عصام عبد الجواد
ثانوية بلا غش
بدأت امتحانات الثانوية العامة وبدأ معها نقاش كل عام حول لجان الغش الجماعى فى عدد من مدارس الصعيد التى وضعتها وزارة التعليم تحت مراقبة شديدة خاصة بعد نتائج السنوات الماضية التى وصلت فيها النتيجة إلى مائة فى المائة وأغلب هذه المدارس لم يرسب فيها طالب واحد، والأغرب من ذلك أن أكثر من 95٪ من طلاب هذه المدارس حصلوا على نتيجة فوق الـ90 ٪ ودخلوا كليات الطب والصيدلة والهندسة وكانت المفاجأة أن هؤلاء الطلاب لم يستطيعوا أن يجتازوا امتحانات الترم الأول فى كلياتهم ورسبوا جميعًا وأصبح عدد كبير منهم فى طريقه إلى التحويل إلى كلية أخرى والبعض منهم حوّل بالفعل وفى انتظار أن يفشل أيضًا فى كليته الجديدة لتكون نهايته إلى الشارع بعد أن ظلم نفسه باختياره كلية لا تناسب إمكانياته على الإطلاق.
وبعد الإجراءات الصارمة التى وضعتها وزارة التعليم على المدارس المعروفة فى صعيد مصر، بعد أن أوقفت التحويلات إليها بعد أن كان الطلاب يأتون إلى هذه المدارس من كل محافظات مصر بعد تغيير محل الإقامة على عنوان المدينة التى توجد بها المدرسة وبعد إجراءات وقف النقل إليها أصبح الأمر الآن فى أيدى الوزارة خاصة بعد عمليات التفتيش الدقيقة واستخدام العصا الإلكترونية للكشف عن أى أجهزة قد يستخدمها الطالب فى عملية الغش سواء كانت أجهزة تليفون محمول أو سماعات الأذن.
الغريب فى الأمر أن نشطاء بيع سماعات الأذن فى هذه المدن أصبحوا يعانون أشد معاناة هذا العام بعد أن تضاءلت حتى الآن عمليات بيع السماعات التى كان يتم حجزها فى الأعوام الماضية قبل بدء الامتحانات بثلاثة أشهر والتى كان يصل ثمن تأجيرها ما بين ألف إلى ثلاثة آلاف جنيه فى المادة الواحدة للسماعة وكان صاحب هذه السماعة يجنى أرباحًا طائلة من وراء هذا البزنس الحرام، وكانت هناك مافيا ضخمة لاستيراد هذه السماعات التى يتم زرعها فى أذن الطالب أو الطالبة ولا ترى بالعين من الخارج وتظل فى الأذن طوال فترة الامتحانات لكن الأمر الآن أصبح تحت السيطرة بعد أن قامت الأجهزة المسئولة بمطاردة من يقومون ببيع أو تأجير هذه السماعات فتم وقف نشاط عدد كبير منهم حتى الآن وبعض أولياء الأمور ممن شعروا بالمسئولية رفضوا استخدامها خاصة بعد أن أضاعت هذه السماعة مستقبل طالبة فى العام الماضى، بعد أن تسببت لها فى فقدان السمع.
المدارس التى كانت نتائجها تفوق قدرات التلاميذ والتى عرفت بمدارس أولاد الأكابر فى العام الماضى تم وضعها هذا العام تحت الميكروسكوب بشكل جيد من قبل وزارة التعليم ومن قبل الأجهزة المسئولة حتى لا يحدث ما كان يحدث فى العام الماضى لكن فى واقع الأمر إن هذه المدارس فى هذه الأماكن لا تحتاج إلى مراقبة بل تحتاج إلى صحوة ضمير، فهى تحتاج إلى إعادة تأهيل فكرى ودينى وإعادة إيقاظ الضمير لدى أولياء الأمور حتى يعلموا أن ما يقومون به مخالف تمامًا لكل العادات والتقاليد ومن قبلها الشرائع السماوية وأن المجموع الذى سوف يحصل عليه ابنه بالغش ليدخل كلية الطب لن يفيده وسوف يصبح مصيره كغيره من الطلاب السابقين الذين حصلوا على مجموع أدخلهم كلية الطب ولم يستطيعوا تخطى الترم الأول وتم فصلهم من الجامعة وأصبح مصيرهم إما الفشل وإما التحويل إلى كلية تتساوى مع قدراتهم الحقيقية.
حفظ الله مصر وحفظ شعبها العظيم.