الخميس 2 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

استراتيجية وطنية لتأمين مستقبل العقاقير الطبية

جهود مكثفة تبذلها الجهات المعنية الفترة الراهنة، من أجل توفير الدواء للمرضى، وتأمين وجوده مستقبلًا تفاديًا لأى أزمة فى نقص الأدوية مجددًا مثل التى حدثت منذ أشهر، لذا بدأ التنفيذ الفعلى لخطة الدولة نحو توطين صناعة المواد الخام غير الفعالة للدواء، لضمان الإمداد الاستراتيجى لصناعة  الأدوية، وعدم الوقوع تحت وطأة الاستيراد وتغير سعر العملة، خاصة أن جميع المواد الخام يتم استيرادها من الخارج، وتحديدًا من دول شرق آسيا.



يبلغ عدد مصانع الأدوية فى مصر 170 مصنعًا عام 2022، مقابل 130 مصنعًا عام 2015، بنسبة زيادة 30.8%، بالإضافة إلى امتلاك مصر 700 خط إنتاج عام 2022، مقابل 500 خط عام 2015 بنسبة زيادة 40%، وتقيم الدولة مدينة الدواء المصرية على مساحة 180 ألف متر مربع، لتنتج ما بين 250 و300 مليون عبوة دواء سنويا، ويبلغ إجمالى المستحضرات المسجلة وتحت التسجيل 120 مستحضرًا، وتستهدف تصدير 20% من الإنتاج.

مبادرة وطنية

انطلقت مبادرة مشتركة بين هيئتى الدواء المصرية، والشراء الموحد والإمداد والتموين الطبى، وتنفذ على محورين، الأول: شراء المواد الخام غير الفعالة بكميات كبيرة، بحيث تضمن استقرار إمدادات الأدوية وحماية الأمن الدوائى الوطنى على المدى القصير، من حيث توفير المنتجات الدوائية عالية الجودة فى السوق المصرية، عبر تأمين احتياطى استراتيجى من المواد الخام بشكل عام، خاصة غير الفعالة منها.

ويتمثل المحور الثانى فى العمل على توطين تصنيع المواد الخام الدوائية، واتخاذ خطوات حاسمة نحو دعم المصانع الوطنية المنتجة لها، وتطوير الكوادر لتصنيع هذه المواد، بأعلى معايير الجودة، لضمان فعالية العلاج، وسلامة المرضى.

دعم فنى للصناعة

وتبدأ المبادرة بتوطين 30 مادة خام غير فعالة، تمثل 60% من فاتورة الاستيراد لإجمالى 280 مادة، ما سيسهم فى خفض الفاتورة الاستيرادية من المواد الخام غير الفعالة والبالغة ١٠٠ مليون دولار سنويًا “5 مليارات جنيه”، كما ستساهم فى رفع جودة مستوى التصنيع والتصدير، لأن اشتراطات التصدير تتطلب جودة عالية ومعتمدة دولية، لذلك تقدم هيئة الدواء المصرية الدعم الفنى والإجرائى للصناع.

إلى ذلك، قال الدكتور على الغمراوى، رئيس هيئة الدواء المصرية: إن المبادرة تستهدف توطين صناعة المواد الخام، وتحقيق كفاءة اقتصادية مستدامة، عبر توحيد عمليات الشراء، ما يعزز الحصول على صفقات أفضل بجودة ثابتة، ويمنع تقلبات السوق على المدى القصير، إضافة إلى نقل تكنولوجيا تصنيع المواد غير الفعالة إلى مصر، كجزء من الصفقات المستقبلية، وتعزيز استدامة توافر الأدوية ودعم الصناعة المحلية.

وتضمن هذه الخطة حماية صحة المواطنين، واستمرار توافر الأدوية، وبداية استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز استقرار السوق الدوائية، مع التركيز على التوطين كهدف استراتيجى طويل الأمد، والعمل على تحويل مصر إلى مركز إقليمى لتصنيع المواد الخام.

التكلفة والمواد الخام

وتعد المواد الخام غير الفعالة، عنصرا أساسيا فى صناعة الأدوية، وتؤثر على جودة المنتج، واستمرارية توريده، وضمان وجود مخزون استراتيجى يلبى احتياجات السوق المحلية ويمنع أى نقص فى الأدوية، والحفاظ على أعلى مستويات الجودة، والانتقال إلى التوطين كجزء من هذه المبادرة، وتحويل عملية تصنيع المواد غير الفعالة إلى مصر، وتعزيز قدرة البلاد على تأمين احتياجاتها داخليا، وتقليل الاعتماد على الموردين، وتحقيق الكفاءة الاقتصادية على المدى البعيد، من خلال التخطيط والمفاوضات الاستراتيجية لنقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة، ما يسهم فى توفير فرص العمل، ودعم الاقتصاد الوطني.

وتمثل استراتيجية الشراء الموحد للمواد غير الفعالة، خطوة استباقية، لتعزيز سلسلة الإمداد الدوائية، بحسب ما أكده اللواء دكتور بهاء الدين زيدان، رئيس هيئة الشراء الموحد، منوهًا إلى أن هذه الخطوة تؤسس احتياطيا استراتيجيا يدعم احتياجات البلاد الدوائية، لحين تحقيق الهدف الأسمى، وهو توطين صناعة المواد الخام فى مصر، وسوف يمكن الشراء الموحد الدولة من توفير فى التكلفة من جهة، وتأكيد الحصول على مواد ذات جودة عالية فى المرحلة الانتقالية من جهة أخرى.

وستنتهج الدولة المصرية مبدأ التفاوض حول نقل تكنولوجيا الصناعة وسر الصنعة إلى مصر، ما يدعم بناء قاعدة صناعية قوية ومستدامة، تضمن تأمين المواد اللازمة لضمان استقرار الصناعة الدوائية وقوتها لأجيال قادمة، فهذه الصناعة بدأت فى مصر منذ 60 عامًا، لكنها تعمل على استحياء، ويتطلب تطويرها حصول الشركات على اعتمادات الجودة العالمية، وفق برامج التصنيع الجيد، وتبنى استراتيجية التوطين من أجل التصنيع، لكى تتمكن من الحصول على العملة الصعبة، التى تمكنها من الوفاء بالتزاماتها المالية الدولية فى الأوقات الحرجة، دون الضغط على الدولة لتوفير العملة.

تحظى السوق الدوائية المصرية بعدد من المصانع، التى تصنع عددا من الخامات الفعالة وغير الفعالة، التى تتطلب التوسع فى نشاطاتها، وزيادة خطوط الإنتاج الحالية، لتشمل عددا من المواد غير الفعالة الضرورية للصناعة بشكل عام.

تأتى خطة توطين صناعة الدواء، كخطوة على طريق توطين جميع مدخلات ومخرجات صناعة الدواء الوطنية، وأن الشراء الموحد تقوم بدور كبير فى سبيل توحيد قوة السوق المصرية، وخفض نفقات التصنيع، وتقديم الدعم اللازم للمصنعين والوكلاء.