خبراء يطرحون رؤاهم للنهوض بإعلام الطفل

د. مريم الشريف
رغم التطور الهائل فى وسائل الاتصال، سواء التقليدية أو الرقمية، إلا أن برامج الأطفال تحتاج إلى اهتمام أكبر فى الإعلام، لاهميتها فى تنشئة جيل المستقبل، وتوعيته فكريًا، وحمايته من المعلومات المغلوطة والأفكار الهدامة التى قد يتعرض لها عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى.
التوجه نحو الربح
أكد حسن عماد مكاوى، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، أن البرامج المتخصصة، مثل برامج الأطفال، تُعد برامج خدمية تهدف إلى التوعية والتعليم والتثقيف، وغالبًا لا تحقق عائدًا ماديًا، نظرًا لأن جمهورها المستهدف هو الأطفال.
وأوضح أن السنوات الماضية شهدت توجهًا نحو تحقيق الأرباح فى الإعلام، مما أدى إلى تجاهل البرامج المتخصصة، بما فى ذلك البرامج الموجهة للأطفال، والشباب، وكبار السن.
وأشار«مكاوى» إلى أن التليفزيون المصرى كان يحتوى على العديد من هذه البرامج، لكنها تقلصت بسبب الأولوية للمكاسب المالية على حساب تقديم رسالة إعلامية مفيدة.
وأضاف: إن تجاهل هذه البرامج سيؤدى إلى خسائر على المدى البعيد، حيث ستؤثر فى غياب المواطن الواعى القادر على إدراك قضايا وطنه وحقوقه وواجباته.
وأكد أن دعم برامج الأطفال من قبل الدولة أمر ضرورى، نظرًا لأن دعم العقول لا يقل أهمية عن دعم الاقتصاد.

كما شدد عميد كلية الإعلام الأسبق، على أهمية غرس القيم الإيجابية فى الأطفال منذ الصغر، لأن هذه المرحلة العمرية حساسة وتؤثر فى مستقبلهم.
وأشار إلى أن مشاركة النجوم فى أداء الدوبلاج لمسلسلات الكرتون تضيف للعمل الفنى، على عكس مشاركتهم فى الإعلانات، التى قد تقلل من قيمة الفنان باعتبارهم نماذج إيجابية يُفترض أن تُحترم.
إشكالية تحتاج إلى تصحيح
من جهتها، أكدت منى الحديدى، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن الاهتمام ببرامج الأطفال موضوع حيوى ومؤثر، ويتفق مع الحقوق الأساسية للطفل، ومنها حقه فى الاتصال، حيث تتوفر له مصادر المعرفة والتعبير عن الرأى عبر وسائل الإعلام المتاحة.
وأوضحت أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام استشعر هذه الفجوة، وأدرك نقص المواد الإعلامية الموجهة للطفل، مشيرةً إلى وجود خلط بين إعلام الطفل الموجه إليه لتلبية احتياجاته، والإعلام الذى يتناول الطفولة ومشاكلها وقضاياها.
وأكدت «الحديدى» أن المجلس استحدث لجنة «إعلام النشء» ، التى تضم مجموعة من الإعلاميين والأكاديميين والممارسين، للعمل على إعادة الاهتمام بالإعلام الموجه للطفل.
وأشارت إلى تقديم ورقة عمل تؤكد ضرورة تخصيص مساحات للأطفال فى وسائل الإعلام الوطنية، مثل قنوات التليفزيون المصرى، المحطات الإذاعية، والصحف القومية.
إعادة هيكلة
أشارت الحديدى إلى أنه خلال الفترات السابقة، تم إلغاء إدارات برامج الأطفال فى ماسبيرو، واختفت بعض الملاحق الصحفية المخصصة للأطفال فى الصحف القومية، تحت مبرر أن الأطفال لم يعودوا يتعاملون مع الوسائل التقليدية، وهو مبرر غير منطقي.
واقترحت إنشاء مواقع إلكترونية مخصصة للأطفال، لتقديم محتوى يناسبهم ويمنعهم من مشاهدة مسلسلات غير ملائمة لأعمارهم.
وأكدت أن الاهتمام بإعلام الطفل يجب أن يواكب التكنولوجيا الحديثة، حيث يتم نشر ثقافة الإنترنت الإيجابية عبر هذه البرامج، وتوجيه الأطفال لاستخدام الإنترنت بشكل آمن ومفيد.
كما أكدت الحديدى أن غياب برامج الأطفال أمر غير مقبول، خاصة فى ظل الحديث عن إعادة بناء الإنسان، حيث يُفترض أن يكون الإعلام والتربية والتعليم جميعها متكاملة، لتكوين جيل مسئول وواعٍ من الطفولة.
كما انتقدت برنامج «بداية « ، مشيرةً إلى أن الأسئلة التى يطرحها الأطفال مقدمو البرنامج لا تناسب أعمارهم، حيث يتم كتابتها لهم مسبقًا، ما يجعلهم يؤدون دورًا مصطنعًا بدلًا من التعبير عن أنفسهم بشكل طبيعى.
كما انتقدت طريقة جلوس الأطفال فى البرنامج، التى تحاكى برامج الكبار التقليدية، مؤكدةً ضرورة أن يكون شكل البرامج متناسبًا مع عمر الأطفال واحتياجاتهم.
برامج الأطفال
من جانبها، أكدت هبة السمرى، عميدة كلية الإعلام بجامعة النهضة، وعضو لجنة إعلام النشء بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن هناك توجهًا من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية نحو إعادة الاهتمام ببرامج الأطفال، وهو ما يظهر من خلال إنشاء لجنة إعلام النشء، التى تعكس اهتمام الدولة بإنتاج محتوى إعلامى موجه للأطفال.
وأوضحت أن الفترة المقبلة ستشهد اهتمامًا أكبر بالرسالة الإعلامية الموجهة للطفل، مشيرةً إلى أن التحديات التكنولوجية الحالية تفرض ضرورة وجود برامج توعوية للأطفال، تُقدم لهم رسائل بأسلوب بسيط وجذاب.
وأكدت أن اللجنة تعمل على دراسة قضايا الطفل المختلفة، لإعادة إحياء إعلام الطفل، مشيرةً إلى أن تشكيل اللجنة يضم ممثلين عن اليونيسيف، مركز ثقافة الطفل، مجلة سمير، ورئيسة إذاعة الشباب والرياضة.
وأشارت إلى أن تكلفة إنتاج برامج الأطفال مرتفعة، وهو ما قد يكون سببًا فى تراجعها خلال الفترة الماضية، لكن الاهتمام بهذا المجال يجب أن يكون أولوية وطنية، خاصة مع وجود قنوات مثل قناة الأسرة والطفل، التى تقدم بعض المحتويات المخصصة للأطفال.