الإخوان.. ماكينة شائعات لا تهدأ
حروب «السوشيال ميديا» تفضح الجماعة

محمود مفحرم
لم يعد أمام جماعة الإخوان الإرهابية سوى الشائعات كمحاولات يائسة لهدم الدولة المصرية، خاصة بعدما فشلت فى غسل سمعتها وإعادة رسم صورتها الذهنية لدى الشعب المصرى، الذى أدرك أن أعداء الداخل ليسوا أقل خطورة من أقرانهم بالخارج.
الجماعة تستغل منصاتها الإعلامية المباشرة وغير المباشرة للنفخ فى النار والرقص على جثث ضحايا الأزمات مُستغلة النزعة العاطفية عند المصريين، فى محاولة لتأليب الرأى العام وتقمص دور الناصح الأمين، لكن رائحة الشماتة الفاضحة تسبقهم إلى أنوف المصريين وتزكمها.
السطور التالية تكشف خبايا سلاح الشائعات وأسرار صناعتها وأهدافها، وكيف تنتشر كالنار فى الهشيم.
منذ ثورة 30 يونيو، لم تتوقف جماعة الإخوان عن إطلاق الشائعات ومحاولة التشكيك فى جهود الدولة المصرية، وفى مقدمتها مشروعات الدولة القومية، مثل قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية، حيث دأبت الجماعة على الادعاء بعدم جدوى هذه المشروعات واعتبارها «إهدارًا للأموال»، رغم أن مؤسسات دولية عديدة أكدت نجاح هذه المشروعات وأثرها التنموى.
إثارة الأزمات الاقتصادية: مع كل تحرك اقتصادى، سواء رفع الدعم أو تعديل سعر الصرف، أطلقت الجماعة شائعات مثل «انهيار العملة» أو «نفاد الاحتياطى»، فى محاولة لإحداث فزع جماهيرى، وخلق موجات من التذمر الشعبى.
الافتراء على المبادرات الوطنية: شملت حملات التشويه مبادرة «حياة كريمة»، التى زعمت الجماعة أنها مجرد حملة دعائية، فى حين أنها غيّرت واقع عشرات الملايين من المواطنين فى الريف المصرى، من خلال تطوير شامل للبنية التحتية والخدمات الأساسية.
الشارع المصرى يدرك حجم المخاطرة
قال الباحث فى شؤون الجماعات الأصولية عمرو فاروق إن الشارع المصرى أدرك، على مدار السنوات الأخيرة، حجم المخاطرة التى تُحيط بالمنطقة العربية والدولة المصرية، فى ظل مشاريع التقسيم وإعادة هيكلة الشرق الأوسط، التى تخدم مصالح اللوبى الصهيونى والدول الغربية الكبرى، وقد استخدمت جماعات الإسلام السياسى، وعلى رأسها الإخوان، كأداة لتنفيذ هذا المخطط، وتدمير الدولة الوطنية وتغيير هويتها الفكرية والثقافية.
وأضاف فاروق، فى تصريحات لـ»روزاليوسف»، أن المعركة حاليًا تُدار عبر منصات التواصل الاجتماعى، من خلال تجييش وتعبئة العناصر الموالية للجماعة، وتنفيذ سيناريوهات تهدف إلى هدم الدولة المصرية، وتشويه سمعتها أمام الرأى العام المحلى والدولى.
فاروق أشار إلى أن الجماعة تعمل على صناعة فجوة بين المواطن ومؤسسات الدولة من خلال كثافة الشائعات والأكاذيب الممنهجة، لتحقيق ما يُعرف باستراتيجية «التدمير النفسى»، التى تعتمد على بث الاكتئاب والإحباط واليأس، كإحدى أدوات الحرب النفسية، لإسقاط الدولة من الداخل معنويًا، قبل أى محاولة للسقوط السياسى أو العسكرى.
كما أوضح فاروق أن السنوات العشر الأخيرة، بما شهدته من مؤامرات، منحت الشارع المصرى نوعًا من الوعى والمعرفة، جعله يتعامل مع الأخبار والمعلومات بنوع من الحذر وعدم التصديق، والرجوع إلى المصادر الرسمية، خاصة فيما يتعلق بالأجهزة السيادية والحيوية، والقرارات الرسمية المتعلقة بالشأن الداخلى.
وأكد أن هذا الوعى المتزايد يُعد خط الدفاع الأول فى مواجهة الحرب الإعلامية التى تتعرض لها الدولة المصرية وأجهزتها الوطنية.
فاروق قال إن الخطاب الإعلامى الرسمى، سواء عبر منصات التواصل الاجتماعى أو من خلال القنوات الفضائية المصرية أو الصحف القومية، وكذلك عبر الدراما الوطنية، لعب دورًا فى تعبئة وتوعية المواطنين، إذ ساعدهم على فهم محددات هذه الحرب الإعلامية التى تُدار من الخارج عبر الأبواق التابعة للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، الذى يمثل رقمًا فى معادلة إسقاط دول المنطقة العربية، بعد فشل مشروعه فى الداخل المصرى عقب التفاف الشارع حول المؤسسة العسكرية والأمنية، من أجل تجنيب الدولة مخاطر مشروع السقوط، الذى استهدف مؤسساتها ورموزها، وسعى إلى تمرير مخططات الفتنة الطائفية والحرب الأهلية، كما كان معدًا له قبل عام 2013.
خطاب المظلومية
الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، منير أديب، شدد على أن خطاب الإخوان يتبع نهج «المظلومية» وتضليل الرأى العام، مضيفًا أن التنظيم يعيد إنتاج نفسه مع كل أزمة، سواء كانت انقطاعًا فى الكهرباء أو حادثًا طارئًا، عبر بث الشائعات وتقديم نفسه كبديل وهمى، رغم أن تاريخه السياسى والاجتماعى لم ينتج إلا الفشل والانقسام.
وأكد أديب، فى تصريحات لـ»روزاليوسف»، أن ماكينة الإعلام الإخوانى تعمل على اجتزاء المعلومات، وتزييف الصور، وتوظيف الأحداث بأسلوب عاطفى يستهدف مشاعر الناس لا عقولهم، مشيرًا إلى أن هذا الأسلوب يرتكز على تحريض ممنهج يهدف إلى تحويل الأزمة إلى «أزمة وجود»، تدفع الناس إلى الشك فى مؤسساتهم، وتُدخل الدولة فى حالة دفاع دائم.
وأوضح أن الرد على هذه المعركة الإعلامية يكون أولًا عبر رفع الوعى المجتمعى، وثانيًا من خلال سرعة الرد الرسمى وتفنيد الأكاذيب بشكل شفاف ومهنى، وثالثًا عبر فضح تلك التنظيمات وكشف أجنداتها، خاصة للأجيال الجديدة التى لم تشهد عنف التسعينيات أو جرائم ما بعد 2011. ولفت إلى أن الجماعة تعيش مرحلة إفلاس حقيقى، بعدما فقدت أى حضور سياسى أو دعم شعبى، ولذلك تلجأ إلى بث الفوضى كوسيلة وحيدة للظهور، مؤكدًا أن يقظة المصريين تمثل السد المنيع فى وجه هذه الحرب المعنوية.
تحريف الحقائق
القيادى الإخوانى السابق والباحث المتخصص فى شؤون الحركات الإسلامية، إبراهيم ربيع، أكد أن الجماعة تتعامل مع الأزمات كفرص لإحياء مشروعها المتآكل، مستخدمة أساليب قديمة تقوم على قلب الحقائق وتزييف الأحداث، بهدف خلق مناخ من السخط والغضب الشعبى المصطنع.
وأشار فى تصريحاته لـ»روزاليوسف» إلى أن الجماعة لم يعد لديها قاعدة جماهيرية حقيقية أو أدوات للتأثير السياسى، ولذلك تلجأ إلى الشائعات كبديل للفعل، وتلعب على مشاعر البسطاء من خلال تضخيم كل حدث، وصناعة صورة وهمية للواقع، تنشرها عبر آلاف الحسابات الإلكترونية التى تتلقى تمويلًا مشبوهًا من الخارج.
وقال ربيع: «ما نشهده من خطاب عدائى عقب أى أزمة يكشف عن نية مبيتة لهدم الدولة وليس إصلاحها، فالجماعة الإرهابية تسعى إلى نشر الفوضى الخلاقة التى تبرر عودتها المزعومة».