الخميس 11 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الانحياز الأمريكى يضع المجتمع الدولى فى مأزق

أعادت حرب غزة الجدل حول مصير النظام العالمى القائم، حيث أكد د.محمد عليوة بدار رئيس قسم القانون الجنائى المقارن والقانون الدولى فى جامعة «نورثمبريا فى نيوكاسل ـ المملكة المتحدة»، أن ما وصفه بالخلل البنيوى فى توازن القوى فى منظومة الأمم المتحدة يمنعها من وقف جرائم الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد سكان غزة، موضحًا أن أسباب ضعف قرارات الأمم المتحدة يرجع إلى البنيان الهيكلى منذ إنشاء عصبة الأمم المتحدة وميثاقها، خاصة فى ظل وجود 5 دول فقط دائمة العضوية تتحكم  فى مصير العالم، وهو ما جعل أصواتًا كثيرة تطالب بإعادة هيكلة مجلس الأمن. 



 وأشار إلى أن التكوين الحالى لمجلس الأمن يعكس الوضع الجيوسياسى عام 1945 فقط، ولم يتغير مع الخريطة العالمية الجديدة والدول المنضمة لمجلس الأمن فى الفترة 1963- 1965، مستطردا: «لا تتمتع إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى على وجه الخصوص بالتمثيل فى المجلس الذى يتطلبه وضعها الحالى، ولذلك نشهد مطالبات بتشكيل المجلس بما يتناسب مع الواقع الجديد»، موضحًا أن وجود دولة فلسطين، رغم أنه مثير للجدل، إلا أنه أمر واقع.

ولفت إلى ما أسماه تخوفات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من الاعتراف بفلسطين كدولة، خاصة فى ظل الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل والمعروضة أمام المحكمة الجنائية الدولية، لدرجة وصلت لتهديد النائب العام بالمحكمة الجنائية الدولية ، متابعًا: « وهذا يفسر لماذا تصوت الولايات المتحدة دائمًا ضد الاعتراف بدولة فلسطين».

وقال« بدار»: «أصبحت فلسطين العضو رقم 123 فى المحكمة الجنائية الدولية فى 1 أبريل 2015، ومن خلال الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، يأمل القادة الفلسطينيون فى زيادة نفوذهم السياسى من خلال التهديد بتوجيه اتهامات ضد المسئولين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى الأراضى المحتلة»، مضيفًا: « لا توجد بالطبع شرطة دولية لإنفاذ أحكام محكمة العدل الدولية، لكن أى قرارات تتخذها يكون لها على الأقل تأثير على السمعة وعلى المستوى السياسى والدبلوماسى، بما فى ذلك الرأى العام وأيضًا بمثابة وصمة عار فى تاريخ إسرائيل».

وأكد أنه وفقًا للمادة 62 من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية، يُمكن منح دولة ثالثة الإذن بالتدخل أمام المحكمة بشرط «أن تكون لها مصلحة ذات طبيعة قانونية قد تتأثر بالقرار الصادر فى القضية»، وتعتبر المصلحة ذات الطبيعة القانونية مطلبًا حاسمًا، مستطردًا: « موقف الولايات المتحدة من الدعوى أثر على مصداقيتها، خاصة أن جنوب إفريقيا رفعت القضية والولايات المتحدة عارضتها، الأمر الذى أدى إلى تضاؤل مصداقية الولايات المتحدة بين الأفارقة وتحطيم فكرة أن واشنطن تؤيد نظامًا قائمًا على القواعد العادلة». 

وأردف: «ترى العديد من الدول نفاقًا صارخًا وازدواجية فى الموقف الأوروبى والأمريكى تجاه الحرب «الروسية - الأوكرانية»، والموقف من حرب غزة، حيث تواصل دعم إسرائيل بقوة على الرغم من المذابح والإبادة الجماعية، وعنف المستوطنين فى الضفة الغربية»، مشددًا على أن موقف الدولة المصرية الرافض للتهجير استهدف الحفاظ على القضية الفلسطينية حتى لا تواجه خطر التصفية.

من جانبه قال د.أحمد رفعت أستاذ القانون الدولى العام وسفير مصر السابق لدى منظمة اليونسكو بباريس: إن المادة «4» فقرة «2» ‏من ميثاق الأمم المتحدة، تنص على أنه يجب أن ينضم إلى ميثاق الأمم المتحدة جميع الدول المحبة للسلام وفلسطين من الدول المحبة للسلام خاصة أنها دولة محتلة من الأساس، موضحًا أن الانضمام لعضوية الأمم المتحدة يتطلب توصية من مجلس الأمن على أن يتبعها قرار من الجمعية العامة، وتوصيات مجلس الأمن ليست بمثابة قرار وإنما مجرد توصية قد ترفضها الجمعية العامة للأمم المتحدة ‏وقد توافق عليها. 

وتابع:  «الفيتو» يجب أن يتم استخدامه فقط فى الحالات المتعلقة بحفظ الأمن والسلم الدوليين، وليس فى الأمور المتعلقة بعضوية دولة  بالأمم المتحدة»، مضيفًا: «شهدنا فى وقت سابق توصية بأغلبية 9 أعضاء من مجلس الأمن على الانضمام ‏وفى تصويت  آخر موافقة ودعم 12 عضوًا فى مجلس الأمن، وتصويت الجمعية العامة بـ 143 عضوًا أى بأكثر من الثلثين، الأمر الذى يستوجب إعادة النظر فى موضوع الفيتو». 

‏واستطرد «رفعت» الفيتو فى الفصل السابع قاصر فقط على  اتخاذ ما يلزم لدعم مبدأ حفظ السلم والأمن الدوليين والحفاظ على السلام العالمى وليس الأمور المتعلقة بالعضوية، مضيفًا أن حل الدولتين لا يجب أن يخضع لما يسمى للمشاورات السياسية لأن إسرائيل دخلت الأمم المتحدة دون أى ‏مباحثات.

‏ وأوضح أن فلسطين عضو مراقب بالأمم المتحدة، لكنها لا تشترك فى التصويت، وكيف لا يمكن قبول عضويتها الكاملة وهى الآن عضو فى المحكمة الجنائية الدولية واليونيسكو، وكيف يمكن قبول هذا فى ظل كل هذه الجرائم التى ترتكبها إسرائيل ضدها؟، مؤكدًا أن الوضع الحالى يقتضى انعقاد اجتماع للجمعية العمومية لتبت فى الأمر وتحسمه بما يسهم فى استقرار المنطقة.   

وقال: «التجربة أكدت فشل محاولات الوصول إلى قرار يحافظ على الأمن والسلم الدوليين، خاصة فى ظل الأزمة المعقدة  التى تعانى منها المنطقة، وهنا يأتى دور الجمعية العامة للأمم المتحدة ودور الاتحاد من أجل السلم ولدينا أدوات فى الأمم المتحدة نستطيع من خلالها حل المشاكل ولا يجوز أن تتحكم دول بعينها فى مصير من العالم»، مشيرًا إلى أن هناك تناقضات أمريكية فى المواقف، فكيف ترفض دخول إسرائيل رفح ثم تستخدم حق الفيتو ضد وقف الحرب على سبيل المثال». 

وأوضح أن الموقف المصرى تجاه القضية اتسم  بالتوازن والحكمة بما يحفظ دورها كوسيط محايد فى القضية، دعمًا للقضية وللشعب الفلسطينى، مضيفًا أن تدخل مصر مع جنوب إفريقيا فى الدعوى القضائية المقامة أمام محكمة العدل الدولية، شكل من أشكال الضغط على إسرائيل والتلويح لها بأن القادم سيكون أسوأ وعليها أن تلجأ للحلول وللتسوية، خاصة أن التحرك المصرى يأتى أيضًا لدعم  اتفاقية منع الإبادة الجماعية، التى تضم دول العالم، لافتًا إلى أن اختصاصات ‏المحكمة الجنائية الدولية تتضمن الحفاظ على هذه الاتفاقية، ومواجهة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.