حرائق كاليفورنيا تعكر صفو «تنصيب ترامب»
![](/UserFiles/News/2025/01/15/435215.jpg?250118190000)
وسام النحراوى
انضمت حرائق كاليفورنيا لسلسلة الأحداث التى ستعكر صفو حفل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب خلال الأيام القليلة المقبلة، فبعد تنكيس الأعلام لمدة 30 يوما حدادًا على وفاة الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، جاءت مشاهد الحرائق فى ولاية كاليفورنيا لتتصدر المشهد وتحرج الحزب الجمهورى الذى ينتمى إليه الرئيس المنتخب، خاصة أن التغير المناخى يعتبر «خدعة»، ومثل هذا الجحيم تذكير صارخ بالتهديد المتزايد للتغيرات المناخية.
ذلك الحادث، أعاد بقوة الزخم للنقاش حول تغير المناخ، وهى قضية غالبًا ما قلل ترامب من أهميتها، معتبرًا أن الدعوات لمكافحته مؤامرة تهدف لإضعاف الاقتصاد الأمريكى، خاصة من قبل الدول المنافسة مثل الصين بحسب تصريحاته خلال حملته الانتخابية، كما تعطى إدارته أولوية لتوسيع إنتاج الوقود الأحفورى والانسحاب من الاتفاقات الدولية بشأن المناخ مثل اتفاقية باريس.
على الجانب الآخر، قدرت شركة أكوويذر المعنية بالتنبؤ بالأضرار الاقتصادية، خسائر حرائق لوس أنجلوس بنحو 150 مليار دولار، ما يتطلب وجود دعم حكومى قوى لتعويض السكان عن تلك الخسائر، ناهيك عن أنه إلى جانب تغير المناخ، هناك عوامل محلية زادت من حدة الحرائق، أبرزها خفض ميزانية إدارة الإطفاء فى لوس أنجلوس، التى تراجعت بنحو 17.4 مليون دولار خلال العام الأخير.
هذا الخفض أشعل الانتقادات تجاه الإدارة الأمريكية، التى وجهت مليارات الدولارات كدعم حربى لكل من إسرائيل وأوكرانيا، فى وقت تواجه فيه الخدمات الأساسية للبلاد تحديات حقيقية، وبالطبع الدمار الذى سببته حرائق لوس أنجلوس ليس مقتصر على الولايات المتحدة، إذ أصبحت حرائق الغابات أكثر توترا وتدميرا فى جميع أنحاء الكرة الأرضية، ما يبرز أزمة المناخ عالميًا.
فالتغير المناخى لا يعرف الحدود، وتأثيراته تضرب جميع أنحاء العالم، وتتحمل الولايات المتحدة جزءا كبيرا باعتبارها من أكبر الاقتصادات والمُصدرين للكربون فى العالم، لذا فإن حرائق لوس أنجلوس قد تمثل دعوة للاستيقاظ للولايات المتحدة والعالم، وتذكير قاسٍ بالحاجة الملحة لمعالجة الأسباب الجذرية لتغير المناخ والاستثمار فى حلول تحمى المجتمعات والنظم البيئية.
وبالنسبة للرئيس ترامب، فإنها تمثل فرصة للتحول نحو سياسات تعطى الأولوية للاستدامة والمرونة، بل ستحدد الـ 4 سنوات المقبلة ما إذا كانت الإدارة الجديدة ستواجه هذا التحدى بالعمل من أجل الحد منه فى المستقبل، أم أنها ستعمد إلى الإنكار، وهو أمر لن يحدد فقط مستقبل كاليفورنيا، ولكن أيضًا سيوجه مصير المعركة العالمية ضد تغير المناخ.
وعلى صعيد متصل، بدأ العد التنازلى للتاريخ المنتظر 20 يناير الجارى، موعد حفل تنصيب الرئيس الأمريكى المنتخب «دونالد ترامب»، وسعيًا منه لتحويل مراسم تنصيبه إلى حدث عالمى، وجه دعوات إلى بعض الزعماء الأجانب للحضور بما فى ذلك خصومه، إذ دعا 50 ضيفًا، أبرزهم الرئيس الصينى، وهى دعوة استثنائية نادرة توجه لزعيم من بين أبرز المنافسين الجيوسياسيين لأمريكا، ورغم أن الزعيم الصينى رفض الدعوة، إلا أن قادة عالميين آخرين قد يحضرون حفل التنصيب -وسيكون حضورهم حدثا تاريخيا لأول مرة، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو-، الذى لم يسبق أن حضر تنصيب أى رئيس أمريكى من قبل، كما دعا رئيسين من المؤيدين الأقوياء له ولإسرائيل، هما الأرجنتينى خافيير ميلى، والمجرى فيكتور أوربان، ومع ذلك فإن أحد القادة الحلفاء لترامب الذين لا يتوقع ظهورهم هو فلاديمير بوتين من روسيا.
وإذا حضر أى زعماء أجانب حفل التنصيب، فسيكون ذلك أيضًا غير مسبوق، فسجلات وزارة الخارجية التى يعود تاريخها إلى عام 1874، تظهر أنه لم يحضر أى رئيس دولة أجنبية حفل تنصيب رئاسى فى الولايات المتحدة، ففى عام 2009 رفض فريق انتقال باراك أوباما دعوة أى رؤساء دول إلى حفل تنصيبه، مستشهدين بسابقة تاريخية، وأن الزعماء الأجانب لا تتم دعوتهم عادة إلى حفلات التنصيب بسبب الحشود الكبيرة والمخاوف الأمنية.
وتأتى خطة ترامب لدعوة زعماء العالم إلى حفل التنصيب انطلاقًا من اعتقاده أن العلاقات الوثيقة مع زعماء العالم «مفتاح لإبرام الصفقات الدولية»، إلا أنه بجانب الضيوف الاستثنائيين فإن طوفان الدعم المالى من الشركات العالمية لصندوق التنصيب جعلته تاريخيا ولن ينسى، فقد جمع ترامب رقما تمويليا كبيرا قد يكون الأكبر فى تاريخ تنصيب الرؤساء الأمريكيين، بعد أن اصطفت كبرى الشركات لتمويل الحفل، لكسب ود ترامب.
وسريعًا ما بدأ سباق تنافسى بين الشركات بشكل عام وشركات التكنولوجيا الكبرى وقادة وول ستريت بشكل خاص فى تقديم الدعم المادى والعينى، على الرغم من الخلافات السابقة، متجاوزة الرقم الذى كان متوقعا البالغ 150 مليون دولار، إذ أعلنت شركة «تويوتا» التبرع بقيمة مليون دولار، كذلك قدمت «فورد» أيضًا، ويشارك وادى السيليكون فى حملة التبرع، فتبرعت كل من «أمازون» و«ميتا» و«أوبن إى آي» بمليون دولار لكلٍ منهما على حدة، بينما ستقدم «أوبر» مليونى دولار.
فى حين يتجاوز تبرع «أمازون» ما قدمته خلال فترتى الرئاسة السابقتين 58 ألف دولار فى 2017، وأكثر من 300 ألف دولار فى 2021، يعد التبرع جزءًا من خطط رئيسها التنفيذى «جيف بيزوس» لإحراز تقدم مع «ترامب»، الذى كان على خلاف معه فى الماضى.
وستقام مراسم أداء القسم للرئيس ونائبه يوم الاثنين الموافق 20 يناير، أمام الواجهة الغربية لمبنى الكابيتول الأمريكى، وستنظم لجنة مراسم التنصيب المشتركة للكونجرس الحفل، على أن يحصل كل عضو على حصة من التذاكر لمشاركتها مع الضيوف.