الإثنين 22 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علماء بحوث الصحراء ينجحون فى زراعة المحصول بـالوادى الجديد

"الكاسافا" بديل القمح وصديق الصحارى

«الكاسافا».. خطوة جديدة أضافها علماء مركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة، بإعلانهم نجاح زراعة ذلك المحصول بمحافظة الوادى الجديد، فى طريق تحقيق الأمن الغذائى المنشود، عبر زراعات غير تقليدية تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، وتستهلك كميات أقل من المياه.



التجربة التطبيقية التى أجراها الباحثون استغرقت عامين من العمل المتواصل لتؤكد النتائج أن محصول القرن الـ 21 يمكن زراعته فى البيئة المصرية وتحت ظروف درجات الحرارة المرتفعة، فضلًا عن كونه ذا احتياجات سمادية منخفضة، ما يجعله جذابًا لدى المزارعين والمستثمرين.

الدكتور محمد عزت، نائب رئيس مركز بحوث الصحراء للمشروعات والمحطات البحثية، قال: إن الكاسافا يعتبر محصولا غير تقليدى يمكن يلعب دورًا مهمًا فى توفير الأمن الغذائى بمصر فى ظل التغيرات المناخية الحالية، لإمكانية زراعته بالأراضى المستصلحة والهامشية بحيث لا ينافس القمح كمحصول غذائى استراتيجى.

وأوضح الدكتور محمد حمدى عمار، المشرف الفنى على المحطات البحثية بمركز بحوث الصحراء، أن المركز قام باختيار موقع إرشادى العام الماضى لدى أحد شباب المستثمرين، فى محافظة الوادى وأبدى استعداده للتوسع فى زراعة الكاسافا كأحد المحاصيل غير التقليدية التى تسهم فى سد الفجوة الغذائية التى تلائم طبيعة ومناخ المحافظة.

الأمن الغذائى

ولفتت الدكتورة فاطمة على أحمد، أستاذ كيمياء النبات بمركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة، إلى أن الكاسافا محصول غير تقليدى واعد، يلعب دورًا جوهريًا من منظور التنمية المستدامة فى توفير الأمن الغذائى بمصر فى ظل التغيرات المناخية الحالية، لمقاومته للظروف البيئية الصعبة كالجفاف وارتفاع درجة الحرارة، مشيرة إلى أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «FAO» توقعت بأن يكون نبات الكاسافا محصول القرن الـ 21 فى ظل الارتفاع الكبير فى أسعار القمح، وإمكانية تحويله لدقيق عالى الجودة.

‎د.فاطمة على
‎د.فاطمة على

 

وأشارت أستاذ كيمياء النبات بمركز بحوث الصحراء لإمكانية زراعة المحصول فى الأراضى الصحراوية المستصلحة والهامشية قليلة الاحتياجات السمادية، ما يجعله جذابًا لدى المزارعين والمستثمرين، خاصة أنه يتحمل مدى واسعا من درجات الحرارة المرتفعة، ويقاوم الملوحة العالية بالتربة ومياه الري، بحيث لا ينافس القمح كمحصول غذائى استراتيجى فى مناطق زراعته، خاصة أن زراعته لن تكون على حساب الرقعة الزراعية أو المياه المخصصة للزراعات الرئيسية فى الوادى والدلتا.

وأضافت: إن زراعة نبات الكاسافا تتم بواسطة العقل، ويضم الفدان 4200 عقلة، حيث يزرع المحصول فى شهر إبريل وأواخر شهر مايو وبعد 9 أشهر يكون النبات جاهزًا للحصاد، حيث يتميز بأنه يحتاج أسمدة أقل جدًّا من المحاصيل الغذائية الاستراتيجية، ما يقلل الانبعاث الحراري، واحتياجاته المائية محدودة، ويتحمل درجات الحرارة المرتفعة، والجفاف، علاوة على أنه يمكن زراعة المحصول على الأمطار، ما يجعل بصمته الكربونية منخفضة فيقل انبعاث كميات إضافية من عوادم الغازات المسببة للاحتباس الحرارى والمسئولة عن تغير المناخ، كما أنه لا يتأثر بالتغيرات المناخية.

وتابعت أستاذ كيمياء النبات بمركز بحوث الصحراء: إن حجم الإنتاج العالمى من الكاسافا نحو 120:110 مليون طن، تنتج إفريقيا منها 42%، وأمريكا الجنوبية 30%، وآسيا 28%، ونحو 90% من هذا الإنتاج يستهلك محليًا فى البلاد المنتجة، موضحة أن الدراسات أثبتت ارتفاع إنتاجية الفدان، التى تتراوح بين 18:15 طنا من الدرنات، يستخرج منه 9 أطنان دقيق، إذ يتميز بالتخزين لفترات طويلة و300 كيلو ورق، وقد يصل العائد إلى نحو 60 ألف جنيه من الفدان الواحد.

‎د.ربيع مصطفى
‎د.ربيع مصطفى

 

وأوضحت أحمد أن نبات الكاسافا يستخرج من جذوره أو درناته نشا مغذى ويستهلك بكثرة فى البلدان النامية، خاصة فى أمريكا الجنوبية كمصدر رئيسى للسعرات الحرارية والكربوهيدرات، وتحتوى كل 100 جرام من جذور الكاسافا المغلى على نحو 122 سعرا حراريا، و98% منها كربوهيدرات والبقية تمثل البروتينات والدهون، كما يحتوى الكاسافا على الألياف الغذائية والقليل من الفيتامينات والمعادن. حيث يصل محتوى الأوراق من البروتين إلى 25%، بالإضافة إلى احتوائه على عنصرى الحديد والكالسيوم، وفيتامين «أ ـ  ج»، إذ يخلو نبات الكاسافا من بروتين الجلوتين.

صناعة النسيج والكحول

وتابعت: إن مكونات نبات الكاسافا الطبيعية تتمثل فى أن 65% منه يصلح للاستخدام الآدمى فى النشا، والدقيق، و21% منه يستخدم كنشا، و14% يستخدم مواد علفية، كما يستخدم كمادة خام فى صناعات النسيج والكحول والورق والمواد اللاصقة والأعلاف الحيوانية، ويمكن أن تستخدم درنات الكاسافا فى صناعة الشيبسى الصحى.

وتحتوى جذور النبات على نحو 30:25% نشا طازجا، ويصل إلى 3 أضعاف محتواه فى البطاطس، بينما تحتوى الأوراق على نسبة بروتين من 25:18%، حيث تعد الكاسافا أرخص مورد معروف للنشا، وتستخدم فى أكثر من 300 منتج صناعى، ومن الاستخدامات الواعدة للمحصول تخمير النشا لإنتاج الإيثانول المستخدم كوقود حيوى.

ونوهت أستاذ كيمياء النبات بمركز بحوث الصحراء إلى أن الدقيق المستخلص من جذور محصول الكاسافا مناسب كبديل بنسب كبيرة للخلط مع دقيق القمح لأنه غنى بالكربوهيدرات، وتقل به نسبة الأحماض الأمينية الأساسية، منها اللايسين وبروتين الجلوتين، موضحة أنه تم استخدام الدقيق الناتج من طحن جذور الكاسافا فى صناعة الخبز البلدى وبعض المخبوزات، بنسبة 20:10% مع دقيق القمح لعمل الخبز وبعض المنتجات.

وأوضحت أن من أهم البلاد المستوردة لمنتجات الكاسافا المختلفة الولايات المتحدة واليابان تعتبر من أكبر الدول المستوردة بجانب الدول الأوروبية لأغراض صناعية مختلفة فى إنتاج أنواع البسكويت والحلوى والفواكه المعلبة والمربات وصناعة المركب المعروف «أحادى جلوتومات الصوديوم» كعامل لتتبيل اللحوم والخضروات، وأيضاً مركب الكراميل التجارى، وتحضير شربات الجلوكوز والدكستروز صناعيًا، وأيضًا فى المخابز المنتجة لأنواع البسكويت المختلفة، وفى صناعة الأيس كريم، ويستعمل نشا الكاسافا فى صناعة الملصقات سواء جافة أو سائلة، ويستعمل فى صناعتى الكحول وبعض الخمائر الجافة.

ويصل محتوى الكاسافا من البروتين إلى 25%، بالإضافة إلى عنصرى الحديد والكالسيوم وفيتامين أ وفيتامين ج، وتصلح أجزاؤه الأخرى للاستخدام كعلف ماشية غير تقليدى فى تحضير العلائق المركبة لتغذية الحيوانات المختلفة، إذ إن الماشية المرباة على الكاسافا تتمتع بمقاومة جيدة للأمراض وتنخفض معدلات نفوقها.

كما أن الكاسافا يصلح كوقود حيوى «الإيثانول» نظيف خالٍ من ثانى أكسيد الكربون، الذى يمكن أن يسهم فى تقليل الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة ذات الانبعاثات للغازات الدفيئة التى تسبب تلوثًا كبيرًا لكل مكونات المنظومة البيئية، وكل 100 جرام من الكاسافا تعطيك 22 سعرا حراريا يتم تحويلها إلى وقود وهى نسبة عالية جدًا مقارنة بالبنجر أو البطاطا.

 

 

وتؤكل أوراق الكاسافا الغضة والفروع الحديثة بعد طبخها كخضار، وتعتبر مصدرا لبعض الفيتامينات والبروتين، كما تستخدم الدرنات الطازجة بعد تقشيرها بين الوجبات بشرط ألا يزيد عمر هذه الدرنات عن بضعة أشهر وتستخدم الدرنات الجافة مباشرة كغذاء، إلا أنه يفضل معاملتها حتى تصبح ذات طعم مستساغ، سهل الهضم، يجهز منها أطباق عديدة مطبوخة أو محمرة، وذلك بإضافة أى مصدر بروتينى لها حتى تصبح غذاء متوازنا.

سعرات حرارية عالية

وأوصت نائب رئيس مركز بحوث الصحراء السابق، بزراعة الكاسافا ضمن محاصيل الدورة الزراعية بمصر للاستفادة بالجذور فى إنتاج الدقيق الخالى من الجلوتين والنشا لتقليل الفجوة بين إنتاج واستهلاك القمح فى مصر لتقليص فاتورة استيراد القمح، خاصة أن نبات الكاسافا يحتوى على كمية كبيرة من النشا غير القابل للهضم «Resistant starch» الذى يعمل عمل الألياف وله فوائد طبية كثيرة، منها: مصدر غذاء لبكتيريا القولون المفيدة التى تنشط عملية الهضم وتحسن وظائف الجهاز الهضمى، ينظم مستوى السكر، كما يقلل من خطورة الإصابة بمرض السكرى من النوع الثاني. كما يساعد الكاسافا على فقدان الوزن لمحتواه الغنى بالألياف التى تعطى شعورا بالشبع لفترة طويلة وتمنع الشعور بالجوع، وتساعد على امتصاص السموم من الأمعاء، وتحمى من السرطان وأمراض القلب لاحتوائها على مضادات الأكسدة، وتعالج الإسهال.

وتعتبر الكاسافا من الأطعمة التى توفر طاقة سريعة لأنها غنيّة بالكربوهيدرات، حيث يتم تحويل دقيق الكاسافا بسرعة إلى جلوكوز فى الجسم، وبمثابة وقود أساسية لجميع العمليات الحيوية فى الجسم، كما يعد الكاسافا مصدرا ممتازا للمعادن الأساسية بما فى ذلك الكالسيوم والمنجنيز والحديد والفوسفور والبوتاسيوم، ويمكن استخدام قشوره كمقشر للبشرة بعد طحنها، يتم عجنها فتستخدم لفرك البشرة لبضع دقائق وتغسل بالماء البارد 3 مرات فى الأسبوع لإعطاء البشرة النقاء وتحسين ملمس الجلد، كما وجد أن جذور أو أوراق الكاسافا المنقوعة فى الماء تساعد فى علاج الصداع.

وتحتوى الكاسافا على نسبة عالية من السعرات الحرارية، فاستهلاك كميات كبيرة من النبات يؤدى إلى زيادة الوزن والسمنة، ويحتوى على بعض المركبات التى تمنع امتصاص الفيتامينات والمعادن وتتعارض مع عملية الهضم، مثل الصابونينات والتانينات، ويظهر هذا التأثير بشكل واضح فى الأشخاص الذين يتناولون الكاسافا كمصدر وحيد للغذاء.

وفى حال إذا ما أُكل النبات نيئًا مع قشرته، وبسبب احتواء القشرة على نسبة كبير من مواد كيميائية تحرر السيانيد فى الجسم وتؤثر على وظيفة الغدة الدرقية والأعصاب فقد يؤدى ذلك إلى الموت، أو تناوله بكميات كبيرة أو عندما يحضر بطريقة خاطئة، وقد يمتص بعض المعادن الثقيلة من التربة، مثل: الكاديميوم والزرنيخ فى بعض المناطق من العالم، ما يؤدى إلى تسمم الأشخاص الذين يتناولونه كغذاء أساسى.