قنصل عام الصين بالإسكندرية «يانج يى» لـ«روزاليوسف»: مصنع «هاير» نموذج لقوة الشراكة مع القطاع الخاص المصرى
نسرين عبد الرحيم
خلال العشر سنوات الماضية، تطورت العلاقات «المصرية - الصينية»، ووصلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، حيث أكد القنصل العام للصين بالإسكندرية «يانج يى»، أن بلاده هى أكبر شريك تجارى لمصر، وساهمت الشركات الصينية فى تنفيذ العديد من المشروعات التنموية العملاقة التى دعمت الاقتصاد المصري، مضيفًا فى حواره لـ«روزاليوسف»، أن السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية هو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مشيدًا بدور مصر خلال الأزمة وسعيها لإيصال المساعدات للقطاع.
■ فى البداية.. حدثنا عن حجم الاستثمارات الصينية فى الدول الإفريقية والشراكة مع مصر؟
- من عام 2000 إلى 2023، تجاوز حجم التجارة بين الصين وإفريقيا 2 تريليون دولار، ما جعلها أكبر شريك تجارى للقارة السمراء، وتجاوز الاستثمار المباشر 47 مليار دولار، فضلًا عن أن العلاقات بين «القاهرة وبكين»، هى نقطة الانطلاق فى العلاقات بين الصين والقارة السمراء، إذ تُعد القاهرة مركز الإنتاج فى إفريقيا، وتلبى احتياجات القارة من السلع المصنعة، وتعزز التجارة البينية الإفريقية والتكامل الاقتصادى الإقليمي، لذلك أصبحت الصين شريكا مهما فى دعم الصناعة التحويلية بمصر، بالإضافة إلى أن الشركات الصينية تواصل الاستثمار فى جميع القطاعات المصرية، حيث تقوم بتشييد المصانع والعمل فى 8 مناطق صناعية، ضمن مبادرة «الحزام والطريق»، ما أسهم فى نقل الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة وتطوير الصناعة فى مصر.
■ كيف تدعم «بكين» توطين التكنولوجيا فى مصر؟
- يعد التعاون العلمى والتكنولوجى جزءًا مهمًا من التعاون بين البلدين فى بناء مبادرة «الحزام والطريق»، وفى السنوات الأخيرة، تم توسيع التعاون فى مجال العلوم والتكنولوجيا بشكل مستمر، وتم تحقيق نتائج عملية فى التكنولوجيا الزراعية والأقمار الصناعية الفضائية ونقل التكنولوجيا وغيرها من المجالات، مما عزز البناء المشترك لـ«الحزام والطريق» بين الصين ومصر، على سبيل المثال، فى مجال الفضاء الجوى، استضافت الأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا التابعة لجامعة الدول العربية «منتدى التعاون الصينى العربى الرابع «بيدو»، لتعزيز التعاون فى مجال الملاحة عبر الأقمار الصناعية بين الصين والدول العربية، علاوة على تنفيذ مشروع القمر الصناعى مصر «سات-2» بمساعدة الصين، ففى ديسمبر 2023، تم إطلاق القمر الصناعى بنجاح، وفى مارس من هذا العام سلمته الصين رسميًا إلى مصر، وفى نوفمبر 2021، وقعت الصين ومصر «اتفاقية التعاون الاقتصادى والتكنولوچى»، وهو مظهر مهم للتعاون العملى رفيع المستوى بين الصين ومصر فى إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وقد عزز البلدان التعاون التنموى فى مجالات الصحة والتعليم والنقل والاتصالات والمعلومات والفضاء، ناهيك عن تنفيذ عدد من مشاريع التعاون المهمة، بما فى ذلك مشروع السكك الحديدية الخفيفة بمدينة العاشر من رمضان، والمركز المصرى لتجميع واختبار الأقمار الصناعية والذى حقق نتائج مثمرة، ونحن مستعدون للعمل مع مصر لضخ زخم قوى فى تسريع تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 وتحقيق التنمية المستدامة العالمية.
■ خارطة التحالفات العالمية تغيرت فى أعقاب الأحداث الجارية.. كيف ترى ذلك التغيير؟
- من أجل القضاء على الأسباب الجذرية للصراعات الدولية، وتحسين إدارة الأمن العالمى، وتحقيق السلام والتنمية الدائمين فى العالم، أطلق الرئيس شى جين بينج مبادرة «الأمن العالمى» لتعزيز إنشاء مفهوم الأمن العالمى بنظام مشترك وشامل وتعاونى ومستدام، داعيًا إلى تحسين الأمن العالمى عبر تعزيز التعاون الدولى والعمل بشكل مشترك على بناء مجتمع آمن عالمى ذى مستقبل مشترك للبشرية، ولقيت المبادرة ترحيبًا واسع النطاق واستجاب لها المجتمع الدولى بشكل إيجابى منذ اقتراحها باعتبارها عرضًا عالميًا لـ «مفهوم الأمن القومى الشامل»، وحظيت بدعم وتقدير من أكثر من 100 دولة ومنظمة، كما توسطت الصين فى المصالحة بين «السعودية وإيران»، مما يقود موجة التصالح فى الشرق الأوسط، فضلًا عن إصدار أوراق موقف حول حل النزاعات الدولية مثل الأزمة «الأوكرانية» والقضية الفلسطينية، من أجل المساهمة فى الحل السلمى للقضايا الساخنة.
■ كيف انعكست التنمية الاقتصادية فى الصين على الاقتصاد العالمى؟
- لقد تحسن وانتعش الاقتصاد الصينى فى العام الماضى مما وفر القوة الدافعة والاستقرار للاقتصاد العالمي، علاوة على تعزيز التنمية عالية الجودة فى الصين بقوة، مما ضخ المزيد من الحيوية والثقة فى انتعاش الاقتصاد العالمي، ومع دخول العالم فترة جديدة من الاضطراب والتغيير وعدم كفاية النمو الاقتصادى العالمي، أظهرت التنمية الاقتصادية فى الصين خصائص «الاستقرار والتقدم»، فقد تجاوز حجم الاقتصاد خلال عام 2023، نحو 126 تريليون يوان بزيادة قدرها 5.2% وتعادل هذه الزيادة الاقتصادية الإجمالى الاقتصادى السنوى لدولة متوسطة الحجم، ولقد حقق الاقتصاد الصينى القائم على الابتكار نتائج ملحوظة مع وجود قوة دافعة قوية للتنمية عالية الجودة.
■ ارتفع حجم التبادل التجارى والاستثمارى بين الصين ومصر.. كيف ترى ذلك؟
- فى السنوات الأخيرة، تحت القيادة الاستراتيجية للرئيس عبد الفتاح السيسى ونظيره الصينى شى جين بينج، حقق التعاون بين مصر والصين فى مختلف المجالات نتائج مثمرة، حيث أصبحت الصين أكبر شريك تجارى لمصر لمدة 11 عاما متتالية منذ عام 2013، وساهمت الشركات الصينية فى بناء «أطول مبنى فى إفريقيا»، وأول خط سكة حديد كهربائى خفيف فى القارة، علاوة على أن مصر أصبحت أول دولة إفريقية تتمتع بقدرات كاملة للأقمار الصناعية، بالإضافة لاستكمال أكبر مشروع لتحديث شبكات الكهرباء فى التاريخ، وأكبر قاعدة صناعية لإنتاج الألياف الزجاجية وأكبر مخزن لتخزين اللقاحات، وأكبر تجمع لإنتاج الأسمنت على أعلى مستوى تقنى فى إفريقيا، بالإضافة لمشروع مترو الإسكندرية، كما اجتذبت منطقة التعاون الاقتصادى والتجارى بالسويس «تيدا» التى أنشأها الطرفان بشكل مشترك أكثر من 100 شركة للاستقرار فيها مما يوفر فرص عمل بشكل مباشر وغير مباشر لنحو 50 ألف مصرى، وأصبحت منصة مهمة لتعزيز الاستثمار والتعاون التقنى بين البلدين، فضلاً عن تقديم المؤسسات المالية الصينية نحو 10 مليارات دولار فى أشكال تمويل مختلفة لمصر لتنفيذ عدد كبير من المشروعات الرئيسية.
■ ماذا عن «سندات الباندا» التى أصدرتها مصر فى الصين؟
- أصدرت مصر «سندات الباندا» فى الصين بقيمة 3.5 مليار يوان لتصبح أول دولة إفريقية تصدر مثل هذه السندات، وهو ما يدعم بقوة التحول الاقتصادى الأخضر فى مصر، وترغب الصين فى مواصلة دعم مصر فى تعزيز البناء الاقتصادى والاجتماعى ومواصلة تعميق التعاون مع مصر فى مختلف المجالات.
■ هناك تقارب بين مصر والصين فى التعاطى مع القضايا الدولية.. فما موقفكم من القضية الفلسطينية؟
- بالنسبة إلى الوضع الفلسطينى الإسرائيلي، نعتقد أن الأولوية القصوى، هى وقف الحرب فى أقرب وقت ممكن لتجنب توسع الصراع أو حتى الخروج عن نطاق السيطرة والتسبب فى أزمة إنسانية خطيرة، فالسبيل الأساسى لحل الصراع المتكرر بين فلسطين وإسرائيل هو «حل الدولتين»، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتحقيق التعايش السلمى بين الدولتين، ونقدر الدور المهم الذى تلعبه مصر فى تهدئة الوضع، وندعم جهود مصر لفتح ممر إنسانى لإيصال المساعدات للقطاع، ونرغب فى تعزيز التنسيق مع مصر والدول العربية للتوصل إلى حل وشامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، وهناك عدد كبير من أعضاء الجالية الصينية قدموا مساعدات كبيرة لشعب غزة بشكل فردى، كما أن السفارة الصينية بالقاهرة أرسلت مساعدات أيضاً.
■ بمناسبة افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسى مصنع «هاير» وهو أول مصنع يحصل على الرخصة الذهبية.. كيف ترى ذلك؟
- القيادة السياسية فى مصر تدعم الاستثمار الأجنبي، وتعد الصين من أكبر الدول استثمارًا فى المشروعات المصرية، وكان آخرها مصنع «هاير» باستثمارات نحو 160 مليون دولار، وتوفر 2000 فرصة عمل، حيث تعمل الصين على توطين التكنولوجيا فى مصر.