى بدأت عام 2018 لتطهيرها من الإرهاب وسد البؤر التخريبية؛ مما أثلج قلوبنا بأن مصر لم تنس حق الشهيد.
كما طالبوا الشباب وجموع الشعب المصرى بضرورة تضافر الجهود والاستمرار فى عمليات التنمية ومساندة الرئيس فى الخطوات التى اتخذها للنهوض بالدولة.
الحاجة سعاد على
قالت الحاجة سعاد على يوسف والدة الشهيد النقيب محمد سيد عبدالعزيز (محمد أبوشقرة) إن دم الشهيد لم يذهب هباء، حيث أعدت الدولة خططًا من خلال المداهمات والعمليات الشاملة فى سيناء عام ٢٠١٨ على يد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهذا ما وعدنى إياه ووعد ابنى خلال رؤيا رأيتها بعد استشهاد ابنى رأيت الرئيس يرتدى تى شيرت أبيض ويصعد على جبل عالٍ مثل جبل النور، ويوصل بسرعة البرق وكان ما يشغل تفكيرى وانتباهى فى ذلك كيف يصعد دون سلم، فظللت أسأل ابنى محمد الذى كان بجوارى وكان يرتدى جِلْبابا مغربيا يرتديه أثناء تواجده بمكة المكرمة، وكل تركيزه ونظره على الرئيس ولَم يعرنى أى اهتمام فإذا بالرئيس يخرج من جيبه علمًا صغيرًا لمصر فإذا به يتحول لعلم كبير يغطى جميع أرجاء الجبل، ونظر إلى ابنى وأقسم (وعزة وجلال الله يا أبوشقرة سينا ما هاتضيع مننا ولا حد هايقدر ياخدها) لذا اعتبر هذا الرؤيا بمثابة رد على تخوفاته ويطمئنه الرئيس أننا لم نَفَرط فى شبر واحد من سيناء.
وقالت الحاجة سعاد إن ابنى استشهد فى حقبة تولى الإخوان حكم مصر، حيث غدر به من قبلهم ونحن نحتسبه شهيدًا عند الله ونتمنى أن نلحق به وإن كان استشهاده سببًا فى سقوط نظام الإخوان ونهوض مصر فنحن فخورون بها، لافتة إلى أن الجماعات الإرهابية لقبت ابنها بالشبح لأنه رصد كثيرًا منهم داخليًا وخارجيًا.
واختتمت حديثها عن أهم صفات ابنها حيث كان يتسم بالتواضع فلا يفرق فى المعاملة بين المجند والضابط، ويأكل مع المجندين على الأرض ويقول إن أكرمكم عند الله أتقاكم.
سلوى محمد أم المجند مصطفى خضر
تقول الحاجة سلوى محمد أحمد أم الشهيد مجند مصطفى خضر سليم: «ابنى كان الضهر والسند والعائل الوحيد لنا بعد مرض والده وكان نفسى يفرح معانا بعد استقرار أمورنا المادية عقب سنوات الشقاء والتعب التى عاشها معنا».
هكذا بدأت سلوى محمد أحمد على حديثها معنا وهى تبكى بحرقة ابنى مات عريس وارتديت الملابس البيضاء فى جنازته، كما وعدته بأن أرتديها ليلة زفافه فمصطفى أول فرحتى من مواليد ٢ مارس ١٩٩٣ ببورسعيد.
بدأت رحلة الكفاح الحقيقية لابنى فلذة كبدى مبكرًا والذى لم يستمتع بطفولته مثل باقى الأطفال كان أمرا مُرهِقا جدًا على طفل فى سنه أن يتحمل العمل بثلاث وظائف فى وقت واحد، نهارًا فى الاستثمار، وبعد الظهر كان يعمل فى محل شنط، وفى المساء يعمل فى تصوير الحفلات، وساعدنى كثيرًا على معاناة الحياة المادية.
وعندما أتم عامه التاسع عشر من العمر، قام بتقديم أوراقه للجيش لأداء واجبه الوطني، وفِى هذا الْيَوْمَ التقى جميع أصدقائه وقالوا له حد يقدم فى الجيش من غير ما يتم استدعاؤه فقال لهم، أنا بحب مصر ونفسى أموت شهيد فظلوا يمزحون انت بتتمنى الشهادة وانت لسه أول يوم وكانت أبواب السماء مفتوحة فرد عليه صديقه محمد مصطفى أنا كمان نفسى أموت شهيد وسبحان الله محمد استشهد قبل مصطفى فى أحداث سجن بورسعيد أيام ثورة 25 يناير، وكان مصطفى فى الجيش واتصل بى وبوالده وهو بيبكى وطلب مننا منسبش أمه ولازم نقف بجانبهم كأنه موجود.
وتستكمل حديثها بقولها لقد مر 9 أشهر على مصطفى فى الخدمة العسكرية، وكان فيها مثالا فى الالتزام والخُلُق الحسن بين زملائه وبسبب مهارته الفائقة فى قيادة السيارات فقد كان سائقا ولم يكن مُرتبًا لمصطفى أن يخرج هو فى المأمورية التى استُشهد فيها، إذ كان مكلفًا بها مجندٌ آخر من زملائه، لكنه مرِض، فتم تكليف ابنى فذهب برفقة 5 شهداء آخرين- ضابط وأربعة من زملائه المجندين- لإحضار تعيين الكتيبة.
وعلى طريق أبوصوير بالإسماعيلية، أطلق التكفيريون وابلًا من الرصاص تجاه المأمورية لإجبار مصطفى على التوقف، فأصيب مصطفى، ورغم إصابته ظلّ ملتزمًا بتوجيهات الضابط المرافق له ورفض التوقف، واستمر فى المناورة بالسيارة رغم النزيف الشديد، حتى تمكن التكفيريون من إيقافهم، فاستشهدت المجموعة بالكامل.
الحاجة منال صابر
تقول الحاجة منال صابر شبكة، والدة الشهيد محمد جودة السواح، تمنى ابنى الشهادة وهو فى سن العاشرة فى المرحلة الابتدائية أثناء عمل العمرة وأمام الكعبة وجدناه يدعو الله عز وجل أن يكون ضابطا وينال الشهادة فتعجبت أنا ووالده من هذه الدعوة المقترنة بالشهادة، كيف عرف معنى الشهادة؟ وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة فاستجيبت دعوته.
وأوضحت أم البطل أن ابنها ولد بقرية برق العز بمحافظة الدقهلية فى ٣ فبراير عام ١٩٩٠ وكان طفلا محبا لأهله بارا بوالديه، وقالت إن الشهيد كان محبا لأسرته مسئولًا عنها بعد وفاة والده والذى وافته المنية وهو فى السنة الثالثة من كلية الشرطة فقد كان مسئولًا عن أخيه عمار رحمه الله والذى كان يصغره بـ١٥ عاما وأخته عفاف وكذا كانت علاقته وطيدة بجدته أم والدته ويدللها ويناديها باسمها (سعدة) وكانت تعشقه لدرجة أنها عندما علمت بخبر استشهاده فقدت بصرها من كثرة بكائها وحزنها عليه.
أصر ابنى بعد عمله فى الأمن المركزى بالعمليات الخاصة أن يكتب فى الرغبات أن تكون أرض الفيروز مقر عمله إلى أن استشهد بها.
الحاجة سعيدة العطار أم البطل كريم فؤاد أبوزامل
تقول الحاجة سعيدة العطار والدة الشهيد كريم فؤاد أبوزامل ابنى تربى يتيما حيث توفى والده وعمره ٩ سنوات فتحمل المسئولية مبكرًا لافتة إلى أن ابنها كان متفوقا ويحلم منذ صغره أن يكون ضابطا سواء بالجيش أو الشرطة وبعد الثانوية العامة قام بتقديم أوراقه بكليتى الشرطة والحربية وللأسف لم يستكمل اختباراته فى الحربية وحزن حزنا شديدا فكنت أثلج صدره بأن الله لن يضيع أحلامه التى طالما دعى الله أن يحققها له وبالفعل تم التحاقه بكلية الشرطة عام 2006، وكان مثالا للطالب المتميز أخلاقيًا ودراسيًا وملتزما فقد كان حريصا على عدم الغياب وكان متفوقا خلال فترة الدراسة ومن أوائل دفعته عام ٢٠١٠ الدفعة التى أطلق عليها دفعة «الشهداء» لكثرة من استشهدوا منها.
وقالت إن ابنها كان يؤمن أن تأمين الحدود المصرية من أولويات الدفاع عن الوطن إذ إن مصر كانت محط أطماع قوى خارجية سواء إرهابية وخلافه، مؤكدة أن جنود مصر البواسل استطاعوا ان يحافظوا على البلاد وتأمين حدودها.
وأضافت العطار أن كريم اختار بنفسه العمل فى مديرية أمن المنيا، وعمل بقسم شرطة مطاى، وكان بشهادة الجميع مثالا لضابط الشرطة المحترم المجتهد، فكسب حب رؤسائه وزملائه معًا، والأهم أنه كسب حب الناس.
وقالت إن الإرهابيين ترصدوا الشهيد لأنه الشاهد الوحيد فى أحداث المنيا وبعد أسبوع فقط من تاريخ إدلاء كريم بشهادته، وأثناء عودته برفقة ضابط زميله وفرد شرطة من معاينة جريمة قتل، وفى منطقة صحراوية بنجع أولاد جمعة، فوجئوا بسيارة هيونداى تحمل لوحات شمال سيناء يستقلها 3 مسلحين، فأُصيب بطلق نارى فى الصدر نتج عنه تهتك فى القلب والطحال والبنكرياس ليلقى ربه شهيدا.
الحاجة عفاف شاش والدة الشهيد محمد أنور جمعة عبدالكريم
ناشدت عفاف شاش والدة الشهيد محمد أنور جمعة عبدالكريم الشباب بالوقوف خلف الرئيس عبدالفتاح السيسى والحفاظ على مصر واصفة ذلك بأنه أبسط قواعد الدفاع عن الوطن.
وأوضحت شاش أن الشهيد تخرج عام ٢٠٠٩ في كلية الشرطة وتم تعيينه فى مديرية أمن الجيزة قسم الوراق وبعد عامين طلب نقله لشمال سيناء، وكنت لا أعلم بالنقل وعندما قلت له (مالقيتش غير شمال سيناء يابنى) قاللى بالحرف الواحد مصر فى خطر ولازم ندافع عنها واستمر هناك ثلاث سنوات وطلب مد سنة أخرى للعمل هناك وعندما حدثته بلغة اعتراضية خوفا عليه باعتبارى أم قال لى (طلبت الشهادة من ربنا ماجتشى فى الثلاث سنوات يمكن ربنا يكرمنى بيها فى السنة الرابعة) وبالفعل استشهد ابنى فى ١٩ فى يونيه ٢٠١٦ الموافق ١٤ رمضان واستشهد صائما إثر زرع متفجرات أثناء المرور بالدورية.
الحاجة سهام صلاح شرف الدين والدة الشهيد أحمد حجازي
وصفت سهام صلاح شرف الدين والدة الشهيد أحمد حجازى ابنها بأن التربية الدينية والأخلاق الرفيعة واحترام الكبير هى أهم سماته، وأن قصة حياته ملهمة لكى يقتدى بها الشباب، وأنه كتب وصيته قبل استشهاده بثلاث سنوات، حيث أوصى بثلث ماله لمستشفى السرطان والتبرع بأعضائه وتقوى الله.
وأضافت صلاح أن ابنها تفوق فى الثانوية وحصل على مجموع ٩١٪ وأصر على الالتحاق بكلية الشرطة، ولكن لم يحالفه الحظ فى الاختبارات والتحق بالفرقة الأولى كلية تجارة ولكن مازال حلم كلية الشرطة يراوده لذا كرر اجتياز التجربة مرة أخرى، وفِى هذه المرة بتوفيق الله تم قبوله بالشرطة حلم عمره منذ الصغر، حيث كان منذ نعومة أظافره يقوم بكتابة اسمه اللواء أحمد حجازى على جدران المنزل والشوارع وكذا يرسم نفسه بالملابس العسكرية ويحمل سلاحا هكذا كانت أحلامه.
وأشارت إلى أنه قبل تخرجه بأشهر كتب فى الرغبات الخاصة بتوزيع المناطق أول رغبة شمال سيناء رفح، وعلمت بذلك بعد تخرجه مباشرة، وكان ذلك بعد اندلاع ثورة يناير ٢٠١١ بأربعة أشهر فكانت الأجواء ملتهبة وفِى ظل هذه الأحداث قبل استلام عمله يساعد أهل قريته فى تأمين المنطقة؛ بسبب الانفلات الأمنى وهروب كثير من العناصر الإرهابية من السجون.
واختتمت حديثها بقولها اتصل بى ابنى ليلة الحادث واطمأن علىّ وحدث أخوه الوحيد أمير وكان يؤكد أن إجازته ستنتهى يوم الثلاثاء وسيعود ليقضى إجازته، وبذلك يكون قد أتم مده الثلاث سنوات برفح التى عشقها وكان يربطه بها غرام لينتقل إلى الغردقة وكنت فى انتظاره على أحر من الجمر، وأعددت كل ما لذ وطاب للاحتفال برجوعه ولكن القدر لم يمهلنا الفرح بابنى الذى كان من المقرر أن نحتفل بخطوبته بعد رجوعه، فسمعت الخبر الذى هزمنى وهو استشهاد ابنى فلم أصدق فى البداية، وقلت لنفسى ابنى مصاب، ابنى عايش، ولكن الأنباء أكدت حدوث انفجار لغم أرضى أثناء مرور قوة أمنية تستقل مدرعة لتفقد طريق «الشيخ زويد- رفح» بشمال سيناء، صباح الثلاثاء الموافق 2 سبتمبر 2014، ما أسفر عن استشهاد ابنى و10 مجندين.