الأمن المائى .. أمن البحر الأحمر.. التكامل الاقتصادى والتجارى مع دول القارة السمراء
«الدائرة الإفريقية».. شراكة من أجل المستقبل
أعد الملف- أحمد إمبابى
تحتل «الدائرة الإفريقية» أولوية فى السياسة الخارجية للحكومة المصرية، ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية قبل عشر سنوات، تبنت الدولة المصرية سياسة الانفتاح على القارة الإفريقية، لتعزيز التعاون والشراكة مع دول القارة، تستعيد من خلالها مصر تواجدها وتأثيرها فى محيطها القارى.
وقامت الرؤية المصرية على التعاطى مع واقع التحديات الجديدة فى القارة، وجرى ترجمتها فى مسارات تعاون وشراكات متعددة، استطاعت أن تقفز بمكانة التواجد المصرى إلى موضع متقدم، من دولة كانت عضويتها معلقة بعد 30 يونيو 2013، إلى رئاسة الاتحاد الإفريقى فى 2019.
ووضع الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال تكليفه للدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل الحكومة الجديدة، مجموعة من الأهداف، تتعلق بالسياسة الخارجية المصرية، وحماية الأمن القومى المصرى، حيث جاءت على رأس تلك الأهداف الحفاظ على محددات الأمن القومى المصرى فى ضوء التحديات الإقليمية والدولية.
ويأتى التكليف الرئاسى للحكومة، تطبيقًا، للمستهدفات السبعة التى تحدث عنها الرئيس السيسى فى خطابه أمام مجلس النواب، عقب أداء اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة فى بداية أبريل الماضى، حيث أكد الرئيس أن الدولة تستهدف على صعيد علاقات مصر الخارجية حماية وصون أمن مصر القومى، فى محيط إقليمى ودولى مضطرب، ومواصلة العمل، على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف فى عالم جديد تتشكل ملامحه، وتقوم فيه مصر، بدور لا غنى عنه، لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية.
من هذا المنطلق، تضع الحكومة المصرية «الدائرة الإفريقية» ضمن أولويات سياساتها الخارجية، بأجندة عمل تستهدف حماية الأمن القومى المصرى، لاسيما الأمن المائى، وتنويع الشراكات المصرية مع دول القارة الإفريقية، ويمكن إجمال أهم نقاط أجندة مصر تجاه القارة الإفريقية فى المحاور التالية.
5 ملفات تتصدر مجالات الشراكة السياسية والاقتصادية
تتنوع مجالات التعاون والشراكة بين مصر ودول القارة الإفريقية، ويتصدر هذه الملفات، ملف التعاون فى مجال الأمن المائى، خصوصًا مع دول حوض النيل، والمشاركة فى مجالات التنمية، ومجالات التعاون الاقتصادى والتجارى، ويمكن إجمال أهم مجالات التعاون فى النقاط التالية:
1- الأمن المائى: تتبنى الدولة المصرية رؤية قائمة على الشراكة المتعددة مع دول حوض النيل، لتحقيق المنفعة المشتركة، فيما يتعلق بمياه النيل.
وتتصدر قضية الأمن المائى أولويات التعاون المصرى مع دول حوض النيل، وأشار إلى ذلك الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال مشاركته فى المنتدى العربى الصينى فى بكين نهاية شهر مايو الماضى، حيث أكد أن «الأمن المائى على رأس أولويات التعاون المستقبلى، نظرًا لما تحمله هذه المسألة من مخاطر ترقى إلى حد التهديد الوجودى«.
وفيما يتعلق بتحدى «سد النهضة الإثيوبى»، تتبنى مصر رؤية ثابتة على مدار العشر سنوات الماضية، قائمة على ضرورة وجود اتفاق قانونى ملزم بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، ويؤمن حقوق شعوب الدول الثلاث فى الحياة والتنمية.
2- أمن البحر الأحمر: وهو من الملفات الحيوية للدولة المصرية لتأمين حركة الملاحة فى البحر الأحمر، وتتشارك فى هذا الهدف مع دول شرق إفريقيا، خصوصًا الصومال وجيبوتى وإريتريا والسودان، فى ظل تحديات أمنية متعددة بهذه المنطقة.
وتستهدف الدولة المصرية مزيدًا من التنسيق الأمنى والعسكرى مع تلك الدول لتأمين سلامة وأمن الملاحة الدولية فى البحر الأحمر باعتبارها من الملفات الحيوية للأمن المائى والقومى المصرى.
3- التعاون السياسى: وتحظى الزيارات السياسية والدبلوماسية المتبادلة مع إفريقيا، بأولوية كبيرة لدى الدولة المصرية، بهدف تعزيز سياسات التنسيق فى كل القضايا، ومُعالجة الأزمات المشتركة. وقد تجلت ثمار هذه العلاقات الوطيدة فى أهمية التوافق حيال قضايا وأزمات القارة الإفريقية.
وجاءت الدائرة الإفريقية فى ترتيب مقدم باهتمامات السياسة الخارجية، بعد الدائرة العربية، فى زيارات الرئيس السيسى خلال العشر سنوات الماضية، حيث قام الرئيس السيسى بنحو 30 زيارة إلى الدول الإفريقية خلال التسع سنوات، وهى فى المرتبة الثانية بعد الدائرة العربية، حيث أجرى الرئيس السيسى 41 زيارة للدول العربية.
4- قضايا السلم والأمن الإفريقى: المحور الرابع الذى تهتم به مصر، ما يتعلق بقضايا السلم والأمن بأهمية كبيرة فى أبعاد العلاقات المصرية الإفريقية، فى ضوء قدرات مصر فى دعم منظومة وهيكل السلم والأمن الإفريقى، وأهمية عضوية مصر فى مجلس السلم والأمن الإفريقى للفترة (2024-2026)، بعد تحقيقها نجاحات كبيرة فى دعم وتعزيز بنية السلم والأمن فى القارة الإفريقية، فى ظل تصاعد تهديدات الجماعات الإرهابية، وتنامى نشاط الجماعات المسلحة.
وفى هذا الإطار أعلنت مصر عن عقد النسخة الرابعة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين يوميّ ٢ و٣ يوليو المقبلة فى القاهرة تحت عنوان «إفريقيا فى عالم متغير... إعادة تصور الحوكمة العالمية من أجل السلام والتنمية».
5- التكامل الاقتصادى: تسعى مصر فى علاقاتها الاقتصادية مع الدول الإفريقية إلى تحقيق التنمية المشتركة وتعزيز فرص التجارة والاستثمار؛ إذ تعد رئاسة مصر لمبادرة الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا (النيباد) خلال (2023- 2025) بمثابة فرصة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى القارة الإفريقية، ودفع مسار مشروعات البنية التحتية وتمويلها بالقارة.
وتستخدم مصر مجموعة من الأدوات، وتقوم بالعديد من المبادرات والمشروعات المشتركة لتحقيق هذه الأهداف التنموية.
5 مكاسب حققها التعاون المصرى مع إفريقيا
وعلى مدى عشر سنوات، تبنت الدولة المصرية سياسة الانفتاح والشراكة مع دول القارة الإفريقية، بمنظور جديد للعلاقات قائم على التعاون والشراكة والدعم فى مواجهة التحديات المختلفة، ونجحت من خلاله الدولة المصرية أن تغير من واقع حضورها الإفريقى، من حالة قطيعة لدول القارة فى 2013، وتجميد عضوية مصر بالاتحاد الإفريقى، وخلاف محتدم مع دول حوض النيل، إلى حضور دبلوماسى رفيع زادت معه دائرة التأثير المصرى، وشراكات متعددة على الصعيد الثنائى وعلى الصعيد الإقليمى، تكلل برئاسة مصر للاتحاد الإفريقى فى 2019، وعضوية مجلس الأمن عن إفريقيا لمدة عامين، ورئاسة تجمع الكوميسا، وغيرها من المكاسب.. ويمكن إيجاز أبرز هذه المكاسب فى النقاط التالية:
1- مصر صوت إفريقيا:
أهم ما ميز مجال التعاون مع إفريقيا، كان استخدام الدبلوماسية الرئاسية (رفيعة المستوى) للتواصل مع زعماء دول القارة الإفريقية، من خلال حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على المشاركة فى مختلف القمم والمؤتمرات الإفريقية، وأيضًا فى المؤتمرات الدولية التى عقدت بالشراكة مع إفريقيا وشركاء دوليين مثل الصين وروسيا واليابان والاتحاد الأوروبى.
وكان من ثمار ذلك، رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى فى عام 2019، وتصويت الدول الإفريقية لعضوية مجلس الأمن الدولى لمدة عامين، 2016 و2017، كما ترأست مصر تجمع الكوميسا، وهو تجمع اقتصادى للتجارة الحرة دون جمارك، وهى مقدمة لاتفاقية التجارة الإفريقية لاعتماد دول القارة على التجارة فيما بينهم والاستفادة من القدرات الذاتية.
2- رائد إعادة الإعمار:
- يتولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة مجموعة »النيباد« وإعادة الإعمار، حيث يتولى الرئيس ريادة إعادة الإعمار فى إفريقيا ما بعد النزاعات، بفضل جهود مصر لاستضافة لجنة الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار فى القارة، وإقامة مقر لها فى العاصمة الإدارية الجديدة.
وفى نفس الوقت، كانت الدولة المصرية، صوت القارة فى عديد من الفعاليات، بداية من قضية التغيرات المناخية، حيث عبرت مصر عن شواغل القارة فى مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية cop27، والتى نجحت خلاله فى إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، وهو كان حلمًا يراود الدول النامية.
3- زيادة التبادل التجارى:
بدأت مصر فى تفعيل العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف على مستوى القارة الإفريقية، حيث شهدت العلاقات نموًا ملحوظًا على مستوى العلاقات التجارية والاستثمارية والتكاملية، فقد ارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الإفريقية لتبلغ 8.6 مليار دولار خلال عام 2022، مقارنة بـ 7.5 مليار دولار فى عام 2021، بنمو نسبته 14.4%، وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
كما أسهمت مصر بشكل أساسى فى عملية التكامل الإقليمى مع دول القارة الإفريقية لتعزيز معدلات التبادل التجارى وزيادة التجارة البينية، وفى هذا الإطار استضافت مصر فى عام 2015، قمة التجمعات الثلاثة الكوميسا والسادك وجماعة شرق إفريقيا بشرم الشيخ، والتى تم خلالها إطلاق منطقة التجارة الحرة الثلاثية، والتى تستهدف تعزيز الانفتاح المصرى تجاه السوق الإفريقية وتعزيز التجارة الإفريقية لدول العالم.
4- برامج متعددة للتدريب والتأهيل:
حديث الأرقام يشير لعشرات المشاريع وأشكال الدعم مع دول القارة الإفريقية ودول حوض النيل خلال التسع سنوات الماضية، من أهمها برامج التدريب والتأهيل ونقل الخبرات المصرية للأشقاء الأفارقة، حيث قدمت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى الفترة من 2014 وحتى 2021، أكثر من 340 دورة تدريبية بإجمالى 13 ألف متدرب.
ولعل من أبرز هذه البرامج كان البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب الإفريقى على القيادة بالأكاديمية الوطنية للتدريب، حيث تم تخريج ثلاث دفعات من هذا البرنامج ليضم شبابًا من مختلف الدول الإفريقية، بجانب برنامج التعاون المصرى الإفريقى فى مجال الفضاء، والمنح التعليمية فى الجامعات المصرية.
هذا بجانب التعاون فى المجال الطبى، من خلال قوافل ومساعدات طبية ودوائية تقدمها مصر لدول إفريقيا، وكانت واضحة فى جائحة كورونا، حيث قدمت مصر مساعدات عينية وطبية بقيمة 4 ملايين دولار لحوالى 33 دولة إفريقية.
5- مواجهة الإرهاب:
دفع النجاح المصرى فى مقاومة الإرهاب فى الداخل وسيناء للتحرك على مستوى الساحة الإفريقية لمقاومة الإرهاب والتطرف الدينى، خاصة أن الظاهرة أصبحت تمثل خطورة على القارة الإفريقية، ذلك أن 10 دول إفريقية تعتبر من أكثر 20 دولة فى العالم تأثرًا من الإرهاب والتطرف.
وبدت تلك الجهود فى التعاون مع دول الساحل والصحراء، لمواجهة الإرهاب والتطرف الدينى والجريمة المنظمة، العابرة للحدود ومعالجة أسبابها سواء كانت فكرية أو اقتصادية أو حتى دولية، حيث تمت استضافة اجتماع وزراء دفاع دول الساحل والصحراء فى شرم الشيخ، وتنظيم تدريبات مشتركة فى قاعدة محمد نجيب العسكرية مع القوات المسلحة بهذه الدول، وفى فبراير 2020، أعلن الرئيس السيسى تشكيل قوة إفريقية مشتركة لمقاومة الإرهاب، إرساء لمبدأ أن الحل الإفريقى هو المدخل الصحيح للمشكلات الإرهابية بإفريقيا.
لدعم التعاون الإفريقى
القاهرة تستضيف النسخة الرابعة لمنتدى أسوان للسلام
تستضيف القاهرة، النسخة الرابعة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين يوميّ ٢ و٣ يوليو المقبلين، تحت عنوان «إفريقيا فى عالم متغير... إعادة تصور الحوكمة العالمية من أجل السلام والتنمية».
وقال أحمد نهاد عبد اللطيف المدير التنفيذى للمنتدى ومدير مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، أن انعقاد هذه النسخة من منتدى أسوان يأتى فى توقيت دقيق يشهد خلاله العالم والقارة الإفريقية تفاقمًا للنزاعات المسلحة، وتصاعدًا لحدة الاضطرابات، وتناميًا لخطر الإرهاب، فضلًا عن توالى الأزمات الإنسانية الحادة التى باتت تعصف بها وتقوض دعائم السلم والاستقرار، وهو ما يؤشر إلى الضرورة الملحة لإعادة تصور منظومة العمل متعدد الأطراف، بما يأخذ بعين الاعتبار الشواغل ووجهة النظر الإفريقية خاصة فى إطار قمة المستقبل التى سوف تنعقد فى الأمم المتحدة فى سبتمبر المقبل.
وأوضح السفير عبد اللطيف، أن النسخة الرابعة من المنتدى تستهدف المساهمة فى صياغة رؤى إفريقية محددة من خلال حوارات بناءة وتبادل للخبرات والدروس المستفادة بما يسهم فى بلورة استجابات شاملة لمواجهة التحديات ذات الطبيعة المتشابكة والمعقدة التى تواجهها القارة مع مراعاة مبدأ الملكية والوطنية وخصوصية السياقات واتساقًا مع أجندة الاتحاد الإفريقى ٢٠٦٣ وأجندة الأمم المتحدة ٢٠٣٠ فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة.
مصر تسلم 3 ملايين جرعة من لقاح الحمى القلاعية لأوغندا
تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة بتقديم كل سبل الدعم والمعاونة للأشقاء فى أوغندا لمواجهة الآثار الناجمة عن تفشى مرض الحمى القلاعية ومساعدتهم فى السيطرة على المرض.
أقلعت طائرة نقل عسكرية من طراز (C 130) من قاعدة شرق القاهرة الجوية إلى دولة أوغندا محمّلة بعدد 3 ملايين جرعة من اللقاح الثلاثى للحمى القلاعية من إنتاج معهد بحوث الأمصال واللقاحات البيطرية بالتعاون مع الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى وإدارة الخدمات البيطرية للقوات المسلحة.
وأعرب المسئولون الأوغنديون عن عميق الشكر والامتنان على المعاونة المقدمة من جمهورية مصر العربية للسيطرة على الموقف الوبائى الذى تمر به دولة أوغندا، حيث يمثل التطعيم باللقاح الثلاثى للحمى القلاعية الوسيلة الأساسية للوقاية ومكافحة المرض الذى يعد من أخطر الأمراض التى تهدد الثروة الحيوانية.