لواء دكتور سمير فرج لـ«روزاليوسف» متحدثًا عن حرب أكتوبر: أعظم انتصارات مصر فى العصر الحديث
سلوى عثمان
أكد المحاربون القدماء الذين التقتهم «روزاليوسف» أن مصر حققت إنجازًا غير مسبوق واستطاعت عبور هزيمة 1967، قبل عبور خط بارليف فى 1973، وذلك بالإيمان بالوطن، فلم ينجح العدو فى بث روح اليأس وإن استطاع احتلال الأرض.. حيث نهض جيش مصر بعد ساعات من الهزيمة ليعيد بناء قدراته ويبدأ معارك الاستنزاف والاستعداد للانتصار وهذه شهاداتنا.
أكد لواء دكتور سمير فرج أن القوات المسلحة المصرية قدمت للفكر العسكرى العالمى دروسًا وعبرًا من خلال بطولاتها فى حرب أكتوبر 73، والتى اعتبرها العالم معجزة فى التاريخ العسكرى الحديث.
وقال «فرج»- أحد الضباط المشاركين فى انتصارات أكتوبر-: إن المصريين غيروا المفاهيم العسكرية، وأهمها تلك المرتبطة بمقارنة القوات، بعدما كان أساس حساب التفوق العسكرى للدولة، يقوم على أعداد أفراد قواتها، وأعداد وأنواع أسلحتها ومعداتها، من الدبابات والمدافع والطائرات، وهو ما تغير فى حرب أكتوبر عام 1973.
■ حدثنا عن كواليس غرفة العمليات التى كنت أحد أفرادها وأصغرهم سنًا ورتبة وأطلق عليك لقب الجوكر بسبب سرعة البديهة والحركة؟
أتذكر بداية يوم السادس من أكتوبر من عام 1973، وأنا فى مركز عمليات القوات المسلحة لتنفيذ مشروع استراتيجى، تدريبى، لاختبار عمل المركز، خاصة فيما يرتبط بشبكة الاتصالات مع الجيوش الميدانية، والقوات الجوية، والبحرية، والدفاع الجوى، وحتى القيادة السورية فى دمشق، وما أن دقت الساعة العاشرة صباحًا، حتى رفعنا خرائط المشروع التدريبى، ووضعنا خرائط «الخطة جرانيت»، المعدلة، وهى خطة عبور قناة السويس، واجتياح خط بارليف الإسرائيلى، وتكوين رأس كوبرى على الضفة الشرقية لقناة السويس.
والله لقد استعدت،- خلال هذا الحوار معكم- نفس الشعور بالرهبة الممزوج بالعزة والفخر، الذى انتابنى ونحن نفتح سجلات الحرب لهذه العملية الهجومية، ونتلقى إشارات توزيع ساعة الهجوم على القادة، كل حسب مهمته ومكانه، وإشارات تمام استعداد القوات فى أماكنها الجديدة لبدء الهجوم، والتى كان منها وصول مجموعة القوات البحرية المصرية، لمنطقة باب المندب، فى البحر الأحمر، لتنفيذ أوامر القيادة العامة للقوات المسلحة، بإغلاق المضيق أمام الملاحة الإسرائيلية.
■ هل توقعت بدء الهجوم؟ وما هو شعوركم فى تلك اللحظات؟
لا أخفيكم سرًا، أننى وغيرى، لم نكن متوقعين بدء الهجوم؛ فهل سنشهد ذلك اليوم، فعلًا، بعد ست سنوات من حرب الاستنزاف؟ هل سيتحقق الأمل، ونهزم العدو الإسرائيلى المتغطرس؟! إلا أن اليقين ملأنا، فى تمام الثانية ظهرًا، عندما تابعنا، على شاشات الرادار، عبور 220 طائرة مصرية، لقناة السويس، وتنفيذ الضربة الجوية ضد الأهداف الإسرائيلية فى سيناء. بعدها بدأ العبور، وتوالت أجمل الإشارات عن عبور موجات العبور، وسقوط نقاط خط بارليف، الواحدة تلو الأخرى.
وأذكر فى الرابعة ظهرًا، وأنا فى الغرفة الرئيسية، أتابع خريطة العمل، أن سألنى الرئيس السادات، «يا ابنى الخساير كام لحد دلوقتى؟»، وكانت المفاجأة، بعد حصر الأرقام الواردة من الجيشين الثانى والثالث، أن خسائرنا فى العمليات القتالية أقل من خسائرنا فى أيام التدريب على العبور، فى نهر النيل، لأن قواتنا كانت قد وصلت لدرجة الاحترافية.
■ حدثنا عن روح انتصار أكتوبر ونظرة العالم للجيش المصرى؟
القوات المسلحة المصرية حققت فى هذه الحرب أغلى انتصار، فى العصر الحديث، ضد هذا العدو الإسرائيلى، واستعادت أرض سيناء الغالية لمصر، ولشعبها، ولجيشها، وأصبحت نتائج هذه الحرب تدرس فى أعتى المعاهد والكليات العسكرية فى العالم، فاستحق الشعب المصرى أن يفتخر بهذا النصر العظيم، الذى حققه بالتحامه مع قواته المسلحة، وثقته فيها.
كما أظهرت هذه الحرب عاملًا جديدًا، وهو الرغبة فى القتال، فقد كان هدف المصريين هو استعادة الأرض التى فقدوها فى 67، بينما هدف الإسرائيليين الاحتفاظ بأرض اكتسبوها فى الحرب السابقة، ويعلمون أنها ليست أرضهم.. وأوضحت الحرب، كذلك، أن المصريين لم يهتموا بالتفوق العددى لأسلحة قوات العدو الإسرائيلى، بل كان ذلك حافزًا لابتكار أساليب جديدة للتصدى لها، مثل المدافع المائية للتغلب على الساتر الترابى لخط بارليف، وحائط الصواريخ للتغلب على قوة سلاح الجو الإسرائيلى، بتحييد قدرتها، وهو ما حدث مع بداية عبور القوات المصرية لقناة السويس، فتغير، بهذا، مفاهيم الدفاع الجوى فى الفكر العسكرى العالمى، إذ لم يعد التفوق العددى للطائرات، عاملًا أساسيًا فى حساب القوى، بعد نجاح قواتنا فى تحييد القوات الجوية المعادية بفكرة حائط الصواريخ.