«الهيدروجين الأخضر».. وقود المستقبل
تمتلك الدولة المصرية جميع المقومات التى تؤهلها لتصبح مركزًا إقليمياً لصناعة الهيدروجين الأخضر، لذلك اتخذت الدولة خطوات جادة لتحقيق ذلك الهدف، حيث عملت وزارة البترول على الإسراع فى تنفيذ المشروعات الجديدة الجارية بالشراكة مع شركات عالمية رائدة، لتوطين صناعات التكنولوجيا المتعلقة بهذا المجال محلياً وجذب المزيد من الاستثمارات، إذ يأتى مشروع «الأمونيا الخضراء» فى دمياط، على رأس تلك المشروعات، بتكلفة استثمارية 900 مليون دولار، ويضم إنشاء محطة لإنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى محلل كهربى للهيدروجين الأخضر الذى يتم إنتاجه من خلال تكنولوجيا التحليل الكهربى، باستخدام الطاقة المتجددة، وذلك لإنتاج 150 ألف طن سنوياً من الأمونيا الخضراء التى تستخدم كوقود نظيف.
من جانبه، أكد الدكتور سمير محمود القرعيش، النائب لسابق لرئيس الشركة المصرية القابضة للغازات (إيجاس)، أن مصر من أوائل الدول فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التى أنتجت واستخدمت الهيدروجين الأخضر فى عام 1960، فقد بدأت شركة الصناعات الكيماوية المصرية (كيما) فى إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام إمدادات الطاقة الكهرومائية من سد أسوان القريب لإنتاج الأمونيا الخضراء، مما زود البلاد بالخبرة والبنية التحتية اللازمة، مضيفا أنه صدر قرار من مجلس الوزراء وتشكيل فريق عمل من وزارتى البترول والكهرباء، لإعداد دراسة عن الهيدروجين وتطبيقه.
وأشار «القرعيش»، إلى أنه تم الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية المصرية للهيدروجين منخفض الكربون فى أغسطس 2024، والتى تستهدف مصر من خلالها الاستحواذ على نحو من 5 إلى 8% من سوق الهيدروجين العالمية القابلة للتداول بحلول عام ٢٠٤٠، وذلك من خلال تعظيم الاستفادة من الخبرات والكفاءات والكوادر والإمكانيات الهائلة من مصادر الطاقات المتجددة والموقع الجغرافى والاستراتيجى المتميز، والخبرة الطويلة فى إنتاج تصدير الهيدروجين ومشتقاته، مضيفًا أن إنشاء اقتصاد الهيدروجين لن يساعد مصر فقط على إزالة الكربون، بل سيمكن مصر من دعم إزالة الكربون على مستوى العالم بحلول عام ٢٠٤٠، ويمكن أن تساعد مصر فى تقليل انبعاثات الكربون العالمية بمقدار ٤٦ مليون طن سنويًا.
وتابع:» سيتم تطوير اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون فى مصر على ثلاث مراحل، أولها مرحلة المشاريع التجريبية وتتم خلال سنوات العقد 2020، لوضع الأسس لتطوير اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون، وسوق التصدير وتقديم دعم وثيق للمشاريع الأولية، وإنشاء هيكل حوكمة مناسب لهذا الغرض»، متابعًا:» ثم تأتى مرحلة التوسع وتتم خلال سنوات العقد 2030، لتأمين مكانة فى اقتصاد الهيدروجين المتنامى باستخدام التكاليف المنخفضة للهيدروجين لدعم إزالة الكربون على نطاق أوسع فى مصر، لتحل محل الهيدروجين الرمادى، وزيادة إنتاج الهيدروجين إلى مستوى جيجا وات، وما بعدها».
وأردف:» وتأتى بعد ذلك، مرحلة التطبيق الكامل خلال سنوات العقد ٢٠٤٠، للحفاظ على مكانة فى السوق واستخدام الهيدروجين لدعم إزالة الكربون وتأمين مستقبل منخفض الكربون فى الصناعة والنقل»، لافتًا إلى أن مصر وقعت 27 مذكرة تفاهم لمشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر، يبلغ مجموعها حوالى ١١٤ جيجاوات من طاقة الرياح وحوالى 118 جيجاوات من الطاقة الشمسية، بالإضافة أنه إلى تم توقيع 12 اتفاقية إطارية لدعم هذه المبادرات، واعتماد قانون حوافز مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته فى يناير ٢٠٢٤.
وأوضح المهندس أحمد أسامة مدير عام إدارة الاستدامة بوزارة البترول، أن العالم كله يسعى للتحول إلى أنظمة طاقة منخفضة الكربون والعمل على خفض الانبعاثات الكربونية فى كل مراحل سلسلة القيمة لصناعة الطاقة، بدءاً من الإنتاج مروراً بالنقل والتوزيع نهاية بالاستخدام، مشيراً إلى أن الشغل الشاغل للقائمين على قطاعات الطاقة هو التعامل بكفاءة مع المعضلة الثلاثية وهى تأمين إمدادات الطاقة للشعوب والنمو الاقتصادى وتوافرها بأسعار معقولة وبشكل مستدام بيئياً فى الوقت نفسه.
ولفت إلى أن، التحول يقتضى العمل بالتوازى على تنمية كل المصادر فى مجال الطاقة، والمضى قدمًا فى كل المسارات بدون تفضيل مسار على آخر، ليتم تنمية مصادر الطاقة المتجددة بالتوازى مع الاستمرار فى تنمية مصادر الوقود التقليدى، خاصة الغاز الطبيعى «الوقود الأحفورى الأقل انبعاثات للكربون»، لافتًا إلى أن الغاز والبترول سيشكلان جزءًا مهما من الطلب على الطاقة فى العالم لعقود عديدة، وهذا يحتم التركيز على تقليل الانبعاثات من المصدر نفسه بغض النظر عن نوعه، ليكون منخفض الكربون ومستدام بيئيا.
وأشار إلى توقيع اتفاق لتمويل خارطة طريق خفض انبعاثات الميثان فى قطاع البترول، مضيفاً أن القطاع يعمل بشكل منهجى وعلمى مع موضوع التحول الطاقى وخفض الانبعاثات الكربونية الذى تم إدراجه فى أولويات استراتيجية عمل الوزارة، ويتم العمل عليه عبر عدد من المحاور التى تشمل إصلاح دعم الطاقة وتعزيز استخدام الغاز الطبيعى منخفض الكربون، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة فى قطاع البترول وإزالة الكربون من موارد البترول والغاز، والتوسع فى الطاقات المتجددة والخضراء والهيدروجين منخفض الكربون. وأوضح المهندس وائل مختار نائب رئيس الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات للتسويق وتنمية الأعمال، أن الشركة تعمل من خلال الخطة القومية لصناعة البتروكيماويات على 9 مشروعات جديدة لتعظيم القيمة المضافة وزيادة الإنتاج بواقع 5.7 مليون طن من المنتجات ذات المردودين الاقتصادى والبيئى والتى ستسهم فى مضاعفة الإنتاج من منتجات البتروكيماويات البالغ 4 ملايين طن إلى ما يناهز 10 ملايين طن بحلول عام 2030.