السبت 26 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المحادثات النووية «الأمريكية _الإيرانية» إلى أين؟

 يتابع العالم بمزيد من القلق تفاصيل المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، والتى انطلقت أولى جولاتها يوم السبت الماضى فى العاصمة العمانية مسقط، ومن المتوقع أن تعقد الجولة الثانية السبت المقبل فى العاصمة الإيطالية روما، على أن تستمر سلطنة عمان فى لعب دور الوسيط بين الطرفين.



 ووسط مخاوف بالغة تتباين آراء الخبراء ما بين مؤكد لحتمية المواجهة العسكرية المباشرة بين «واشنطن» و«طهران»، وآخر يرى أنها مجرد مناورات لتحقيق مكاسب من الطرفين ستنتهى بعد مفاوضات طويلة الأمد بالحلول الودية، إذ يرى الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الولايات المتحدة الأمريكية ترغب فى تسوية الأمور مع إيران عكس ما يتردد عن التصعيد، مشيرًا إلى أن تصريحات وزير الدفاع والمسئولين الأمريكيين عن البدائل المتاحة فى حال فشل المفاوضات جميعها «تكنيك» لتحديد مكاسب سياسية خلال مائدة المفاوضات سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.

 وتوقع «سلامة»، أن تستمر المفاوضات لعدة جولات، لافتًا إلى أن إيران تستخدم نفس التكنيك وتمارس كل الضغوط لتحقيق أكبر المكاسب الممكنة، خاصة أنه فى النهاية لن تحدث مواجهة مباشرة بين البلدين.

 وتوقع استهداف أذرع إيران فى الشرق الأوسط، كما يحدث مع حزب الله والحوثيين، لكن المواجهة المباشرة سواء عن طريق إسرائيل أو الولايات المتحدة لن تحدث، لأن واشنطن غير مستعدة لخوض مواجهات فى ظل السياسية التى يتبعها «ترامب» الذى يفضل أن يلجأ للحروب التجارية أكثر من المواجهات العسكرية.

 وأشار «سلامة»، إلى أنه هناك عدة سيناريوهات متوقعة لنتائج المفاوضات بين الجانبية، الأول نجاح المفاوضات وهذا ضد مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الذى سيحاول إفشالها بكل الطرق، والسيناريو الثانى هو فشل المفاوضات وهنا ستطلب أمريكا مجموعة من المطالب مثل تفكيك البرنامج النووى الإيراني، وتفتيش الوكالة الدولية، وهى المطالب التى تعتبرها إيران تتنافى مع سيادتها، مرجحًا أن تنتهى المفاوضات بتعثر لكن دون مواجهات عسكرية.

 ومن جهته قال بهاء محمود الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة إجراء طبيعى يحدث بين أى طرفين لا يريدان التعامل مع بعضهما البعض، كما حدث مع روسيا وأوكرانيا، وبين المعارضة وغيرهم فى سوريا، بحيث يكون هناك استعداد للطرفين للتعامل مع بعض.

 وأشار إلى أن التوقيت مهم جدا يعكس رغبة «ترامب» فى التخلص من أهم عدو فى المنطقة لإسرائيل وهو إيران، ليغلق الباب أمام الملف النووى الإيراني لأنه يمثل كارثة للأمريكان وليس إسرائيل فقط، ويهدد كل القواعد الأمريكية فى المنطقة، ويخلق حالة من الرعب وتوازن قوى لأنه يغير المعادلة بعد أن كانت إسرائيل المتحكم الوحيد فى النووى بمنطقة الشرق الأوسط.

وأكد الباحث فى مركز الأهرام، أن نجاح المفاوضات يرتبط بمهارة ترامب ومرونته، لكن فى حال التعسف لن يكون الأمر فى مصلحة أمريكا والمنطقة، متوقعًا استمرار المفاوضات لفترة طويلة قد تمتد إلى عدة شهور وربما تصل إلى سنة أو أكثر.

 فيما قال هانى سليمان، الباحث فى الشأن الإيراني والعلاقات الدولية، إن المفاوضات بين أمريكا وإيران تأخذ مراحل متدرجة أولاها مرحلة بناء الثقة وحسن الظن، والثانية الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة، والثالثة مرحلة الوصول إلى الاتفاق ومناقشة تفاصيله ليكون اتفاقًا كاملًا وشاملًا.

 ويرى «سليمان»، أن المفاوضات الحالية مختلفة عن المفاوضات السابقة سواء فى فيينا أو جنيف، على اعتبار أن لديها العديد من الأسباب الدولية والإقليمية التى ربما تكون أكثر ضغطًا على الجانب الإيرانى لمحاولة التوصل لاتفاق لاسيما فى ظل وصول الرئيس دونالد ترامب الذى بدأ معركته مع الجانب الإيرانى من خلال مسارات مختلفة. 

وأشار إلى أن إيران عانت خلال الفترة الماضية بشكل غير مسبوق جراء تراجع أدواتها ونفوذها، نتيجة انحسار تواجدها فى الداخلين السورى واللبنانى من خلال حزب الله، وحتى الضغوط التى كانت تطوعها بوجود حماس أو تراجع الأداء الحوثى نتيجة الضربات المختلفة التى يتعرض لها، وبالتالى فإن هذا التوقيت ملائم لتقديم تنازلات من الجانب الإيرانى الذى كان يرفض الجلوس على طاولة المفاوضات، فهو الآن أصبح موجود بشكل مباشر.

 وأضاف، أنه على الرغم من التصريحات الإيرانية الصلبة والصعبة، لكن إيران تريد الوصول لاتفاق ورفع العقوبات، بجانب الخروج من وطأة الضغوط التى تتعرض لها، لكنها على الجانب الآخر تريد الإبقاء على الملف النووى ومحاولة الخروج دون التفاوض حول الصواريخ البالستية أو ملف الطائرات المسيرة حتى تحافظ لنفسها على هامش من المناورة والمرونة باتخاذ أدوات وملفات أخرى تستطيع بها الحصول على بعض المكتسبات.