فى الطب.. الأخلاق أولا
مواجهة قانونية ونقابية لسقطات طبيبة كفر الدوار
البحث عن المال الحرام
البحث عن الأرباح عبر مواقع التواصل الاجتماعى يدفع عددًا متزايدًا من الأشخاص إلى ارتكاب جرائم غير أخلاقية، من بينها نشر مقاطع تحتوى على مشاهد خادشة للحياء العام أو التعرى أو الشعوذة ومنهم من يتاجر بالدين بغير علم ولا تأهيل لإصدار الفتوى، وصولًا إلى التجرؤ على المجتمع بنشر الأكاذيب أو تضخيم حالات فردية وتصويرها على أنها ظاهرة بدون أسانيد أو إحصائيات، أحدثها طبيبة كفر الدوار التى بثت فيديو تطاولت فيه على نساء مصر زاعمة أنها تستهدف التوعية .
إلا أن الطبيبة تخطت التوعية المزعومة إلى محاولة تشويه المجتمع وكأن العلاقات غير الشرعية والانحلال الأخلاقى قد ضرب أركانه بالمخالفة للواقع.
أخفقت الطبيبة مرتين، أولاها عندما أفشت أسرار مرضاها وهى التى أقسمت على صون أسرارهم، والمرة الثانية عندما ظنت أن حالة أو اثنتين– إن ثبت صدق روايتها– قد يعنى تفشى الانحلال الأخلاقى فى المجتمع المصرى.. فى هذا التقرير لسنا جهة تحقيق أو منصة قضاء لتوجيه الاتهامات أو إصدار أحكام، بل نفتح ملف شهوة السوشيال ميديا بحثًا عن المال الحرام وآليات المواجهة التوعوية والقانونية.
كتب - محمود جودة - أمانى حسين
سادت حالة غضب بين المواطنين.. لتجرؤ طبيبة على المجتمع بإصدار أحكام معممة على حالات زعمت أنها التقتها واتهمتها بارتكاب أفعال مخالفة للشرائع والقوانين أسفرت عن الحمل السفاح.
كانت طبيبة النساء والتوليد “و. ش”، من كفر الدوار نشرت فيديو على موقع الفيس بوك بحثاً عن الربح والشهرة يتضمن إساءة للمصريين والمصريات، ترتب عليه تقديم العديد من الجهات بلاغات وشكاوى ضدها، حيث زعمت فيه توقيعها الكشف على فتاة حملت نتيجة علاقة غير شرعية لا يتجاوز عمرها 14 عامًا ثم عممت الحالة الفردية على المجتمع بالمخالفة للواقع والمنطق ودون الإستناد إلى أى إحصائيات.
التجاوزات استنفرت الجهات المعنية خاصة وأنها تطرقت إلى حالات ولادة داخل المستشفى الحكومى وخالفت مواثيق الشرف المهنى التى تلزم الطبيب بحفظ أسرار مرضاه.
وكانت الأجهزة الأمنية بالبحيرة، قد ألقت القبض على الطبيبة، بعد تقديم عدد من المحامين بلاغات تتهمها بالإساءة إلى المجتمع ونشر أكاذيب.
كما قامت الطبيبة – حسب روايتها – بتوليد سيدة دخلت المستشفى كحالة ولادة، ولم يكن الوقت كافيا لتسجيل بياناتها، وإنقاذا لحياتها قامت بتوليدها، وبعد ذلك طلبت منها البيانات وقسيمة الزواج، ولكنهم تلكأوا، ثم أحضروا شابا يصغرها بـ 14 سنة، ومعه ورقة مكتوبة بخط ردىء مدعيا أنه زوجها وهما متزوجان عرفيا، فطلبت منه أن يخبرها إن كان الطفل ليس ابنه، لأنه سيكتب باسمه وسوف يكون هناك اختلاط فى الأنساب، إلا أنه أقر بأنه الزوج، ولكنها ترى أن الطفل غير شرعى ومن رجل آخر.
النيابة الإدارية
وأصدر المستشار عبدالراضى صديق، رئيس هيئة النيابة الإدارية، أمرا بفحص الفيديو المتداول الذى تم رصده من مركز الإعلام والرصد بالهيئة، وذلك من خلال وحدة شئون المرأة وحقوق الإنسان وذوى الإعاقة برئاسة المستشارة بريهان محسن، باعتبار الفيديو يشكل انتهاكا لحقوق المريضات، ومخالفة لأخلاقيات مهنة الطب، ولائحة آداب ممارسة المهنة.
الصحة
بدوره، أكد الدكتور حسام عبدالغفار، مساعد وزير الصحة للتنمية المؤسسية، المتحدث الرسمى للوزارة، فى تصريحات خاصة، أن الوزارة كجهة إدارية لا يجوز لها التصرف أو التدخل فى التحقيقات التى تجريها النيابة العامة أو النيابة الإدارية، وأنه طالما إحدى هذه الجهات تحقق فى قضية طبيبة كفر الدوار فتترك لها التحقيقات برمتها لحين الوصول إلى قرار بشأنها، إلا إذا أحالت النيابة الإدارية الأوراق إلى الوزارة، إذا ارتأت قبل أن تحدد المسئولية الإدارية أن تحيل الأوراق إلى النيابة العامة، لانطواء الوقائع على جريمة جنائية، ويعتبر ذلك غير مؤثر فى اختصاصها بالتصرف فى التحقيق، وما يسفر عنه تحقيق النيابة العامة.
وتابع: ”أى مشكلة أو تجاوز أو تقصير، إذا تولت النيابة الإدارية التحقيق فيها، سواء بناء على طلب الجهة الإدارية المختصة، أو بناء على ما كشفته إجراءات الرقابة، أو شكاوى الأفراد والهيئات التى يثبت الفحص جديتها، فإن على النيابة الإدارية الاستمرار فى التحقيق حتى تتخذ قرارًا بشأنه، دون أن يتوقف ذلك على إرادة الجهة الإدارية، كما أن لها من تلقاء ذاتها أن تحيل الأوراق إلى المحكمة التأديبية، متى قررت أن المخالفة تستوجب ذلك”.
نقابة الأطباء
أحالت النقابة العامة للأطباء الشكاوى المقدمة ضد الطبيبة، إلى لجنة آداب المهنة للتحقيق فيها، مشددة على استنكارها لأى أفعال فردية، من شأنها الإساءة للمريض والمهنة معا، وأنها تواجه أى مخالفات لأعضائها فى حال ثبوتها بكل حسم، وأن أى طبيب يخرج عن قواعد ولائحة آداب المهنة والأصول الطبية المعمول بها، يتم إحالته للتحقيق وللهيئة التأديبية، لتحديد العقوبة المستحقة عليه، والتى قد تصل إلى الشطب من الجدول، وبالتالى المنع من ممارسة مهنة الطب.
فالطبيب دوره علاج المرضى، أما سلوكيات المريض فليست من اختصاص الطبيب، وأدى الأطباء القسم بالحفاظ على أسرار المرضى، وعلاج الصالح والطالح، والعدو والحبيب، وليس للخوض فى أعراضهم وإفشاء أسرارهم، ما يتنافى مع أخلاقيات المهنة.
..والنيابة العامة تقرر حبسها 4 أيام على ذمة التحقيق وتوجه لها 4 اتهامات
البحيرة - جمالات الدمنهورى
قرر المستشار أحمد يسرى، رئيس نيابة مركز كفر الدوار، حبس الطبيبة “و ش”، إخصائية التوليد والنساء بمستشفى كفر الدوار، 4 أيام على ذمة التحقيقات، فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ”طبيبة النساء والتوليد بكفر الدوار”، وأعلن فريق الدفاع عن المتهمة انتهاء النيابة العامة من التحقيقات معها، بعد إلقاء فرع البحث الجنائى بكفر الدوار القبض عليها بتهمة نشر مقاطع فيديو عبر صفحتها الشخصية على “فيسبوك” حول إنجاب الأطفال عن طريق العلاقات غير الشرعية.
وأكد فريق هيئة الدفاع، أن الاتهامات التى وجهتها النيابة للطبيبة، تتضمن تكدير الأمن والسلم العام، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعى لإثارة البلبلة بين أطياف الشعب المصرى، وأيضًا بصورة تثير جموع الشعب وتتسبب فى تكدير السلم العام وألفاظ سيئة.
بينما يرى هيثم عبدالعزير، محام بالنقض، أحد أعضاء فريق الدفاع، أن موكلته لم تفش أسرار المرضى، ولم تذكر أسماء أحد أو تنشر صورا لهم بل خانها التعبير فى بعض الألفاظ، ولكننا جميعًا نختلف فى التعبير عن آرائنا، موضحًا أن “الدكتورة” قامت بتسجيل الفيديو ونشره بهدف النصح والإرشاد لبعض الوقائع التى نراها فى الجانب العملى فى حياتنا اليومية، بصفتنا قد نتشابه ونتقابل فى بعض المشاكل التى نراها ونسمعها يوميًا. وعن البحث عن التريند والشهرة، قال : من منا لا يرغب فى الشهرة ويبحث عنها وتقابلنا مع وقائع كثيرة، ولكن أرى أنها لم تكن تقصدها حقًا لأنها طبيبة محترمة وزوجة لطبيب محترم. من جانبه، قال زوج الطبيبة المتهمة: “إن زوجته نشرت الفيديو بهدف توعية العائلات ببناتها”، مؤكدًا أن زوجته لم تنتهك أخلاقيات مهنتها، إذ لم تكشف عن أسرار مرضى بذكر أسماء أو معلومات يمكن التعرف عليها من خلالها، مضيفًا: “أن الصفحة على مواقع التواصل الاجتماعى “فيسبوك”، التى نشر الفيديو عليها هى صفحة شخصية وليست تجارية، ولا يوجد عليها تفعيل للإعلانات”.