الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«حوار القاهرة».. التأثير الإيجابى فى الأزمة السودانية

يُعلق ملايين السودانيين آمالهم على الدعوة المصرية، لانعقاد مؤتمر حوار وطنى «سودانى - سودانى»، بالقاهرة نهاية شهر يونيو الحالى، بمشاركة جميع القوى السياسية المدنية السودانية، وبحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، بهدف التوصل إلى توافق بين مختلف القوى السياسية المدنية السودانية حول سبل بناء السلام الشامل والدائم فى السودان.



وأعلنت الخارجية المصرية، استضافة مصر مؤتمرًا يضم جميع القوى السودانية، بهدف التوصل لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم فى السودان، وقالت: إن ذلك يأتى فى إطار حرص مصر على بذل الجهود الممكنة لمساعدة السودان على تجاوز الأزمة التى يمر بها، ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السودانى وأمن واستقرار المنطقة، لاسيما دول جوار السودان. 

وفى ضوء الترحيب الواسع من القوى السودانية، نستطيع أن ننظر للدعوة المصرية لاستضافة القاهرة حوارا وطنيا «سودانيا-سودانيا»، بعين مختلفة عن باقى المبادرات والدعوات والاجتهادات، التى تُقدم من أطراف سودانية ودول إقليمية وقوى دولية، لاعتبارات تتعلق بتضافر مجموعة من المعايير والضمانات تقدمها «الوساطة المصرية»، كفيلة بالوصول لنتائج ناجعة هذه المرة لإنهاء الحرب.

ومنذ اندلاع الحرب الداخلية فى السودان، إبريل من العام الماضى، وشهدت الأزمة السودانية مبادرات عديدة للحل، بداية من منبر مفاوضات جدة بالشراكة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ومبادرة الإيجاد، ومبادرة الاتحاد الإفريقى، والمبادرة المصرية مع دول جوار السودان.

ضمانات لنجاح الحوار

والواقع، أن دعوة مصر لاستضافة مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، التى نص عليها بيان الخارجية المصرية، قدمت مجموعة من المحددات لضمان فاعلية ونجاح مخرجات الحوار، تتضمن: التأكيد على أن «النزاع الراهن هو قضية سودانية بالأساس، وأن أى عملية سياسية مستقبلية ينبغى أن تشمل جميع الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية، وفى إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها».

وإلى جانب تلك المحددات، وضعت القاهرة ما يمكن تسميته «قوة دفع» إقليمية ودولية لإنجاح الحوار، من خلال التأكيد على عقد مؤتمر القوى السودانية، «بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لاسيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقى، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيجاد ما يعنى أن «حوار القاهرة» يتكامل مع كل هذه الجهود.

الحوار الأشمل

وبالنظر لتلك المحددات، نجد أن القاهرة تسعى لتهيئة المناخ المناسب لحوار يجمع مختلف أطياف المجتمع السودانى، ومعالجة أوجه القصور فيما سبقه من تدخلات للحل، ومنها تختلف دعوة «مؤتمر القاهرة» عن غيره من المبادرات فى الآتى:

1- على المستوى التنظيمى، يعد «حوار القاهرة»، الدعوة الأشمل التى يجتمع فيها كل ممثلى القوى والكيانات السياسية السودانية منذ اندلاع الحرب، فى أبريل من العام الماضى، وبذلك تختلف الدعوة عن مبادرات أخرى قاطعتها قوى سودانية وأقصت أطرافا أخرى، مثل المؤتمرات التى تشهدها إثيوبيا وكينيا.

2- يأتى الحوار الوطنى السودانى، كثمرة لحراك سياسى سودانى شهدته القاهرة طوال الأشهر الماضية، كان آخرها توقيع مجموعة من الكتل السياسية «ميثاقا وطنيا» بداية شهر مايو الجارى، بين الكتلة الديمقراطية وقوى الحراك الوطنى السودانى.

3- رسمت «دعوة القاهرة»، خارطة طريق واضحة للحوار الوطنى السودانى، تشمل الحفاظ على وحدة وسيادة السودان على كامل أراضيه، والحفاظ على المؤسسات الوطنية للدولة السودانية، مع التأكيد على إشراك كل «القوى الفاعلة» دون إقصاء، وهى محددات غابت عن أطر ومسارات حلول ومبادرات سابقة.

 
 

4- لا يقصى «مؤتمر القاهرة»، كل الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية، بل يعقد بالتعاون والتكامل مع كل الجهود الخارجية التى سبقته، بداية من (منبر جدة، ومبادرة دول الجوار، ومبادرة الاتحاد الإفريقى، ومبادرة الإيجاد)، فضلا عن مشاركة الأمم المتحدة والجامعة العربية بصفة مراقب.

4 مسارات للحل

وحول أهمية مؤتمر الحوار السودانى فى القاهرة، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية: إن «مؤتمر القوى السودانية فى القاهرة» جاء نتاج جهود المبادرة المجتمعية التى يرعاها المجلس المصرى للشئون الخارجية، لإدارة حوار وطنى سودانى جامع لكل القوى والتيارات، بهدف حل الأزمة السودانية».

وأضاف حليمة فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف»، أن المؤتمر جاء بعد «نتاج عمل امتد لنحو 70 ساعة، على مدى ثلاثة أشهر، تضمن لقاءات مع مختلف القوى والكيانات والكتل السياسية السودانية، بهدف الوصول لصيغة مقبولة للمجتمع السودانى وتمثل جميع أطياف المجتمع السودانى».

وأضاف أن من المستهدف الخروج بنتائج فى 4 مسارات أساسية لحل الأزمة السودانية، بداية من المسار الأمنى والعسكرى، والمسار السياسى والمسار الإنسانى، ومسار إعادة الإعمار، مشيرا إلى أن المؤتمر «يجمع كل الجوانب الإيجابية فى المبادرات السابقة، ويسعى لتمثيل كل أطياف المجتمع السودانى دون إقصاء».

واعتبر الدبلوماسى السودانى وسفير السودان الأسبق لدى الاتحاد الأوروبى السفير على يوسف، أن دعوة الحوار الوطنى السودانى فى القاهرة المرتقب فى يونيو المقبل، مسار مختلف عن باقى المبادرات المطروحة للحل فى السودان، مشيرا إلى أن «دعوة القاهرة تستهدف لأول مرة حوارا (سودانيا-سودانيا) دون إقصاء أى مكون من مكونات المجتمع السودانى من أحزاب وحركات مسلحة وقوى مدنية ودينية».

وأشار إلى أن دعوة مؤتمر القاهرة «لا تقصى أيضا الأطراف الإقليمية والخارجية، حيث سيقام الحوار بالتعاون وبالتكامل مع المنظمات والدول ذات الصلة بالأزمة السودانية، مثل (منبر جدة، ومبادرة الإيجاد، ومبادرة الاتحاد الإفريقي، ومبادرة دول الجوار)، وبمشاركة من الأمم المتحدة والجامعة العربية بصفة مراقب».

وطالب السفير على يوسف، بضرورة «تشكيل لجنة حكماء من شخصيات وطنية متوافق عليها ليس لهم انتماءات سياسية أو قبلية، تتولى رسم خارطة طريق وطنية لفترة انتقالية محددة».

يأتى الحوار الوطنى السودانى كثمرة لحراك سياسى سودانى شهدته القاهرة طوال الأشهر الماضية، كان آخرها توقيع مجموعة من الكتل السياسية «ميثاقا وطنيا» بداية شهر مايو الجارى، بين الكتلة الديمقراطية وقوى الحراك الوطنى السودانى.

لاقت الدعوة المصرية بعقد مؤتمر حوار وطنى سودانى فى القاهرة، ترحيبا واسعا من القوى السياسية السودانية، حيث أعلنت الكتل السياسية والمدنية الرئيسية، والأحزاب السودانية ترحيبها باستضافة مصر، لمؤتمر «الحوار السودانى».

ورحبت الخارجية السودانية، بدعوة مصر لمؤتمر القوى السودانية، وطالبت فى بيان لها بضرورة وجود «تمثيل حقيقى للمقاومة الشعبية فى هذا المؤتمر»، كما دعت أن يكون أساس المشاركة فى المؤتمر قائما على تأكيد الشرعية القائمة فى البلاد وصيانة المؤسسات الوطنية على رأسها القوات المسلحة.

ووجدت الدعوة المصرية ترحيبا من القوى المدنية والسياسية، ورحب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (بتقدم) د. عبد الله حمدوك بالمبادرة، وقال: إنه «تم الاتصال بنا وسنتواصل مع الأشقاء فى مصر حول هذه المبادرة والتفاصيل المرتبطة بها»، وأكد الترحيب بكل المبادرات والمساعى الإقليمية والدولية الهادفة لإنهاء معاناة الشعب السودانى بوقف الحرب وتحقيق السلام والوصول لحكم مدنى ديمقراطى دائم.

كما رحبت قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية، بالمؤتمر الذى أعلنت مصر استضافته، وشددت على ضرورة معالجة الأزمة عبر حوار لا يستثنى أحدًا.

وتشكلت «الكتلة الديمقراطية» فى نوفمبر 2022، من أحزاب سياسية وحركات مسلحة وكيانات أهلية، مثل الحزب الاتحادى الديمقراطى الأصل، وحركة العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان برئاسة منيّ أركو مناوى، وتحالف العدالة والديمقراطية برئاسة مبارك أردول، وحزب البعث السودانى.

ورحبت أحزاب سودانية، بالمؤتمر الوطنى السودانى فى القاهرة، حيث رحب حزب الأمة الإصلاح والتجديد برئاسة مبارك الفاضل، بانعقاد المؤتمر فى القاهرة، وأعلن الحزب الاتحادى الديمقراطى السودانى قبوله وترحيبه بدعوة مصر لاستضافة مؤتمر لجميع أطياف القوى السياسية السودانية، وثمن الحزب جهود مصر لمساعدة السودان على تجاوز الأزمة الراهنة من خلال تسهيل الحوار الوطنى السودانى.