الأحد 29 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

5 قضايا تصدرت اهتمامات القاهرة فى إفريقيا خلال 2024

«عام الشراكة والخطوط الحمراء»

لم تغب شواغل واهتمامات وقضايا دول القارة الإفريقية خلال عام 2024، الملىء بالتحديات وتداعيات الصراعات الإقليمية، عن اهتمامات القيادة المصرية، ففى إطار سياسة الانفتاح المصرى تجاه إفريقيا، تبنت القاهرة شواغل القارة، فى أكثر من قضية وتحدِ، وتحدثت بصوت القارة الإفريقية دفاعًا عن مصالحها، خصوصًا فيما يتعلق، بالنزاعات التى تشهدها بعض دول القارة، كالوضع فى السودان والصومال، والتى شكلت معها مصر خطوطًا حمراء، للحفاظ على وحدة وسيادة تلك الدول.



ولم تكن القارة، بعيدة عن تداعيات وآثار الصراع فى منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب التوترات فى منطقة القرن الإفريقى، فضلًا عن التحديات الاقتصادية التى تواجهها دول القارة خلال السنوات الأخيرة، التى فى قمتها آثار جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ومن بعدها نتائج العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.. وفى ظل هذه التداعيات الصعبة التى طالت جميع دول العالم، فى عام «المعاناة» السياسية والاقتصادية، وتأثيراتها على الأمن الغذائى والطاقة والظروف المعيشية، كانت تلك القضايا حاضرة على أجندة الدعم المصرى لدول القارة، وخلال هذا العام كان هذا الحضور والدعم حاضرًا فى صور مختلفة من الدولة المصرية للدول الإفريقية.. مشروعات التعاون تؤكد «رسالة القاهرة» بدعم الأشقاء والشعوب الإفريقية.

السياسة المصرية ليست شعارات تردد، ولكن تترجمها برامج مختلفة من الدعم، فى مختلف المجالات، والمساعدات فى أوقات المحن.. وخلال هذا العام تصدرت 5 قضايا وأزمات إفريقية، اهتمامات القاهرة، وهذه القضايا والملفات ما يلى:

 

1- إنهاء الحرب فى السودان

 

 

 

لم تغب تطورات الحرب فى السودان، عن اهتمامات الدولة المصرية، التى كانت حاضرة فى كل تحرك دولى وإقليمى، يستهدف وقف إطلاق النار فى السودان، وإنهاء الحرب الداخلية، ومعاناة الملايين من السودانيين، إلى جانب دعم عملية سياسية شاملة تشارك فيها مختلف الأطياف السودانية.

وتتبنى القاهرة، رؤية ثابتة، قائمة على مجموعة من المحددات الأساسية التى لا تسمح بتجاوزها، أهمها الحفاظ على وحدة وسيادة السودان، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، ودعم حل سياسى شامل، تشارك فيه الأطراف السودانية كافة، كما تؤكد الرؤية المصرية على ضرورة دعم مسار «جدة» لإنهاء الحرب الداخلية.

ومن هذا المنطلق، استضافت القاهرة فى شهر يوليو الماضى، مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، ولأول مرة، استطاعت القاهرة، أن تجمع الفرقاء السياسيين فى السودان، والأطراف السياسية السودانية فى مائدة حوار واحد، حيث جمعت الكتل السياسية الأساسية، وعلى رأسها تكتل الكتلة الديمقراطية وقوى الحراك الوطنى وتنسيقة القوى المدنية (تقدم)، بجانب شخصيات مستقلة ومنظمات مدنية فى الحوار.

وناقش المؤتمر الذى رفع شعار «معًا لوقف الحرب»، ثلاثة ملفات لإنهاء النزاع، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية للحل»، وأكد البيان الختامى للمؤتمر مجموعة من الثوابت الأساسية، التى مكن البناء عليها، فى مسارات الحل الثلاثة (وقف إطلاق النار، والإغاثة الإنسانية، والحل السياسى).

وإلى جانب مؤتمر القوى السياسية والمدنية، واصلت القاهرة انفتاحها لدعم المؤسسات السودانية، واستضافة القاهرة فى شهر نوفمبر الماضى، الملتقى الأول لرجال الأعمال المصريين والسودانيين، بهدف دعم الاقتصاد السودانى، فضلًا عن الدعم المصرى لآلاف السودانيين الذين فروا من الحرب إلى المدن المصرية.

2-دعم وحدة وسيادة الصومال

 

يظل الدعم المصرى للصومال، من أبرز مشاهد الحضور المصرى فى الساحة الإفريقية خلال العام، خصوصًا بعد طلب مقديشيو، مساندة القاهرة لها، على خلفية أزمة توقيع إثيوبيا اتفاقًا، بالمخالفة للقانون الدولى، مع إقليم أرض الصومال الانفصالى، فى بداية عام 2024، وهو التحرك الذى رفضته الجامعة العربية، ومصر.

وتأكيدًا على الدعم المصرى، للأشقاء فى الصومال، وتنويع مجالات التعاون، لبت مصر، نداء الصومال، حينما طلب الرئيس الصومالى، حسن شيخ محمود، من الرئيس عبد الفتاح السيسى، دعم بلاده أمنيًا، ودعم قدرات الصومال العسكرية بما يمكنها من مواجهة التحديات المختلفة التى تواجهها، وعلى رأسها خطر الإرهاب، ومخاطر التدخل الأجنبى من بعض الأطراف الإقليمية، التى تستهدف تقسيم الصومال.

ويظهر مستوى التعاون بين البلدين، فى زيارة الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود، للقاهرة مرتين هذا العام، الأولى كانت فى شهر يناير الماضى، والثانية فى منتصف شهر أغسطس الماضى، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال لقاءاته مع نظيره الصومالى على موقف مصر الثابت، «الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأى تدخل فى شئونه الداخلية».

ولا يقف الدعم المصرى عند خطوة التعاون الأمنى، بل يمتد للمشاركة فى قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقى في الصومال، إضافة إلى تنويع مجالات التعاون، لتشمل المجال الاقتصادى والتجارى والاستثمارى، وامتد للصعيد الإقليمى، بتدشين آلية التعاون الثلاثى بين مصر وإريتريا والصومال، بعد قمة أسمرة بين قادة الدول الثلاث، بهدف التنسيق والتعاون لدعم الاستقرار فى منطقة القرن الإفريقى والبحر الأحمر.

واتفقت مصر والصومال، على ترفيع العلاقات بين البلدين، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، خلال مباحثات وزير الخارجية المصرى، بدر عبد العاطى، مع نظيره الصومالى، فى القاهرة فى نهاية شهر ديسمبر، حيث جرى الاتفاق على عقد دورات مباحثات مُتعاقبة يتم تخصيصها لمحاور استراتيجية مُحددة تشمل المحور السياسى، والاقتصادى والتجارى، والأمنى والعسكرى، والثقافى والتعليمى، وبناء القدرات، وأكد وزير الخارجية المصرى، على دعم مصر الكامل لسيادة الصومال، ووحدتها، واستقلالها وسلامة أراضيها فى إطار مبادئ القانون الدولى.

3-ريادة إعادة الإعمار

تواصل الدولة المصرية جهودها، فى قيادة ملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، فى قارة إفريقيا، من منطلق الخبرات المصرية المتراكمة فى ملف إعادة الإعمار بالعديد من مناطق الصراعات بإفريقيا والمنطقة العربية.

وتتبنى القاهرة، مقاربة جديدة، لدفع جهود التنمية وإعادة الإعمار فى مناطق النزاعات بقارة إفريقيا، تعتمد على الدمج بين «السلام والأمن والتنمية»، وهى جوهر الرسالة التى أكد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى بيان رئاسى خلال شهر نوفمبر، بمناسبة انطلاق النسخة الرابعة لأسبوع الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية، الذى يهدف إلى زيادة الوعى ومعالجة احتياجات التعافى وإعادة الإعمار بالقارة.

الرؤية المصرية، تؤكد أن «التحديات الأمنية والتنموية التى تواجهها قارة إفريقيا، تحتم معالجة الأسباب الجذرية لتلك النزاعات»، وأن الطريق لمواجهة تلك التحديات، يشمل «بناء قدرات المؤسسات الوطنية والإقليمية والقارية، والتوصل لحلول سلمية مستدامة للأزمات القائمة».

من هذا المنطلق، تتبنى القاهرة مقاربة، قائمة على تعزيز وتفعيل الرابط بين السلام والأمن والتنمية»، وقال: إن «هذه الموضوعات، كانت محور النقاش فى النسخة الرابعة لمنتدى أسوان للسلام والتنمية، الذى عقد فى القاهرة شهر يوليو الماضى»، مشيرًا إلى عدة مبادرات تم إطلاقها خلال فعاليات منتدى أسوان للسلام، منها «تدشين الشبكة الإفريقية لمنع التطرف المؤدى إلى الإرهاب، والإعلان عن جائزة «منتدى أسوان» لإعادة الإعمار والتنمية».

ومن الجهود التى تتبناها القاهرة فى هذا الملف، بدء العمل فى مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية من مقره فى القاهرة، لتطوير المبادرات والمشروعات الداعمة للدول الخارجة من النزاعات»، إلى جانب «تنسيق العمل مع الشركاء، وحشد التمويل والموارد اللازمة لتنفيذ تلك المشروعات».

ملف التنمية والإعمار فى إفريقيا، كان حاضرًا على أجندة فعاليات «المنتدى الحضرى العالمي»، الذى استضافته القاهرة فى الفترة من الرابع حتى الثامن من نوفمبر، حيث شكلت فعاليات المنتدى فرصة لتقديم التجربة المصرية فى العمران والتنمية والبنية التحتية، إلى جانب إلقاء الضوء على التحديات التى تواجه التنمية فى قارة إفريقيا.

4-تعزيز السلم الإفريقى

 

 

 

من القضايا المهمة التى اهتمت بها مصر، هو ملف الأمن والاستقرار بالدول الإفريقية، حيث تتبنى مصر رؤية للتنمية الاقتصادية، تتطلب تعزيز مناخ السلم والأمن داخل القارة، واعتماد مقاربة شاملة تحول دون العودة للصراعات.

وترأست مصر، مجلس السلم والأمن الإفريقى، خلال شهر أكتوبر الماضى، حيث قدمت الرئاسة المصرية للمجلس، جهودًأ مكثفة لتعزيز السلم والأمن بدول القارة، حيث تم تنظيم العديد من الفعاليات بدايةً بزيارة المجلس للقاهرة لعقد لقاء تفاعلى مع وزير الخارجية والهجرة حول قضايا السلم والأمن فى القارة، ومشاورات مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، وجلسة للمجلس على مستوى المندوبين الدائمين حول الرابط بين السلم والأمن والتنمية اتساقًا مع ريادة رئيس الجمهورية لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، فضلًا عن زيارة المركز المصرى للتدريب على عمليات حفظ السلام التابع لوزارة الداخلية.

كما أجرت الرئاسة المصرية للمجلس، زيارة لأعضاء المجلس إلى مدينة بورسودان، وذلك فى أول زيارة يقوم بها المجلس منذ تعليق عضوية السودان فى الاتحاد الإفريقى فى 2021، والتقى أعضاء وفد المجلس بلفيف من رموز الدولة والحكومة السودانية، للتحقيق فى جرائم وانتهاكات القانون الوطنى والقانون الدولى الإنسانى، حيث أتاحت الزيارة، فرصة لتشكيل رؤية متكاملة حول الأزمة السودانية، وسبل دعم السودان، بما فى ذلك استئناف عضويته مرة أخرى بالاتحاد الإفريقى.

وعقد المجلس جلسة حول تطورات الأوضاع فى الصومال وترتيبات ما بعد خروج بعثة الاتحاد الإفريقى الانتقالية بهدف دعم مؤسسات الدولة الصومالية فى مكافحة الإرهاب وبناء واستدامة السلام، إلى جانب جلسات أخرى حول مكافحة الإرهاب فى القارة الإفريقية، والوضع الإنسانى فى القارة، وقضايا المرأة والسلم والأمن، والمناخ والسلم والأمن.

5-صندوق الاستثمار فى حوض النيل

 

 

 

فى مبادرة مصرية جديدة، تستهدف تعزيز شراكاتها وعلاقاتها مع دول حوض نهر النيل، وتعميق تعاونها وحضورها بالمنطقة، أعلنت الحكومة المصرية البدء فى اتخاذ خطوات تنفيذية لتدشين «صندوق استثمارى لدول حوض نهر النيل»، لتعزيز التعاون المشترك، بإقامة مشروعات تعود بالنفع المشترك.

تأتى مبادرة الصندوق الاستثمارى بحوض النيل، بتوجيهات رئاسية، كمبادرة مصرية جديدة، تتكامل مع السياسة المصرية تجاه إفريقيا عمومًا، ودول حوض النيل، التى ترتبط القاهرة معها بمصالح حيوية مشتركة، أهمها رابط الأمن المائى، والقائمة على مبادئ تعزيز التعاون والشراكة فى التنمية، بمشروعات مشتركة، تتبادل فيها الخبرات واستثمار القدرات التى تحظى بها كل دولة، فى مسار يعزز من «دبلوماسية التنمية»، ومن أدوات «القوى الناعمة المصرية» بالمنطقة.

يضاف هذا الصندوق الجديد، إلى مجموعة من المسارات التى تتخذها الدولة المصرية، لتعزيز تعاونها مع الدول الإفريقية، وفى القلب منها دول حوض النيل، وخصوصًا الجهود التى تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، التابعة لوزارة الخارجية، والمعنية بتقديم الدعم الفنى، والمساعدات ونقل الخبرات المصرية، للدول الإفريقية.

وتفعيلًا لدور صندوق الاستثمار، أجرى وزير الخارجية بدر عبد العاطى، زيارات إلى أوغندا والكونغو الديمقراطية والسودان، كما استقبلت القاهرة مسئولين رفيعى المستوى من تلك الدول، وناقشت تلك الزيارات سبل رفع مستوى العلاقات الثنائية، وتعزيز المصالح المشتركة، وفى القلب منها، قضية الأمن المائى، ودعم مصر لمشروعات التنمية بتلك الدول.

ومن تلك المشروعات «تمويل مصر أحد السدود على روافد نهر الكونغو، وإنشاء جناح متخصص فى جراحة القلب بمستشفى كينشاسا العام».

بدء دراسات «الربط السككى» بين مصر والسودان

اتخذت مصر والسودان، أولى خطوات، إقامة مشروع الربط السككى بين البلدين، حيث وقع الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والنقل، مع وزير النقل السودانى أبوبكر أبوالقاسم، على محضر الاجتماع الأول الخاص باللجنة المصرية السودانية المعنية بدراسة الربط السككى بين مصر والسودان وذلك بتمويل من منحة مقدمة من الصندوق الكويتى للتنمية بقيمة 750 ألف دينار كويتى.

الدراسة تشمل قيام الاستشارى الخاص بالمشروع بدراسة البدائل المقدمة للمسار للربط بين الدولتين من أبو سمبل وحتى أبو حمد مرورًا بوادى حلفا وذلك فى ضوء طلب الجانب السودانى بمد نطاق الدراسة ليشمل خط (وادى حلفا/ أبو حمد)، وذلك لتعظيم الجدوى الاقتصادية والاستفادة القصوى من المشروع.

وحسب وزارة النقل، فإن المشروع سيساهم فى تسهيل حركة نقل الركاب والبضائع بينهما كما سيساهم فى خدمة التجمعات السكنية والزراعية والتجارية الواقعة فى مسار الخط.

مصر ضمن أكثر وجهات الاستثمار بإفريقيا

أظهرت بيانات إحصائية، أن دول مصر وكينيا و نيجيريا وجنوب إفريقيا، حلت، فى المراكز الأولى كأهم مقاصد تمويلات المشروعات الناشئة فى قارة إفريقيا بنهاية 2024.

وأفادت بيانات «منصة إفريقيا: الصفقة الكبرى» - التى ترصد الاستثمارات المتدفقة على المشروعات الناشئة وقطاع المشروعات المشتركة فى إفريقيا - بأن هذا العام شهد ازديادًا بواقع 50 مليون دولار أو أكثر، جرى استثمارها فى مشروعات ناشئة فى عدة دول إفريقية.

وقدرت البيانات حجم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة للمشروعات الناشئة فى القارة الإفريقية، خلال العام الجارى، بنحو 2.2 مليار دولار.

وأضافت أنه خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجارى، بلغت قيمة المشروعات الناشئة فى كينيا 437 مليون دولار.