السبت 18 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صفقات القوى الدولية وراء انهيار الجيش السورى

أكد خبراء استراتيجيون ومحللون سياسيون أن انهيار الجيش السورى لم يكن بسبب هزيمة عسكرية، بل جاء نتيجة انقسامات داخلية وصفقات ميدانية أبرمت بين القوى الإقليمية والدولية أفقدت الجيش السورى قدرته على مواجهة التهديدات العسكرية، مشددين على أن إعادة بناء جيش وطنى قوى سيكون صعبًا، خاصة فى ظل انتشار الأسلحة الثقيلة بين الجماعات المسلحة، ما يزيد المشهد تعقيدًا.



قال الدكتور سمير فرج، الخبير الاستراتيجى، إن الجيش السورى واجه تحديات غير مسبوقة أدت الى انهياره نتيجة الانخفاض الحاد فى الروح المعنوية للجنود وتراجع الدعم الخارجى الذى كانت تقدمه أطراف مثل إيران وروسيا، وهذه الأمور كانت سببًا رئيسيًا فى إسقاط الجيش السورى واستيلاء الميليشيات المسلحة على جزء كبير من ترسانته العسكرية.

وأوضح فى تصريحاته لـ«روزاليوسف» أن هناك تضاربا فى الأنباء حول مصير الجنود الذين خدموا فى صفوف الجيش ما بين العفو عن العناصر التى لم ترتكب انتهاكات جسيمة بحق الشعب السورى مع إمكانية استمرارهم فى الخدمة العسكرية، ومن جهة أخرى هناك بالتأكيد من ستتم محاسبته عن الجرائم ضد المدنيين، وفى ظل هذه التحديات فإن إعادة بناء الجيش السورى تحتاج إلى دعم دولى وإقليمى واسع النطاق، وهو أمر صعب التحقيق فى ظل الانقسامات السياسية الحادة داخل البلاد.

وقال اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية: إن انهيار الجيش السورى حدث فارق فى تاريخ الدولة السورية، وكان السقوط التدريجى لعدة مناطق حيوية فى يد الميليشيات المسلحة بمثابة إعلان عملى عن انهيار قدرة الجيش على الصمود أمام التهديدات الخارجية والداخلية.

وأشار العمدة لـ«روزاليوسف» إلى أن أهم الأسباب التى أدت إلى انهيار الجيش السوري، غياب الثقة فى القيادة العسكرية السورية، إضافة إلى ضعف القيادة، ما أدى إلى تفكك الصفوف وهروب العديد من العناصر العسكرية، كما أن التهديدات التى استمرت طوال فترة الصراع بين النظام والميليشيات المسلحة لم تجد لها ردًا مناسبًا من القيادة العسكرية، ما ساهم فى تدنى الروح المعنوية للقوات المسلحة السورية. ولفت إلى أن الصفقات الإقليمية التى تم عقدها بين إيران وروسيا والميليشيات المختلفة ساعدت فى كل هذه التطورات وتعزيز قوة الميليشيات المسلحة المعادية للنظام، ما أدى إلى تعقيد الموقف العسكرى بشكل أكبر، مشيرًا إلى أنه من الصعب تصور عودة الجيش السورى إلى وضعه الطبيعى فى ظل وجود الميليشيات الطائفية والإقليمية التى تسيطر على مناطق واسعة، وسيكون هناك حالة من الاقتتال الداخلى بين قوات جيش النظام السورى وقادة الميليشيات المسلحة.

وقال اللواء دكتور أسامة محمد الجمال، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا: إن الجيش السورى لم ينهر بالمعنى التقليدى، لكنه تعرض لانقسامات داخلية بسبب سياسات النظام، مشيرًا إلى أن إعادة بناء جيش وطنى يمثل تحديًا كبيرًا فى ظل تنوع الميليشيات المسلحة التى باتت تشكل القوة الفاعلة على الأرض، كما أن استعادة الثقة فى المؤسسة العسكرية يتطلب دمج العناصر القابلة للإصلاح ضمن جيش وطنى شامل مع محاسبة عادلة للمسئولين عن الانتهاكات. 

وأكد الجمال لـ«روزاليوسف»، أن خطر الصراع المذهبى فى سوريا ليس جديدًا، لكنه قد يشتعل أكثر مع استمرار غياب حلول سياسية وامتداد هذا الصراع إلى دول الجوار كلبنان والعراق يمثل تهديدًا للأمن الإقليمى ككل، لافتًا إلى أن هناك 3 سيناريوهات محتملة لمستقبل سوريا، الأول: استمرار الوضع الراهن، والثانى: أن يكون هناك حل سياسى شامل ينهى النزاع لكن يتطلب هذا تشكيل حكومة انتقالية وإعادة هيكلة الجيش لضمان تمثيل عادل بين مختلف مكونات المجتمع السورى، والثالث: انهيار شامل للدولة، ما يعنى تقسيم سوريا فعليًا إلى مناطق نفوذ تسيطر عليها قوى محلية وإقليمية، مع احتمالات عالية لتزايد الفوضى وانتشار التنظيمات الإرهابية التى قد تهدد دول المنطقة، ومثل هذا السيناريو سيجعل سوريا ساحة صراع إقليمى ودولى مفتوح، ما يزيد من تعقيد الأزمة ويطيل أمد المعاناة الإنسانية.