السبت 21 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفنان محمد رياض رئيس المهرجان القومى للمسرح فى حوار لـ«روزاليوسف: أتمنى أن يطوف المهرجان القومى محافظات مصر

الفنان محمد رياض
الفنان محمد رياض

حوار - هند سلامة



لم يخل الفنان محمد رياض بعهد التزامه تجاه رئاسة المهرجان القومى للمسرح للعام الثانى على التوالي، كان دائما على قدر المسئولية وحجم الأعباء الضخمة التى ألقيت على عاتقه، استطاع رياض على حد قوله الاقتراب من الشارع المصرى بفعاليات المهرجان كما كان يتمنى طموحا كبيرا وأحلاما تمنى رياض لو تمكن من تحقيقها على أرض الواقع ..عن تلك الأحلام وهذا الطموح وأهم التحديات قال فى هذا الحوار:

■ ألم تتردد فى قبول رئاسة المهرجان القومى للمسرح خشية الاصطدام بعراقيل إدارية؟

- لم أتردد ولم أخش خوض التجربة على العكس قبلت لأننى كنت ضمن أعضاء اللجنة العليا للمهرجان ثلاث دورات متتالية.. الثالثة عشرة والرابعة عشرة ثم الخامسة عشرة، وقتها كانت لدى بعض الاقتراحات لكنها لم تدخل حيز التنفيذ لأننى كنت صوتا واحدا، أول هذه الاقتراحات ضرورة أن ينزل المهرجان الشارع لأنه نخبوى للغاية، كان همى أن يتعرف الجمهور على المهرجان ليعلم أن هناك مهرجان للمسرح المصري، لأن هذه الخطوة من شأنها أن تحقق حالة من الحراك المسرحي، المهرجان عيد للمسرحيين وبالتالى من المهم إعادة النجوم إليه مرة أخرى، كما كنت أرى وأشدد على ضرورة أن يكون المكرمين أحياء وليسوا راحلين، فما قيمة التكريم بعد الموت؟!.. يجب أن يفرح الفنان بهذا التكريم من المهم أن نتذكره ونشكره على رحلة عطائه بالمسرح، بالتالى قررت تفعيل هذه القرارات عندما توليت رئاسة المهرجان، خضت التجربة بشجاعة دون الخوف أو الالتفات لأى شيء سوى مصلحة المهرجان والمسرح المصري.

■ فى رأيك كيف استطاع المهرجان القومى أن يستقطب الجمهور؟

- أول ما كان يشغلنى ألا يقتصر المهرجان على النخبة، وأظن أن أهم عنصر جذب حدث بالمهرجان العام الماضى عندما أهدينا الدورة للزعيم عادل إمام، وهذا قرار لم يكن من السهل تنفيذه لأننى بذلت جهدا كبيرا فى الوصول له ولأسرته واقناعه بالفكرة لأن عادل إمام لديه نظام وأسلوب مختلف فى التفكير بعمله، أن نجعل الدورة باسمه كانت مسألة صعبة للغاية، لن تجدى اسم عادل إمام متداول بين المهرجانات، ثم استخدمنا الدعاية بشكل مدروس من خلال اللجنة الإعلامية والسوشيال ميديا، وضعنا استراتيجية لطرق الدعاية والإعلان عن فعالياته، لم أنتظر انعقاد المؤتمر الصحفى بينما قررت الإعلان عن كل شيء قبل انعقاده حتى يكون لدينا وقت للتحاور والنقاش وفتح باب الأسئلة، وبالطبع فكرت فى محاولة الاتفاق مع رعاة لكن هذا لم ينفذ بعد.

■ هل من السهل على فنان حر العمل ضمن منظومة حكومية؟

- كونى لست موظفا تابعا لأى جهة فى الوزارة مكننى من العمل بشكل حر دون وضع حسابات، وبالطبع التفكير خارج السياق السائد قد لا يمكننى من تحقيق كل ما شيء.. على سبيل المثال فكرت فى إنارة برج القاهرة، واتفقت مع إحدى شركات الأتوبيسات أن نستأجر مجموعة تطوف القاهرة مع فرق موسيقية تعزف أغانى من الأعمال المسرحية القديمة، هذه أفكار لم أستطع تحقيقها بسبب الميزانية، بالتالى قررت أن أعمل بالمتاح، لكننى بدأت أستغل محمد رياض نفسه فى الترويج للمهرجان، فى كل لقاء تليفزيونى لم أتحدث عن مشاركتى بأى عمل درامى لكن حديثى كان ينصب حول المهرجان .. شددت على التأكيد على هوية المهرجان بمعنى ترسيخ صورة ذهنية محددة عنه لدى المشاهد من خلال التركيز فى شكل تصميم بوستر الدعاية، والدرع، واللوجو حتى أخلق صورة ذهنية كاملة عن المهرجان القومي، فكرت فى تغيير الاسم وتحويله من المهرجان القومى للمسرح المصرى إلى مهرجان المسرح المصرى لأنه أحيانا قد يحدث لبس، ويظن البعض أن المهرجان يمثل المسرح القومى فقط.

■ كيف رأيت المهرجان هذه الدورة؟

 - منذ أن توليت رئاسته وأرى أنه مهرجان كبير هو فى رأى أهم مهرجان بالوطن العربي، وعندما ترين الشيء على قدره سوف يراه غيرك بنفس القدر، بالتالى كان من المهم هذه الدروة أن نعمل بنظام مختلف هناك، فعاليات وورش مسرحية وندوات بدأت قبل بدء الفعاليات الرئيسية، الشباب استفادوا بفترة مهمة من التدريب وحدث إقبال تاريخى على الورش، بالتالى حصدنا نتائج العمل الشاق العام الماضي، فى هذه الدورة حرصنا أن يكون الحجز أون لاين حتى يسهل على الجميع الحضور خاصة من جاءوا من المحافظات لمتابعة المهرجان.

■ فى رأيك.. ما هو الدور المحورى الذى من المهم أن يلعبه المهرجان القومى بالحركة المسرحية؟

- لاحظت العام الماضى أن كل النصوص عبارة عن دراماتورج أو نصوص أجنبية أو نصوص من ستينيات القرن الماضي، لذلك فكرت فى عمل مسابقة للتأليف المسرحى تحت اسم مسابقة العمل الأول لإمكانية اكتشاف كتاب جدد وضخ دماء جديدة فى مجال التأليف، أردت رؤية ناس لم أرهم من قبل على مستوى مصر تقدم لنا 186 نصًا مسرحيا اختارنا منها ثلاثة فقط، تمت طباعة النصوص وشاركت بمعرض القاهرة الدولى للكتاب وهذا العام لدينا ثلاثة كتاب آخرين خلال دورتين كانت الحصيلة اكتشاف ستة كتاب جدد، هذا دور من أدوار المهرجان أن يخدم الحركة المسرحية بأكملها، كما أن الإقبال على حضور العروض هذه الدورة كان تاريخيا، لم يحدث وشاهدت هذا النوع من الجمهور من قبل، من الضرورى ربط الناس بالمسرح، هذا الدور لعبه المهرجان منذ العام الماضي، ونستمر فى هذه السياسة فالمهرجان القومى عيد للمسرحيين وعيد للفن بشكل عام من خلال الورش والندوات الفكرية، الماستر كلاس، والعام القادم أفكر جديا فى نقل فعالياته إلى المحافظات.

■ ماذا تعنى بإمكانية نقل الفعاليات بالمحافظات؟

- سوف أبدأ بإقامة فعاليات دون نقل المسابقة الكبرى، لأن نقل التسابق والمهرجان بالكامل يحتاج إلى دراسة وتخطيط لإمكانية تطبيق الفكرة على أرض الواقع، لأننى عادة أفكر فى أهداف من الممكن تحقيقها على الأرض، على سبيل المثال من الممكن أن تتزامن إقامة ورش بالمحافظات مع إقامة الورش بالقاهرة وندوات وماستر كلاس، أفكر فى البداية باختيار محافظة قنا من الصعيد وبورسعيد والعريش والمنصورة والإسكندرية.. خمس محافظات نقيم بها حركة مسرحية متزامنة مع المهرجان، لكن حتى أقيم فعاليات المهرجان بالكامل فى محافظة مثل الإسكندرية مثلا هذا طموح أتمنى تحقيقه أن يقام المهرجان كل عام بمحافظة مختلفة حتى يعود إلى القاهرة من جديد، لكن هذا يحتاج إلى تخطيط آخر.

■ هل من السهل تنفيذ هذا الطموح؟!

-  بالتأكيد ..نحن بحاجة إلى دعم وتكاتف كل الجهات معا، أحتاج ميزانية أكبر ودعما من المحافظة ومؤسسات المجتمع المدنى ووزارة التضامن الاجتماعى والإعلام والصحافة لأن هذا فكر يخص الدولة بشكل عام ومن الواجب أن يتكاتف الجميع حتى نصل إلى نتائج تسهم فى إثراء الحركة المسرحية.

■ واجهت هجومًا هذه الدورة بعد منح مساحة تكريمات لرموز من القطاع الخاص لأن البعض يعتبره مسرحًا سيىء السمعة.. كيف رأيت ذلك؟

-  أختلف مع فكرة أنه مسرح سيىء السمعة لأن المسرح فى الأساس قطاع خاص منذ بداياته الأولى على يد يعقوب صنوع ثم نجيب الريحانى وفؤاد المهندس وإسماعيل ياسين وغيرهم الكثير، كل هؤلاء كانوا فرق قطاع خاص، مسرح الدولة بدأ فى عقد الستينيات فى وقت متأخر بعد هذه الفرق، هل “ريا وسكينة» كانت إسفافًا ..أوسيدتى الجميلة .. أو مسرح محمد صبحى إسفاف ..أو أحمد بدير فى دستور يا سيدنا أو عطية الإرهابية وأحمد آدم الذى يعمل بالمسرح منذ أن كان عمره 12 عامًا بالثقافة الجماهيرية وأعماله مع محمد صبحي، وكذلك أحمد الإبيارى الكاتب والمنتج الوحيد الذى ظل مستمرا رغم توقف كل فرق القطاع الخاص عن العمل استمر فى ظروف اقتصادية شديدة الصعوبة والقسوة، سلوى محمد على كرمت بسبب مشوارها فى المسرح المستقل، لأنه كان تيارًا مهمًا للغاية، عزت زين من قصور الثقافة عمل بها 55 عاما كاتب ومخرج وممثل قدير.. أنا ضد هذه التقسيمات ولا أعلم من اخترعها، لأنه فى رأى المسرح هو المسرح.. كل منهم له تجربة مؤثرة وواضحة وممتدة وناجحة هذا هو الأساس والمعيار فى التكريم، هذا تاريخ المسرح المصرى الذى تم محوه بعدم الاهتمام بتوثيقه وتصويره لذلك قدمنا صرخة فى حفل الختام بضرورة الاهتمام بتصوير الأعمال المسرحية، عندما أرادنا الاستعانة بمادة فيلمية عن هؤلاء المكرمين لم نجد سوى مشاهد ضئيلة للغاية من عروض مصورة، وهو ما جعلنا نضطر لوضع بعض أعمالهم الدرامية والسينمائية وهذا شيء محزن، هناك أعمال ضاعت وهى جزء أصيل من تاريخ المسرح المصري، المسرح ليس مجرد توفير إمكانيات، بينما أفكار وإرادة لتنفيذ هذه الأفكار، الأمور المادية مهمة، لكن كيف يتم اتخاذ خطوات بأفكار وإرادة.

■ فى رأيك كيف يتم التغلب على أزمة عدم تصوير العروض المسرحية؟

- حاولت التغلب على جزء من هذه الأزمة بعقد اتفاقية مع قناة الحياة بتصوير أعمال شباب الجامعة والمسرح المستقل المشاركة ضمن فعاليات المهرجان، لأن هذه أعمال من المهم توثيقها، حاولت المساهمة بحل فى حدود استطاعتى لأن عروض البيت الفنى يتم تصويرها باتفاقيات وآليات مختلفة تماما بينما عروض الجامعة والمستقلين قد تكون أكثر مرونة فى إمكانية تصويرها والاحتفاظ بها.

■ بعد حفل الختام قد تحدث بعض الاعتراضات على نتائج التحكيم، هل فكرت فى إلغاء التسابق كما اقترح البعض من قبل؟

- لا طبعا.. لن أفكر فى إلغاء التسابق، وهذا الكلام تم طرحه من قبل درسته لكننا وجدنا أن التسابق يحدث حالة من التنافسية والحافز الكبير للمشاركة ضمن فعاليات المهرجان، الناس تتقاتل على المشاركة إذا قدمنا المهرجان وكأنه مجرد كرنفال قد يتراجع إقبال مشاركة العروض ضمن فعالياته، مثلا لا يمكن إلغاء مسابقة الأوسكار، وكل المهرجانات الكبرى لديها نوع من التسابق والمنافسة.

■ ما التحدى الأكبر الذى واجهك بالمهرجان القومي؟

- أكبر تحد.. التأكيد على الهوية أن يكون للمهرجان تواجد بالشارع والوطن العربي، ويجب أن أذكر هنا أن كثيرا من زملائى بالدول العربية أبدوا رغبة فى القدوم إلى مصر لحضور فعاليات المهرجان، لكن بالطبع تعذر استضافة أحد لأننا لا نمتلك الميزانيات التى تمكننا من ذلك، كما أفكر الفترة المقبلة فى محاولة تغيير موعد المهرجان لأن هذا التوقيت غير مناسب على الإطلاق، وحصلنا على مسرح الأوبرا بصعوبة لأن هذه فترة دخول مسرح دار الأوبرا للصيانة السنوية، ثم عدم توفر الكثير من النجوم بسبب إجازات الصيف، اقترح أن تقام دورة القومى خلال شهر أكتوبر حتى يكون متاح حضور الجميع وهذا سيؤدى لحالة من التوفيق بينه وبين مواعيد المهرجانات الأخرى مثل التجريبى ومهرجان القلعة لأنه من المهم أن تكون هناك مساحة من الوقت بين القومى والتجريبي، كما أتمنى أن يكون هناك مقر ثابت لإدراة المهرجان، ومن الضرورى إدخال القومى ضمن موازنة المهرجانات لأنه حتى هذه اللحظة المهرجان القومى خارج الموازنة، هذا سيفرق فى الميزانية وفى كل شيء، لأننا نضطر لانتظار العام المالى الجديد كل قطاع يسهم بنسبة مالية وهذا معطل للعمل بشدة، أقترح تخفيض عدد عروض المسابقة الرسمية إلى 25 أو 30 عرضًا لأن لجان التحكيم تعانى من الإرهاق الشديد بسبب عدد العروض، كما أننا نعانى معاناة كبيرة فى تشكيل لجان التحكيم نسعى لاختيار اللجان بدقة نراعى دائما وجود أشخاص تتسم بالخبرة والحيادية.

■ هل انشغالك برئاسة المهرجان حرمك من المشاركة بأعمال فنية؟

-  رفضت المشاركة فى بعض الأعمال لكن عرضت على مسرحيات الفترة السابقة، وكنت بالفعل سأشارك بها واشترطت أن يكون العمل بالكامل خارج التسابق بالمهرجان القومى لكن تعطلت الأعمال لأسباب أخرى بعيدة عن مشاركتى بها، فى كل الأحوال رئاسة المهرجان عمل شاق للغاية وطوال ثلاثة أشهر لم أذهب فيهم إلى منزلى وأسرتى لم تستمتع بإجازة الصيف، بسبب شدة انشغالى طوال هذه الفترة.