هجوم «ماجديبورج».. الإرهاب عابر للحدود والأديان
ابتهال مخلوف
تصاعد أصداء الهجوم المروع فى إحدى أسواق أعياد الميلاد بمدينة ماجديبورج الألمانية، الذى أدى إلى مقتل 5 أشخاص وإصابة أكثر من 200 آخرين، ما زالت مستمرة، وسط انتقادات بالإهمال تواجهها الحكومة الألمانية وارتباك فى فهم دوافع منفذ الهجوم.
كشفت مجلة «دير شبيجل» عن أن السلطات السعودية كانت قد حذرت ألمانيا منذ عام من أن المتهم «طالب جواد العبد المحسن» قد يكون خطيرًا، وطالبت بتسليمه للمملكة جراء رسائل نشرها على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعى هدد فيها ألمانيا بدفع ثمن معاملتها للاجئين السعوديين.
ودهس اللاجئ السعودى، الذى كان طبيبًا نفسيًا، بسيارة، سوقًا لأعياد الميلاد مكتظًا بالرواد فى مدينة ماجدبيورج عاصمة ولاية «ساكسونيا انهالت» مساء الجمعة الماضية، أسفر عن مقتل 5 أشخاص على الأقل وجرح أكثر من 200 آخرين، ومن المتوقع ارتفاع عدد الضحايا، إذ يعانى نحو 40 شخصًا إصابات خطيرة.
وتعهّدت الحكومة الألمانية بإجراء تحقيق سريع ودقيق لمعرفة إن حصل تقصير فى تتبع خيوط تنذر باعتزام المتهم تنفيذ عمل إرهابى من جانب الأجهزة الأمنية لتجنب وقوع عملية الدهس الدامية، خاصة فى ظل اتهامات متزايدة للسلطات ببرلين بأنها تجاهلت وقللت من خطر منفذ الهجوم «50 عامًا» رغم توفر مؤشرات وتقارير ذات دلالات على أن مرتكب عملية الدهس سينفذ عملًا إرهابيًا.
من هذه العلامات الحمراء التى تنذر بالخطر، ما تعكسه حساباته على مواقع التواصل الاجتماعى من تبنيه أفكارًا مشبعة بنظرية المؤامرة واتهامات ضد ألمانيا بالتحيز ضد اللاجئين السعوديين لصالح المسلمين المتشددين.
وكان قد تساءل على حسابه فى منصة «إكس» فى أغسطس: «هل من سبيل إلى العدالة فى ألمانيا من دون تفجير سفارة ألمانية أو ذبح مواطنين ألمان عشوائيًا؟ أبحث عن هذا السبيل السلمى منذ يناير 2019 ولم أجده بعد.
وفرضت عليه السلطات غرامة عام 2013، «للإخلال بالأمن العام» و«التهديد بارتكاب جرائم»، عندما وجه تهديدات ضد اتحاد الأطباء لرفضه امتحانات معادلة شهاداته.
كما تجاهلت السلطات الألمانية مخاوف الجالية الإسلامية فى ألمانيا منه، وسط قلق من اعتناقه أفكارًا يمينية متطرفة، إذ ذكرت صحيفة «دى فيلت» أنه ما يثير الحيرة أن الشرطة الألمانية خلصت عقب تحريات العام الماضى إلى أنه لا يمثل «خطرًا معينًا».
ورغم اعتناق الطبيب النفسى السعودى أفكار اليمين المتطرف فى أوروبا المعادية للإسلاميين، أعربت أليس فايدل، زعيمة اليمين المتطرف فى ألمانيا، عن صدمتها جراء عجز الإدارة الألمانية فى منع الهجوم، مطالبة حزبها «البديل من أجل ألمانيا» بجلسة استثنائية فى مجلس النواب حول الوضع الأمنى الكارثى فى البلد، كما طالب اليسار الراديكالى بتفسيرات لتجاهل هذا العدد الكبير من التحذيرات.
وستخضع وزيرة الداخلية نانسى فيزر لجلسة استجواب فى مجلس النواب الألمانى «البوندستاج» يوم الأثنين المقبل بشأن أوجه تراخى السلطات فى منع الهجوم.
كما تواجه حكومة المستشار أولاف شولتز بالفعل ضغوطًا شديدة قبل شهرين من انتخابات تشريعية مبكرة أواخر فبراير المقبل، ومن المتوقع أن يؤثر الهجوم بشدة على الحملة الانتخابية، وسط مخاوف من وصول اليمين المتطرف لسدة الحكم فى برلين.
ودعا شولتس الألمان إلى «التعاضد» رغم الانتقادات الموجهة إلى ائتلافه فى خضم الحملة الانتخابية.
أما الأطراف السياسية فى ألمانيا، فاستغلت الهجوم المروع لتأليب الرأى العام ضد الحكومة الألمانية بادعاءات ملفقة، منها: أن مرتكب الجريمة لاجئ سورى وأن الهجوم عملية إرهابية نفذها أحد الذئاب المنفردة المنتمى لتنظيم داعش.
وامتدت الحملة المغرضة ضد الإسلام واللاجئين إلى أذرع اليمين المتطرف فى أوروبا، إذ حذر المتطرف النمساوى مارتن زيلنر، القيادى فى شبكة اليمينيين الجديد فى أوروبا، من هجمات يشنها المتطرفون من اللاجئين المسلمين، وانضم حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى للحملة المعادية للأجانب.