متخصصون فى شئون الحركات المسلحة المتطرفة: الوضع فى سوريا معقد.. والميليشيات تهدد استقرار المنطقة
كشف خبراء فى شئون الحركات المسلحة المتطرفة عن أن سقوط سوريا نقطة تحول خطيرة، قد تسهم فى إعادة تشكيل خريطة المنطقة لصالح التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة، خاصة مع انتشار الأسلحة المتطورة التى حصلت عليها هذه الجماعات خلال الصراع، ما ينذر بخلق حالة من الفوضى التى قد تمتد إلى دول الجوار، ويعرّض استقرار المنطقة لخطر حقيقى فى ظل وجود جماعات متشددة تحمل أجندات طائفية متطرفة.
أكد طارق أبوالسعد، الباحث فى شئون الحركات المسلحة المتطرفة، أن الوضع فى سوريا يتسم بدرجة عالية من التعقيد، حيث تتداخل فيه قوى إقليمية ودولية مع ميليشيات مسلحة متعددة، ما يجعل أى قراءة مستقبلية للأحداث غير دقيقة، مشيرًا إلى أن اللاعب الظاهر حاليًا هو هيئة تحرير الشام، وهى مليشيا إسلاموية مسلحة، لكنها ليست كيانًا واحدًا متماسكًا وتضم مليشيات ذات اختلافات عقائدية وأيديولوجية عميقة، وهذه الاختلافات تعزز من احتمالية انتشار الفوضى والاقتتال الداخلى فى البلاد.
وأضاف فى تصريحاته لـ«روزاليوسف»: إن الهدف من هذا التدخل المتشابك تعطيل سوريا عن دورها كدولة مركزية وتحويلها إلى دولة ممزقة تحكمها مليشيات متعددة، وهو سيناريو مشابه لما يحدث فى ليبيا، إذ يتوزع المشهد السورى الحالى بين قطاعات مختلفة، محذرًا من أن سقوط سوريا قد يشجع مليشيات أخرى على الانتفاض فى دول عربية أخرى، مثل اليمن والعراق، ما يكشف خطورة انتقال عدوى الانتفاضات المسلحة إلى دول أخرى فى المنطقة ويزيد من زعزعة الاستقرار الإقليمى.
وقال طارق البشبيشى، الخبير فى شئون الحركات المتطرفة: إن سوريا تعرضت لمخطط الفوضى المدمرة الذى ضرب العديد من الدول العربية، وارتبط بحسابات إقليمية ودولية بين القوى المهيمنة عالميًا وإقليميًا، لكن الأحداث التى وقعت فى 7 أكتوبر كان لها تأثير كبير على الشرق الأوسط بأسره وتم تحميل إيران وأذرعها المسئولية عما حدث، ما أدى إلى بدء مرحلة عقاب إيران وتقليم أظافرها، ضمن خطة للتخلص من النظام السورى باعتباره أحد أهم أدوات النظام الإيرانى.
وتابع: إن من بين أهداف الغرب إبعاد سوريا عن النفوذ الروسى، واستكمال مشروع الفوضى المدمرة الذى شهد تراجعًا عقب ثورة 30 يونيو 2013 فى مصر، متوقعًا أن تشهد المرحلة المقبلة صراعات بين التنظيمات التى تمويلها من دول خارجية، بعد انهيار النظام السورى، مشابهة لما حدث فى أفغانستان والعراق، وإعطاء الجماعات الإرهابية دفعة معنوية كبيرة بعد 11 عامًا من سقوط جماعة الإخوان فى مصر، وما ترتب على ذلك من ارتداد فى تنظيمات الإسلام السياسى، وهى أدوات الغرب لتفتيت الدول العربية.
وقال هشام النجار، الخبير فى شئون الحركات التنظيمات المسلحة المتطرفة: إن التحديات التى تواجه المنطقة فى ظل الأحداث الأخيرة كبيرة ومعقدة، وتكمن فى العمق تراكمات واحتقانات مجتمعية وطائفية استمرت لعقود طويلة، والخوف الرئيسى يتعلق بحدوث اقتتال على أساس طائفى، خاصة مع اكتساب الجماعات الجهادية السنية نفوذًا غير مسبوق، مشيرًا إلى أن هذه الجماعات الإرهابية، رغم تبنيها خطابات معتدلة فى بعض الأحيان، إلا أنها تظل تحمل رواسب عقدية راسخة تجعل عناصرها مستعدة للدخول فى مواجهات مذهبية حادة.
وأوضح أن التحدى يتمثل فى فرضية القدرة على خوض مرحلة انتقالية سلسة بعد الحدث الكبير، وهو أمر يتطلب قبولًا بالتعددية والتنوع، إضافة إلى تقديم تنازلات لصالح مكونات سورية أخرى بخلاف المليشيات المسلحة والجهاديين، لكن غالبية تشكيلات المليشيات المسلحة ليست مستعدة لتقديم تنازلات أو السماح بمشاركات فعالة من تيارات أخرى، ما يجعل عملية المرور من المرحلة الانتقالية أصعب من إسقاط النظام نفسه، مشيرًا إلى أن المرحلة الجديدة التى تشهدها المنطقة تحمل مكاسب لتيارات الإسلام السياسى والجماعات الجهادية الإرهابية، فيما تعد خسارة واضحة لروسيا وإيران وأصبح هناك تهديد كبير بعودة التنظيمات المتطرفة مثل القاعدة.