الشائعات الخطر الأكبر.. والوعى سلاح المواجهة
سلوى عثمان - د. مريم الشريف
يتحمل الإعلام على عاتقه مسئولية دحض الشائعات بالتعاون مع مؤسسات الدولة التى تسعى عبر صفحاتها الرسمية لتوضيح حقيقة الأمور، ولكن رغم كل تلك الجهود تنتشر الشائعات كالنار فى الهشيم وسط بيئة خصبة تساعد على تكاثرها عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
وفى ظل الأجواء المتوترة التى تسود المنطقة يحاول البعض الاصطياد فى الماء العكر بترويج الشائعات، إلا أن أصحاب الوعى من المواطنين أصبح لهم دور مهم فى وأد تلك الأخبار المزيفة بسرعة تداول الحقيقة لقطع الطريق على مساعى البلبلة وإشعال الفتن، والوقوف صفا واحدًا فى مواجهة التحديات.
وأكد خبراء الإعلام وعلماء الاجتماع أن الشائعات تؤدى إلى تفكك العلاقات الاجتماعية، وتُضعف من علاقة الدولة بمواطنيها، وبين الأفراد بشكل عام.
كما يسهم انتشار الشائعات فى زيادة التوتر وزعزعة الاستقرار وفقدان الثقة فى الدولة، مما يؤدى إلى تشويه الإنجازات التى تحققت على أرض الواقع.
تفعيل القانون
وفى هذا الإطار، أكدت الدكتورة نجوى كامل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ضرورة تفعيل القانون تجاه مطلقى الشائعات وبحزم، بعدما صدر قانون خاص بالشائعات فى الفترة الماضية.
وأشارت إلى أن الشائعات تخرج بشكل مقصود، مما قد يؤثر على الأمن القومى، والأمر لم يعد يقتصر على شائعات حول المشاهير، وإنما هناك شائعات تؤثر على الأمن القومى سواء سياسيًا أو اجتماعيًا.
وأضافت أستاذ الصحافة أنه أصبح هناك لجان متخصصة فى صنع هذه الشائعات، وعن طريق الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا، تُعطى لها قدر من المصداقية.
حرب المعلومات
من جانبه، قال الدكتور محمود خليل، أستاذ الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن الشائعات تُحارب بالمعلومات الحقيقية والصحيحة، وهو البديل الوحيد لمقاومتها، إذ إن الشائعات تنتعش إذا سادت حالة من التعتيم الإعلامى واختفت المعلومات. . لافتًا إلى أنه لا يرى على الساحة شائعات ذات قيمة تتعلق بالصراع الإقليمى الناشئ حاليًا بين إسرائيل ومحور المقاومة.
وأضاف أن الشائعة تسرى وسط الناس كما تسرى النار فى الهشيم، وأن السوشيال ميديا ساهمت فى انتشار الشائعات، وهذا أمر طبيعى فى كل دول العالم، وليس فى مصر فقط، إذ إن مواقع التواصل تلعب دورًا كبيرًا فى نشر الشائعات والأخبار المغلوطة والمزيفة.
وأوضح: الشائعة الاقتصادية مثل «أسعار الذهب سترتفع الفترة المقبلة» تترتب عليها إقبال غير طبيعى من الجمهور على شراء الذهب قبل ارتفاع ثمنه، وهذه الشائعات تشكل أداة تخريب حقيقية فى المجتمع والواقع الاقتصادي، لأنها تزيد المشكلات الاقتصادية تعقيدًا.
الصفحات الرسمية
من جانبه يرى الدكتور طه نجم، رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، أن خير وسيلة لمواجهة الشائعات هى وجود صفحات رسمية للدولة لمواجهة هذه الشائعات والرد عليها وتصحيحها.. وتابع: يجب مواجهة الشائعات بنفس الأسلوب والمصدر الذى تنطلق منه، إذ إنها فى الغالب تكون من مواقع التواصل الاجتماعى.
وأضاف: يعجبنى كثيرًا ما تقوم به بعض الدول الشقيقة فى الخليج، حيث يتم الرد على أى شائعة تخرج من خلال الصفحة الرسمية الخاصة بالدولة عبر تويتر، أى يتم الرد بنفس الوسيلة التى خرجت منها الشائعة، وحتى لو كانت شائعة بسيطة، وهذا هو أفضل رد على الشائعات فى ظل تراجع مشاهدة القنوات مقابل السوشيال ميديا التى أصبحت واقعًا نعيشه.
وأشار إلى أن هناك شائعات كثيرة تنتشر بسرعة، وتتطلب الرد عليها بشكل سريع من مصادر موثوقة، ولذلك، لا بد من الحكومة أن تخصص صفحات رسمية لكل الجهات فى مختلف القطاعات فى الدولة للرد على الشائعات، لأننا مجتمع كبير ونعيش وسط أزمات اشتعال المنطقة المحيطة بنا. . ولفت إلى أنه صحيح أن صفحة مجلس الوزراء ترد على الشائعات، لكن ليست طوال الوقت، وليست على كل شائعة.
وتابع أن هذه الصفحات من شأنها القضاء على أى شائعة فى بدايتها قبل انتشارها، مؤكدًا أنه لا يجب تجاهل الشائعات أيا كانت، سواء صغيرة أو كبيرة، لما تمثله من خطورة، فكل المشاكل تبدأ من شائعات بسيطة ثم تكبر.
أنواع الشائعات
من جانب آخر أوضحت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، أن هناك نوعين من الشائعات: النوع الأول هو الشائعات العشوائية، التى تتبعها حالة من الثرثرة وعدم الفهم لبعض الأمور، وتكون نتيجة التكهنات والترويج لفكرة معينة.
أما النوع الثانى فهو الشائعات المنظمة، التى تقودها مجموعة من الكتائب وتحاول بث أفكار معينة لأغراض سياسية واجتماعية وكلا النوعين يُعد ضارًا بالمجتمع.
ولفتت “منصور «الانتباه إلى أن هناك أنواعًا من البيئات، منها ما هو داعم للشائعات وبيئة مقاومة لها فالبيئة الداعمة هى التى ينعدم فيها الثقة، حيث يصدق المواطن أى شيء بسبب ضعف مصادر المعلومات وغياب طرق الوصول إليها.
فى حين تعتمد البيئة المقاومة على وجود مصادر رسمية للتحقق من صدق المعلومات، بالإضافة إلى الشفافية ونشر الوعى الدينى والاجتماعى والثقافى.
وركزت الدكتورة هالة منصور على أهمية المشاركة المجتمعية وتحمل المسئولية، مطالبة بتقنين استخدام وسائل الإعلام ومتابعة الكتائب الإلكترونية التى تبث الشائعات.
وأشارت إلى أن الشائعات تؤثر على اقتصاد الدول، حيث يمكن أن تسبب حالات هبوط حاد فى أسواق البورصة.
التأثيرات الخطيرة
أوضحت الدكتورة عزة فتحي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الشائعات أحيانًا تكون مبنية على حقائق ولو بنسبة 20%، مما يتطلب وجود شفافية ووضوح لمواجهة الأزمات .. كما وضعت الدكتورة عزة محددات لمواجهة ظاهرة الشائعات، تبدأ من التعليم فى الصغر، حيث يُعتبر التعليم كالنقش على الحجر، ويجب تعليم الطلاب كيفية التفكير الناقد وتمكينهم من التمييز بين الحقائق والشائعات.
وطالبت فتحي بضرورة تعليم المواطنة الرقمية، وتقنين استخدام التكنولوجيا بحكمة ومسئولية، لضمان القدرة على مواجهة الشائعات بشكل فعّال.