رشاد كامل
روزاليوسف تطالب الملك بعودة الدستور!
لم تكن روزاليوسف - السيدة والمجلة - غائبة عما كانت تشهده الحياة السياسية والحزبية من متغيرات وأحداث مهمة.
وكان مرض الملك فؤاد حديث كل الأوساط وقتها وعلى رأسها المندوب السامى البريطانى، وكذلك ما سوف تقوم به وزارة «توفيق نسيم باشا» وهى المرة الثالثة التى تولى فيها نسيم باشا الوزارة.
وتقول روزاليوسف: شكل توفيق نسيم الوزارة - نوفمبر 1934 - وأعلن فى بيان تشكيل وزارته أن هدفه وغايته هو إعادة الحياة النيابية والدستور، على أنه لم يلبث حين جلس على مقعد الحكم وتمكن من أجهزة الدولة أن وقع تحت سطوة القصر والإنجليز مباشرة ومن ثم أخذ يؤجل إعادة الدستور بشتى الطرق منتحلًا مختلف ألوان المعاذير محاولًا جهد طاقته أن يطيل حكم حياة هذا الحكم الفردى بأى صورة!
وفى هذه الأيام وقع أول خلاف بينى وبين الوفد وكان خلافًا بسيطًا، فقد كانت سياسة الوفد تقوم - بعد سقوط «صدقى» على مهادنة المندوب السامى الإنجليزى الجديد - سير ما يلز لامبسون - استنادًا إلى البوادر التى توحى بأنه سيتخلى عن هذا العهد ويؤيد عودة دستور1923،وعلى العكس من ذلك ظل الوفد على معاداته الشديدة للقصر ومقاطعته للملك فؤاد!
وحدث يومًا أن نشرتُ خطابًا مفتوحًا إلى الملك فؤاد بالمطالبة بإعادة الدستور وإنهاء الحالة الشاذة القائمة، واستدعانى مكرم عبيد - سكرتير الوفد - وقال لى: كيف تكتبين خطابًا مفتوحًا للملك، لقد ظن الناس أننا نريد بذلك مصالحة الملك وهذا غير صحيح! فمن قال لك بكتابة هذا الخطاب؟!
ودارت بيننا مناقشة طويلة أوضحت فيها أنى لا أعبر عن رأى أحد إلا عن رأيى الخاص! وحاولت بعد ذلك أن أقابل النحاس لأشرح له وجهة نظرى فى الموقف السياسى ولكننى لم أستطع، إذ كان الأستاذ مكرم عبيد هو الذى يتحكم فى مقابلات النحاس!
فى ذلك الوقت كان مكرم عبيد أقرب الناس إلى مصطفى النحاس والمسيطر عليه إلى حد بعيد، لا يتصل به أحد إلا من خلاله ولا تتم مقابلة مهمة مع النحاس إلا فى حضوره.
وكانت خطة مكرم تنطوى على احترام وتقديس الوفديين لمصطفى النحاس حتى وصفه فى إحدى خطبه بالزعيم المقدس!
ولا شك أن مكرم مسئول إلى حد بعيد عن تطور الأمور على نحو زاد من استبداد رئيس الوفد وانفراده باتخاذ القرارات دون سائر الأعضاء مما كان مبعث شكوى الكثيرين من أقطاب الوفد البارزين وأنصاره العديدين!
ويكشف الأستاذ محسن محمد فى كتابه «عندما يموت الملك» عن سابقة خطيرة عندما رأى «موريس بيترسون» المندوب السامى بالنيابة أن يعبر عن تأييد بريطانيا لتوفيق نسيم فذهب يزوره فى رئاسة مجلس الوزراء بعد أسبوع من تشكيل الوزارة مهنئًا ومباركًا، وكانت هذه أول مرة يبدأ فيها المندوب السامى بزيارة رئيس الوزارة عقب تعيينه، واعتبرت مجاملة بلا حدود وتأييدًا بريطانيًا لنسيم باشا إلى أقصى حد..
وللذكريات بقية!