الأربعاء 2 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وزير الأوقاف: نحتشد خلف الرئيس السيسى فى رفضه تهجير أشقائنا الفلسطينيين

تقدم الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، خلال احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر، إلى شعب مصر العظيم، والأمتين العربية والإسلامية والإنسانية كلها بأطيب التهانى بليلة القدر، داعيًا المولى أن يعيد هذه الأيام المباركة بكل الخير واليمن والسرور، مضيفًا:” يشرفنى أن أبادر مبكرا بتهنئة الرئيس وحضراتكم جميعا بقرب حلول عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا بالخير واليمن والبركات”.



وتابع:” وقفت متأملا أمام هذا البيان الإلهى العجيب فاندهشت جدا من قوله سبحانه: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) وكانت دهشتى الكبرى من قوله: (بإذن ربهم)، إذ يريد الله فى ظل هذا الحدث الحافل الحاشد ألا يتوه ولا يتشتت عقلك مع زحام الملائكة والأنوار والقدر والسلام والفجر والشهور الألف، مع شرف ذلك كله ونبله”.

واستطرد:” إلا أنه رغم ذلك لا يريد لك الوقوف عند ذلك ولا أن تنشغل بذلك، ولا أن تحجب عنه بذلك، بل يريد أن يجتذب عقلك ويرفع نظرك إلى الإله الأعظم الذى دبر ذلك كله، فيقول لك أنا الآمر وأنا المتكلم وأنا المتجلى وأنا الخلاق، وأنا المدبر، وأنا القيوم، أنا الذى تكلمت بالقرآن، وأنا الذى خلقتك وخلقت الملائكة، وأنا الذى أنزلت كلامى القديم فى ذلك الوقت، أنا صاحب الإذن فى ذلك كله، وبأمرى عَمُر ذلك كله ودارت حركة هذه الأكوان والأفلاك كلها، أنا وحدى صاحب الإذن، وأنا المقصود والمطلوب والكون كوني، والتدبير بيدى والإذن إذني، لا خالق ولا فاعل ولا مؤثر ولا موجد ولا خافض ولا رافع سواي، بإذنى وحدى تتنزل الملائكة، فى ليلة أنزلت فيها كلامى وخطابى بإذنى وحدي، أنا المنفرد بالأمر والإذن، وكل هؤلاء -وأنت أيها الإنسان معهم- خلقى وعبادى وأنتم الفقراء وأنا وحدى الغنى المغني”.

ولقد انطلقت أتأمل معنى الإذن الإلهى هذا، وذهبت أتدبر القرآن وأتأمله، فوجدت عجبا من العجب، وجدت أنه سبحانه يقول : (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ) فنزول الوحى بإذنه، ويقول : (وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ فوقوع الضرر من المؤذى بإذنه، واهتداء المهتدين وإيمان المؤمنين، ودخولهم جنات النعيم لا لطاعتهم واستحقاقهم بل لإذنه هو، والدعوة إلى الجنة والمغفرة بإذنه لا باشتهاء من راغب المغفرة، والنصر والهزيمة فى الحروب بإذنه قال تعالى : (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ) والشفاعة يوم القيامة بإذنه، والموت وانقضاء الآجال بإذنه، ووقوع المصائب فى كونه وفق حكمته، ورسل الله الكرام أرسلهم ليطاعوا لا لذواتهم ومكانتهم ومنزلتهم مع شرف كل ذلك وعظمته بل للإذن الإلهى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهُ).

وأردف:” بل فى الشأن النبوى المحمدى فى الهداية وتصديه للدعوة إلى الله يقول سبحانه: (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) أى أنه صلى الله عليه وسلم ما جعل نفسه داعيا إلى الله لمجرد أنه يحب ذلك، وهو أكمل الخلق وأحبهم وأرضاهم عند الله، بل إنه مترقب ومتوقف عند الإذن الإلهى له ليدعو إلى الله، ولذا فإنه لا يتصدر أحد فى دين الله باشتهاء نفسه بل بإذن من الأكبر، وجرى هذا فى الأعراف العلمية فى كافة الجامعات، أن الدارس لا يتصدر ويباشر حتى يجاز من جامعته أو مدرسته إيذانا بتخرجه وصلاحيته، فإذا صدر نفسه بنفسه كان معتديا وممارسا للمهنة من غير ترخيص، وهذا المعنى يغلق باب فكر الإرهاب والتطرف ويقتلعه من جذوره”.

وأضاف:” هذا الإلحاح من القرآن على شهود معنى الإذن الإلهى فى كل شيء، هو الذى يغرس فى النفوس حقيقة معنى التوحيد، وشهود يد الحق وتصرف الحق فى كل شيء، وهو المعنى العميق الذى يحدث الاتزان النفسى أمام عالم الأحداث الهادر المتلاطم المنهمر يوميا، وبه تحصن نفوس أهلنا وأبنائنا من كل معانى اليأس والحيرة والشك والإحباط والتردد”، متابعًا:” الإذن الإلهى ليس أمرا لحظيا ولا وقتيا ولا متعجلا، بل إنه سنة إلهية سارية وغالبة وقاهرة تجرف أمامها البشر والوقائع والأحداث، وهو لا تلحظه إلا على امتداد الزمن وتعاقب الأجيال فقبل ألف سنة مثلا سقطت القدس فى يد قوات غاشمة محتلة سنة 1099م، وظلت تحت يدهم ثمانيا وثمانين سنة شهدت فيها حينئذ المجازر المروعة، والقتل والتخريب والهدم والفتك والحصار والتجويع، ثم ماذا كان لقد كان الإذن الإلهي، لتلك الأرض أن تعود لأهلها، وكان هذا على يد جيش مصر العظيم فى موقعة حطين بقيادة صلاح الدين”.

وقال:” هذا الإذن الإلهى هو السند لنا فى عدالة قضايانا، وفى تمسكنا بأرضنا، وفى مواجهة أزماتنا وتحدياتنا، وفى شد أزرنا لثبات موقفنا، هذا الإذن الإلهى هو الذى يجعلنا فى أقصى درجات الانتباه واليقظة والوعي، وإدراك التحديات المحيطة بنا، فلا نتراخى ولا نتحير ولا نضطرب، ولا تجرفنا الأحداث والتحديات”.

وأوضح الوزير:” أليست أرض هذا الوطن العظيم هى التى ظلت تعطى وتكرم وتجود ولا تبخل حتى وهى تعتصر نفسها فى السنوات السبع الشداد أيام سيدنا يوسف الصديق، فيأتى إخوته من الشام يأخذون الزاد من مصر، وهى فى أشد أزماتها حينئذ، ويبقى اسمها وهى فى ذلك الحال (خزائن الأرض)، ويقال فى حقها وهى فى ذلك الحال: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)”، مضيفا:” الإذن الإلهى هو الذى يجعلنا ندير أمورنا بنبل وشرف وأخلاق وميزان فلسنا دعاة حرب، بل نحن حماة مبدأ، وبهذا المبدأ نطفئ نيران الحروب، وهو الذى جعلنا نقول يوما ما إن تهجير أشقائنا الفلسطينيين من أرضهم ظلم لا نشارك فيه، بل نرفضه ونرى ما أحدثه غيرنا من تدمير ونسف وتخريب وعدوان وقتل فنواجهه بالإمداد والإغاثة والإعمار وينادى البعض بتهجير أهلنا من أرضهم ليعمر الأرض كما يقول، فنواجه ذلك بخططنا لإعماره دون تهجير أهله وأهلنا”.

وتابع: «ولهذا نقول للعالم كله، نعم نحن نحتشد خلف الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما يقول: نرفض تهجير أشقائنا الفلسطينيين، ونصر على وقف إطلاق النار، ونضغط بكل ما نملك لإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية، ونطرح خططنا للتعمير هناك دون تهجير أهلنا، ونصر على حل الدولتين، ونرى أنه لا حل إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، هذه إرادتنا جميعا كمصريين، ومعنا ملياران من المسلمين ومعنا الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية، سيدى الرئيس نحن جميعا خلفك ولست وحدك، وأنت معبر عن إرادتنا كلنا، وسندنا فيها هو إذن الله للحق أن يعود لأهله، وأنه محفوظ لأهله». 

وتوجه إلى الله تعالى بخالص الدعاء أن يتمم سبحانه شفاء وعافية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.