مكمل معاكم معرض استيعادى عابر للزمان
بهجورى أيقونة الفن و70 عامًًا من البهجة
أحمد رزق
Gallery rosa
إن كنت لا تعرفه من قبل.. فلا تحكم عليه من أول وهلة.. ولكن تأكد أنك تقف هنا على عتبات البهجة الفنية والإنسانية لفرط بساطته وبوهيميته.. تحسبه واحدًا من آحاد الناس.. يعاملك بلا تكلف.. يباغتك بعفويته المفرطة.. وابتسامته الساحرة.. فلا تدرى إن كان يداعبك أو يسخر منك..
بكلمات بسيطة موجزة وصفت قاعة بيكاسو أيقونة الفن المصرى جورج عبدالمسيح بشاى أو كما يعرفه جمهور الفن فى مصر والعالم باسم جورج بهجورى المولود بالأقصر عام 1932 لينتقل فى طفولته مع العائلة لمحافظتى المنوفية والقاهرة وتخرج فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة وأيضًا بكلية الفنون الجميلة بباريس والتى أقام بها بعد ذلك منذ عام 1975 ليزيد من خبراته الفنية وصقل موهبته الفذة والتى جابت شهرته بها قبل عودته لمصر فى تسعينيات القرن الماضى.
يستحيل الكلام عن جورج البهجورى دون ذكر «روزاليوسف» فهو أحد أبرز نجومها والتى عمل بها منذ عام 1953 وحتى 1975 كرسام للكاريكاتير فى مجلتى«روزاليوسف» و«صباح الخير» وأثارت رسومه بهما ردود أفعال كثيرة وتتعدى أحيانًا لتصل إلى أزمات، ومن أبرزها أزماته مع السياسيين والشخصيات الفنية, أزمته مع صلاح سالم عضو مجلس قيادة ثورة يوليو حين رسمه على غلاف «روزاليوسف» قزمًا بجانب الرئيس عبدالناصر وينظف قبة البرلمان ليسبب الغلاف أزمة لم ينقذه منها إلا تدخل إحسان عبدالقدوس.
وأيضًا غضب الرئيس الراحل أنور السادات بعد أن رسمه بأسلوب كاريكاتورى ليضعه بالفعل فى قائمة الممنوعين من دخول مصر ولعل أطرف أزماته كانت مع أيقونة الغناء العربى السيدة أم كلثوم فرغم عشقه الشديد لها حتى أنه خصص لها معرضًا خاصًا ولفرقتها الموسيقية والذى صاحب أعضاءها ليتمكن من استخلاص روح أغانيها وهو ما اتضح فى لوحاته الخاصة بها، وكانت الأزمة حين رسم إحدى حفلاتها ليظهر أحد المستمعين نائمًا أثناء غنائها.
الكاريكاتير عند بهجورى فن راق جدًا ومهذب جدًا ودقيق جدًا, فالكوميديا لديه تسمو كلما مالت للامتزاج بالحياة والمشاهد اليومية الواقعية والتى تقترب من السخرية المهذبة والتى يسترجعها بأسلوب غير مباشر فى محاولة للتساؤل بانتقاء شديد وعميق لا يستهدف التسلية أو المتعة المزيفة.
مالا يعرفه الكثيرون أن جورج البهجورى قام بالتمثيل فى ثلاثة أفلام سينمائية أحدها فيلم فرنسى - وأيضًا كاتب ساخر صدر له عدة كتب: «أيقونة فلتس» و«بهجر فى المهجر» و«من بهجورة إلى باريس» و«الرسوم الممنوعة».
أقام البهجورى عشرات المعارض فى كل أنحاء العالم وفاز بالعديد من الجوائز منها: الجائزة العالمية الأولى فى الكاريكاتير بروما عامى 1985 و1987، كما حصل على الميدالية الفضية عن لوحة «وجه من مصر» ممثلًا بها مصر فى أحد أجنحة متحف اللوفر عام 1990.
فى معرضه الاستيعادى تنوعت الأعمال المعروضة فى مواضيعها وتاريخ إنتاجها والتى عبرت عن نمط الحياة المصرية والتى تضمنتها البهجة بأسلوب مدهش متميز تختلط فيه الخطوط مع مساحات اللون وتبرز الملامح من خلال خطوط سميكة وألوان ثرية تتواصل مع التراث خاصة تأثره الشديد بالأيقونات القبطية لتزيد العمل عمقًا وثراءً مكانيًا وزمنيًا.