الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المسلمون يسألون والإفتاء تجيب

«روزاليوسف» ترصد أسئلة المصريين حول الـحج والأضحية

أقسم الله بها فى كتابه العزيز بقوله «والفجر وليال عشر»، إذ حلت على المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، العشر الأوائل من ذى الحجة، ومع تنوع الشعائر والعبادات بها، كثرت أسئلة المسلمين حول أحكام الحج وشروط الأضاحى والمسائل الشرعية المتعلقة بصوم هذه الأيام وفضل الوقوف بعرفة، «روزاليوسف» رصدت أكثر الأسئلة التى وردت إلى دار الإفتاء المصرية ولجنة الفتوى بالأزهر الشريف ومرصد الإفتاء العالمى. فى البداية ورد سؤال وكان من أكثر الأسئلة على الموقع الرسمى للإفتاء يقول السائل: 



■ هل يجوز تأخير أداء فريضة الحج مع الاستطاعة؟

وكانت الإجابة: الحج فرضُ عينٍ على كل مسلم ومسلمة مرة واحدة فى العمر متى تحققت شروطه، فلا يجوز تأخيره، ويأثم مَن أَخَّرَ أداء الحج بدون عذر شرعي، أو مات ولم يحج مع توافر شروط أداء مناسك الحج له. 

■ ما حُكْمُ الحج بمال حرام؟

- أداء مناسك الحج بمال حرامٍ أو مسروقٍ يَسقط به الفريضة، ولكنه حج غير مقبول عند الله تعالى. 

■ ما حُكمُ أداء مناسك الحج عن طريق تغيير المهنة بما يخالف الحقيقة؟

- الحج صحيح؛ لأن تزوير جواز السفر، كمن يكتب مهنته جزَّار، وهو ليس كذلك من أجل الذهاب إلى الحج لا يؤثر فى صحة الحج، ولكن عليه إثم التزوير، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى. 

■ ما حُكْمُ من مات ولم يقضِ فريضة الحج؟

- إذا مات المسلم ولم يقضِ فريضة الحج، وهو مستكمل لشروط وجوب الحج وجب أن يحج أحد نيابة عنه من المال الذى تركه هذا الميت، سواء أوصى بذلك، أو لم يُوصِ، بشرط أن يكون النائب قد حَجَّ عن نفسه أولًا.

■ ما سُنن السعى بين الصفا والمروة؟

- للسعى بين الصفا والمروة سُننٌ تزيد من ثوابه، ولا يترتب على تركها شيءٌ وهي: الوضوء واستلام الحجر الأسود عند الاتجاه نحو الصفا، إذا تيسر ذلك.

د. شوقى علام
د. شوقى علام

 

 عندما يقترب المسلم من الصفا يُسَن له أن يقرأ قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾  ثم يقول أبدأ بما بدأ الله به، وعندما يصل إلى جبل الصفا، يحاول أن يرتقى عليه ثم يستقبل الكعبة، ويقول: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شىء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده»، ثم يدعو الله بما شاء من الخير، ويُكرِّر ذلك ثلاث مرات، ثم يمشى مُتَّجهًا نحو المروة وهو يذكر الله ويستغفره، ويُصلِّى على النبى صلى الله عليه وسلم ويدعو بما يشاء، ويفعل نفس الشىء عند المروة.

■ ما حكْم إقامة الصلاة أثناء الطواف حول الكعبة أو أثناء السعى بين الصفا والمروة؟

- إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف أو السعي، فعلى الحاج أو المعتمر أن يصلى مع الإمام، ثم يكمل الطواف أو السعى من حيث توقَّف، ويجوز لمن يعجز عن موالاة الطواف أو السعى أن يستريح بين الأشواط بقدر ما يستعيد نشاطه. 

 ■ ما سُنن يوم عرفة؟

- يُستحبُّ للحاجِّ أن يغتسل يوم عرفة، ويُسنُّ له أن يصلى الظهر والعصر جَمْعًا وقصرًا مع الإمام بمسجد نَمِرَة، وأن يذهب ويقف على الصخرات الموجودة أسفل جبل الرحمة، ويُسن له كذلك الإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار والدعاء بالخير له ولجميع المسلمين، فإن يوم عرفة يوم تُرجى فيه إجابة الدعاء؛ ولذا يُسنُّ فطر الحاج، ليتقوَّى على الدعاء، ويُستحبُّ أن يدعو بالمأثور من أدعية نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم مثل: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، يُحيى ويميت وهو على كل شىء قدير، والإكثار من أعمال البر والصدقات حسب قدرته، فإذا غربت الشمس أفاض من عرفات بسكينة ووقار.

نأتى إلى القسم الثانى من الأسئلة الأكثر شيوعًا والتى وردت إلى مواقع المؤسسات الدينية حول أمور الحج والأضخية فكانت الأسئلة كالتالى:

■ ما الدليل على مشروعية الأضحية؟

- الأضحية مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية، وانعقد الإجماع على ذلك.

أما الكتاب: فقال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، قال القرطبي: [قال قتادة وعطاء وعكرمة: فَصَلِّ لِرَبِّكَ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَانْحَرْ نُسُكَكَ. وقال أنس: كَانَ النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْحَرُ ثُمَّ يُصَلِّى، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّى ثُمَّ يَنْحَرَ] اهـ.

وأما السنة: فهناك عدة أحاديث تروى لنا فعله صلى الله عليه وآله وسلم لها، وأخرى تحكى قوله فى بيان فضلها والترغيب فيها، فأما السنة النبوية الفعلية، فقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يضحى وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه صلى الله عليه وآله وسلم فمن ذلك: عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال: «ضَحَّى النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» متفق عليه، وقد أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية.

■ ما حكم من حج مرة أو مرتين وأمامه بنت يتيمة يجهزها ما هو الأولى؟

- قضاء حوائج الناس أولى ومقدم على حج النافلة طالما حج قبل ذلك وأدى الفريضة.

■ حكم من كان مريضًا مرضًا شديدًا ويصعب عليه السفر إلى الحج هل يجوز أن يوكل أحدًا لأداء الفريضة مكانه؟

- إذا كان فى مرض شديد ويصعب التحرك يجوز له أن يوكل عنه أحدًا لأداء الحج شريطة أن يكون الموكل قد أدى الفريضة عن نفسه قبل ذلك.

 

■ متى شرعت الأضحية على الأمة المحمدية؟

- شرعت التضحية فى السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهى السنة التى شرعت فيها صلاة العيدين وزكاة المال. 

■ وما حكم الأضحية؟

- اختلف الفقهاء فى حكم الأضحية على قولين:

د. مجدى عاشور
د. مجدى عاشور

 

القول الأول: وهو المختار للفتوى: أنها سنةٌ مؤكدةٌ فى حق الموسر، وهذا قول جمهور الفقهاء، ومنهم الشافعية والحنابلة، وهو أرجح القولين عند الإمام مالك وإحدى روايتين عن القاضى أبى يوسف، وهو كذلك قول أبى بكر وعمر وبلال وأبى مسعود البدرى وسويد بن غفلة وسعيد بن المسيب وعطاء وعلقمة والأسود وإسحاق وأبى ثور وابن المنذر، وهو المفتى به فى الديار المصرية، وبه أخذت دار الإفتاء المصرية.

واستدل الجمهور على السنية بأدلة، منها: قوله عليه الصلاة والسلام: «إذَا دَخَلَت الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّى فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» رواه مسلم فى «صحيحه»، ووجه الدلالة فى هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ» فجعله مفوضًا إلى إرادته، ولو كانت التضحية واجبة لاقتصر على قوله: «فلا يمس من شعره شيئًا حتى يضحى».

القول الثانى: أنها واجبة، وذهب إلى ذلك الإمام أبو حنيفة، وهذا المذهب هو المروى عن صاحبيه الإمام محمد بن الحسن والإمام زفر وإحدى الروايتين عن القاضى أبى يوسف، وبه قال من أئمة الفقهاء: ربيعة، والليث بن سعد، والأوزاعى، والثورى، ومالك فى أحد قوليه.

واستدل الحنفية على ذلك بقوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، فقد قيل فى تفسيره: صلِّ صلاة العيد وانحر البدن، ومطلق الأمر للوجوب، ومتى وجب على النبى صلى الله عليه وآله وسلم وجب على الأمة لأنه قدوتها.

واستدلوا أيضًا بقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» أخرجه ابن ماجه، وهذا كالوعيد على ترك التضحية، والوعيد إنما يكون على ترك الواجب.

ثم إن الحنفية القائلين بالوجوب يقولون: إنها واجبة عينًا على كل من وجدت فيه شرائط الوجوب، فالأضحية الواحدة كالشاة وسبع البقرة وسبع البدنة إنما تجزئ عن شخص واحد.

■ وما شروط صحة الأضحية؟

- للتضحية شرائط تشملها وتشمل كل الذبائح وشرائط تختص بها، وهى ثلاثة أنواع: نوع يرجع إلى الأضحية، ونوع يرجع إلى المضحى، ونوع يرجع إلى وقت التضحية.

النوع الأول: شروط الأضحية فى ذاتها:

الشرط الأول: وهو متفق عليه بين المذاهب، وهو أن تكون من الأنعام، وهى الإبل بأنواعها، والبقرة الأهلية، ومنها الجواميس، والغنم ضأنًا كانت أو معزًا، ويجزئ من كل ذلك الذكور والإناث.

فمن ضحى بحيوان مأكول غير الأنعام، سواء أكان من الدواب أم الطيور لم تصح أضحيته به؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج- 34]، ولأنه لم تنقل التضحية بغير الأنعام عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ولو ذبح دجاجة أو ديكًا بنية التضحية لم يجزئ.

د. أسامة هاشم
د. أسامة هاشم

 

 

ويتعلق بهذا الشرط أن الشاة تجزئ عن واحد والبدنة والبقرة كل منهما عن سبعة؛ لحديث جابر رضى الله عنه قال: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» أخرجه مسلم.

الشرط الثانى: أن تبلغ سن التضحية، بأن تكون ثنية أو فوق الثنية من الإبل والبقر والمعز، وجذعة أو فوق الجذعة من الضأن، فلا تجزئ التضحية بما دون الثنية من غير الضأن، ولا بما دون الجذعة من الضأن؛ لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» رواه مسلم فى «صحيحه».

والمسنة من كل الأنعام هى الثنية فما فوقها، حكاه الإمام النووى عن أهل اللغة، وعليه فأقل ما يجزئ من السن ما يلي: الجذعة من الضأن: والجذع من الضأن ما أتم ستة أشهر، والمسنة من الماعز هى الثني: وهى ما أتم سنة قمرية ودخل فى الثانية دخولًا بينًا كأن يمر عليها شهر بعد بلوغ السنة، والمسنة من البقر هى الثني: وهى ما بلغ سنتين قمريتين، والجاموس نوع من البقر، والمسنة من الإبل - الجمال - الثَّنِي: وهو ما كان ابن خمس سنين.

ولكن المفتى به فى دار الإفتاء المصرية أنه يمكن تخلف شرط السن فى الذبيحة، فيجوز ذبح الصغيرة التى لم تبلغ السن إن كانت عظيمة بحيث لو خلط بالثنايا لاشتبه على الناظرين من بعيد، حيث إن وفرة اللحم فى الذبيحة هى المقصد الشرعى من تحديد هذه السن، فلو حصلت وفرة اللحم أغنت عن شرط السن.

الشرط الثالث: سلامتها من العيوب الفاحشة، وهى العيوب التى من شأنها أن تنقص الشحم أو اللحم إلا ما استثنى.

وبناء على هذا الشرط لا تجزئ التضحية بما يأتى:

1- العمياء.

2- العوراء البين عورها، وهى التى ذهب بصر إحدى عينيها، وفسرها الحنابلة بأنها التى انخسفت عينها وذهبت؛ لأنها عضو مستطاب، فلو لم تذهب العين أجزأت عندهم، وإن كان على عينها بياض يمنع الإبصار.

3- مقطوعة اللسان بالكلية.

4- ما ذهب من لسانها مقدار كثير، وقال الشافعية: يضر قطع بعض اللسان ولو قليلًا.

5- الجدعاء، وهى مقطوعة الأنف.

6- مقطوعة الأذنين أو إحداهما، وكذا السكاء وهى: فاقدة الأذنين أو إحداهما خلقة، وخالف الحنابلة فى السكاء.

7- ما ذهب بعض الأذن مطلقًا، والأصل فى ذلك كله حديث: «أن النبى صلَّى الله عليه وآله وسلم نهى أن يُضَحَّى بعضْباءِ الأذنِ» أخرجه أبو داود.

8- العرجاء البين عرجها، وهى التى لا تقدر أن تمشى برجلها إلى المنسك -أى المذبح-، وفسرها المالكية والشافعية بالتى لا تسير بسير صواحبها.

9- الجذماء، وهي: مقطوعة اليد أو الرجل، وكذا فاقدة إحداهما خلقة.

10- الجذاء، وهى: التى قطعت رءوس ضروعها أو يبست، وقال الشافعية: يضر قطع بعض الضرع ولو قليلًا.

11- مقطوعة الإلية، وكذا فاقدتها خلقة، وخالف الشافعية فقالوا بإجزاء فاقدة الإلية خلقة بخلاف مقطوعتها.

12- ما ذهب من أليتها مقدار كثير، وقال الشافعية: يضر ذهاب بعض الألية ولو قليلًا.

13- مقطوعة الذنب، وكذا فاقدته خلقة، وهى المسماة بالبتراء.

14- ما ذهب من ذنبها مقدار كثير، وقال المالكية: لا تجزئ ذاهبة ثلثه فصاعدًا، وقال الشافعية: يضر قطع بعضه ولو قليلًا.

15- المريضة البين مرضها، أى التى يظهر مرضها لمن يراها.

16- العجفاء التى لا تنقى، وهى المهزولة التى ذهب نقيها، وهو المخ الذى فى داخل العظام، فإنها لا تجزئ؛ لأن تمام الخلقة أمر ظاهر، فإذا تبين خلافه كان تقصيرًا.

17- مصرمة الأطباء، وهى التى عولجت حتى انقطع لبنها.

18- الجلالة، وهى التى تأكل العذرة ولا تأكل غيرها، ما لم تُستبرأ بأن تحبس أربعين يومًا إن كانت من الإبل، أو عشرين يومًا إن كانت من البقر، أو عشرة إن كانت من الغنم.

وذكر الشافعية أن الهيماء لا تجزئ، وهى المصابة بالهيام وهو عطش شديد لا ترتوى معه بالماء، فتهيم فى الأرض ولا ترعى، وكذا الحامل على الأصح؛ لأن الحمل يفسد الجوف ويصيِّر اللحم رديئًا. 

وما عدا ذلك من العيوب فلا يؤثر فى صحة الأضحية، والأصل الذى دل على اشتراط السلامة من هذه العيوب كلها ما صح عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِى الْأَضَاحِى -فَقَالَ-: الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِى لَا تَنْقَى» أخرجه أبو داود، وما صح عنه عليه الصلاة والسلام فى الحديث الذى رواه سيدنا على أنه قال: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ» أخرجه أحمد، أى: تأملوا سلامتهما من الآفات، وما صح عنه عليه الصلاة والسلام «أنه نهى أن يُضَحَّى بعضْباءِ الأذنِ» أخرجه أبو داود.

د. محمد الضوينى
د. محمد الضوينى

 

طروء العيب المخل بعد تعيين الأضحية:

من أوجب أضحية معينة بالنذر أو الجعل، ثم طرأ عليها عيب يمنع إجزاءها قبل دخول الوقت الذى تجزئ فيه التضحية أو بعد دخوله وقبل تمكنه من الذبح، ولم يقع منه تفريط ولا اعتداء لم يلزمه بدلها، لزوال ملكه عنها من حين الإيجاب، ويلزمه أن يذبحها فى الوقت ويتصدق بها كالأضحية وإن لم تكن أضحية، وإذا طرأ العيب باعتدائه أو تفريطه أو تأخره عن الذبح فى أول الوقت بلا عذر لزمه ذبحها فى الوقت والتصدق بها، ولزمه أيضًا أن يضحى بأخرى لتبرأ ذمته.

ولو اشترى شاة وأوجبها بالنذر أو الجعل، ثم وجد بها عيبًا قديمًا، فليس له أن يردها على البائع؛ لأنه زال ملكه عنها بمجرد الإيجاب، فيتعين أن يبقيها، وله أن يأخذ أرش النقص من البائع، ولا يجب عليه التصدق به؛ لأنه ملكه، وعليه أن يذبحها فى الوقت، ويتصدق بها كلها لشبهها بالأضحية، وإن لم تكن أضحية، ويسقط عنه الوجوب بهذا الذبح، ويسن له أن يردفها بسليمة، لتحصل له سنة التضحية.

ولو زال عيبها قبل الذبح لم تصر أضحية إذ السلامة لم توجد إلا بعد زوال ملكه عنها.

ولو قدم المضحى أضحية ليذبحها، فاضطربت فى المكان الذى يذبحها فيه، فانكسرت رجلها، أو انقلبت فأصابتها الشفرة فى عينها فاعورت أجزأته؛ لأن هذا مما لا يمكن الاحتراز عنه؛ لأن الشاة تضطرب عادة، فتلحقها العيوب من اضطرابها.

الشرط الرابع: أن تكون مملوكة للذابح، أو مأذونًا له فيها صراحة أو دلالة، فإن لم تكن كذلك لم تجزئ التضحية بها عن الذابح؛ لأنه ليس مالكًا لها ولا نائبًا عن مالكها؛ لأنه لم يأذن له فى ذبحها عنه، والأصل فيما يعمله الإنسان أن يقع للعامل ولا يقع لغيره إلا بإذنه.

النوع الثانى: شرائط ترجع إلى المضحي:

الشرط الأول: نية التضحية؛ لأن الذبح قد يكون للحم، وقد يكون للقربة، والفعل لا يقع قربة إلا بالنية، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» أخرجه البخارى.

الشرط الثاني: أن تكون النية مقارنة للذبح أو مقارنة للتعيين السابق على الذبح، سواء أكان هذا التعيين بشراء الشاة أم بإفرازها مما يملكه، وسواء أكان ذلك للتطوع أم لنذر فى الذمة، ومثله الجعل كأن يقول: جعلت هذه الشاة أضحية، فالنية فى هذا كله تكفى عن النية عند الذبح، وهذا عند الشافعية وهو المفتى به.

■ ما مستحبات الأضحية؟

1- أن يربط المضحى الأضحية قبل يوم النحر بأيام؛ لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرغبة فيها، فيكون له فيه أجر وثواب.

2- أن يقلدها ويجللها قياسًا على الهدي؛ لأن ذلك يشعر بتعظيمها، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الح- 32]

3- أن يسوقها إلى مكان الذبح سوقًا جميلًا لا عنيفًا ولا يجر برجلها إليه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» أخرجه مسلم.

4- إمساك المضحى عن قص شعره وأظفاره، فعن أم سلمة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا رَأيْتُمْ هِلالَ ذِى الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّى فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعرِهِ وأظْفَارِهِ» أخرجه مسلم.

وجمهور العلماء على أن الأمر بالإمساك عن الشعر والأظفار فى هذا الحديث محمول على الندب والاستحباب لا على الحتم والإيجاب، بمعنى أن من أراد أن يضحى فإنه يكره له الأخذ من شعره وأظفاره، وكذلك سائر جسده، فإن فعل لا يكون آثمًا وإنما تارك للفضيلة فحسب، وذلك من ليلة اليوم الأول من ذى الحجة إلى الفراغ من ذبح الأضحية.

5- أن يذبح المضحى بنفسه إن قدرعليه؛ لأنه قربة، ومباشرة القربة أفضل من تفويض إنسان آخر فيها، فإن لم يحسن الذبح فالأولى توليته مسلمًا يحسنه، ويستحب فى هذه الحالة أن يشهد الأضحية.

6- أن يدعو فيقول: «اللهم منك ولك، إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين»؛ لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أمر فاطمة رضى الله عنها أن تقول: «إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِي» أخرجه ابن ماجه.

ويستحب بعد التسمية التكبير ثلاثًا والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والدعاء بالقبول. 

 ■ ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟

- أفضل وقت لذبح الأضحية، هو اليوم الأول وهو يوم الأضحى بعد فراغ الناس من الصلاة، فاليوم الأول أفضل منها فيما يليه؛ لأنها مسارعة إلى الخير، وقد قال الله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133]، والمقصود المسارعة إلى سبب المغفرة والجنة، وهو العمل الصالح.

■ ما يستحب وما يكره بعد التضحية؟

- يستحب للمضحى بعد الذبح أمور: أن ينتظر حتى تسكن جميع أعضاء الذبيحة فلا ينخع -ينخع: بفتح الخاء أي: يتجاوز محل الذبح إلى النخاع وهو الخيط الأبيض الذى فى داخل العظم- ولا يسلخ قبل زوال الحياة عن جميع جسدها.

أن يأكل منها ويطعم ويدخر، والأفضل أن يتصدق بالثلث، ويتخذ الثلث ضيافة لأقاربه وأصدقائه، ويدخر الثلث، وله أن يهب الفقير والغنى. 

■ ما حكم النيابة فى الأضحية كصك الأضحية؟

- اتفق الفقهاء على أنه تصح النيابة فى ذبح الأضحية إذا كان النائب مسلمًا، لحديث السيدة فاطمة السابق: «يَا فَاطِمَةُ قُومِى إلى أُضْحِيَّتِكِ فَاشْهَدِيهَا» أخرجه الحاكم؛ لأن فيه إقرارًا على حكم النيابة.

وعليه: فيجوز للمسلم أن ينيب عنه شخصًا ما فى الذبح، وكذلك له أن يوكل من يشترى له الأضحية ويذبحها، وذلك كما انتشر حديثًا مما يسمى بصك الأضحية.

■ ما حكم التضحية عن الميت؟

- حكم التضحية عن الميت: إذا أوصى الميت بالتضحية عنه أو وقف وقفًا لذلك جاز بالاتفاق، فإن كانت واجبة بالنذر وغيره وجب على الوارث إنفاذ ذلك، أما إذا لم يوصِ بها فأراد الوارث أو غيره أن يضحى عنه من مال نفسه، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز التضحية عنه، وهذا هو المفتى به، وقال الشافعية: الذبح عن الميت لا يجوز بغير وصية أو وقف.

■ هل الأضحية أفضل أم الصدقة؟

- الأضحية أفضل من الصدقة؛ لأنها واجبة أو سنة مؤكدة، وهى شعيرة من شعائر الإسلام. 

■ هل ذبح الرجل يجزئ عنه وعن أهل بيته؟

- الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت الواحد، فإذا ضحى بها واحد من أهل البيت تأدَّى الشعار والسنة بجميعهم، وهذا مذهب مالك والشافعى وأحمد وإسحاق والأوزاعى.

■  وهل يجوز الاشتراك فى الأضحية؟

يجوز الاشتراك فى الأضحية بشرطين:

الأول: أن تكون الذبيحة من جنس الإبل أو البقر، ولا يجوز الاشتراك فى الشياه.

الثاني: البدنة تجزئ عن سبعة والبقرة تجزئ عن سبعة بشرط ألا يقل نصيب كل مشترك عن سبع الذبيحة. ويجوز أن تتعدد نيات السبعة، ويجوز أن يتشارك المسلم مع غير المسلم فيها، ولكل منهم نيته.

■ متى وقت التضحية؟

- وقت التضحية مبدأ ونهاية:

أولًا: بدايته: يدخل وقت ذبح الأضحية بعد طلوع شمس اليوم العاشر من ذى الحجة، وبعد دخول وقت صلاة الضحى، ومُضى زمان من الوقت يسع صلاة ركعتين وخطبتين خفيفتين، لا فرق فى ذلك بين أهل الحضر والبوادى، وهذا قول الشافعية والحنابلة، وبه قال ابن المنذر وداود الظاهرى والطبرى، وهو المفتى به.

ثانيًا: نهايته: ينتهى وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، أى أن أيام النحر أربعة: يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وهو قول الشافعية.

وقد احتج الشافعية على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كُل أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبَحٌ» أخرجه ابن حبان، قال الإمام الشافعي: [فإذا غابت الشمس من آخر أيام التشريق ثم ضحى أحد فلا ضحية له. 

■ هل يجوز التضحية فى ليالى أيام النحر؟

- ليلة عيد الأضحى ليست وقتًا للتضحية بلا خلاف، وكذلك الليلة المتأخرة من أيام النحر، وإنما الخلاف فى الليلتين أو الليالى المتوسطة بين أيام النحر، فالمالكية يقولون: لا تجزئ التضحية التى تقع فى الليلتين المتوسطتين، وهما ليلتا يومى التشريق من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.

وقال الحنابلة والشافعية: إن التضحية فى الليالى المتوسطة تجزئ مع الكراهة؛ لأن الذابح قد يخطئ المذبح، وإليه ذهب إسحاق وأبو ثور والجمهور، وهو أصح القولين عند الحنابلة.

واستثنى الشافعية من كراهية التضحية ليلًا ما لو كان ذلك لحاجة، كاشتغاله نهارًا بما يمنعه من التضحية، أو مصلحة كتيسر الفقراء ليلًا، أو سهولة حضورهم، وهذا هو المفتى به.

■ ما الأفضل فى الأضحية من أنواع الأنعام؟

- الأفضل فى الأضحية من أنواع الأنعام: اختلف الفقهاء فى الأفضل فى الأضحية من أنواع الأنعام على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أفضل الأضاحى هى البدنة ثم البقرة ثم الشاة، وهذا قول الشافعية والحنابلة والظاهرية، وبه قال بعض المالكية.

قال الإمام الشافعي: والإبلُ أَحبُّ إلى أن يُضَحَّى بها من البقر، والبقر من الغنم، والضأنُ أَحبُّ إلى من المعز.

القول الثاني: أفضل الأضاحى الضأن ثم البقر ثم الإبل، وهذا قول المالكية المعتمد عندهم.

وأفضل الأضاحى ما كان أكثر لحمًا وأطيب، وهذا قول الحنفية، فالشاة أفضل من سبع البقرة، فإن كان سبع البقرة أكثر لحمًا فهو أفضل.

والقول الراجح هو قول المالكية فى أن الأفضل فى الأضحية الغنم ثم الإبل ثم البقر. وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان يضحى بالغنم بل بالكباش، وقد ثبت ذلك فى أحاديث، منها:

= وهل يجوز إعطاء غير المسلمين من الأضحية؟

- لا بأس بإعطاء غير المسلمين منها لفقره أو قرابته أو جواره أو تأليف قلبه.

■ وما حكم إعطاء جلد الأضحية للجزار على سبيل الأجر؟

- عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: أَمَرَنِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِةِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِى الْجَزَّارَ مِنْهَا، وقَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا»، وفى رواية عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَيْسَ فِى حَدِيثِهِمَا أَجْرُ الْجَازِرِ» أخرجه مسلم.

وعليه: فلا يجوز للمسلم أن يعطى الجزار شيئًا من الأضحية على سبيل الأجر، ويمكن إعطاؤه على سبيل التفضل والهدية أو الصدقة، أما كأجر له فيحرم ذلك لما ورد، ولأن إعطاء الجزار شيئًا من الأضحية يشبه البيع من الأضحية، وقد روى عن أبى هريرة رضى الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» أخرجه الحاكم.