
رشاد كامل
روزاليوسف تصف العقاد: أمير الشعراء وسلطان الأدباء!
وقفت روزاليوسف «السيدة والمجلة والجريدة» بكل قوتها وشجاعتها بجوار الأستاذ محمود العقاد فى معركته الكبيرة مع زعامة الوفد وقادته!
وكتبت خطابا على صفحات الجريدة وجهته للعقاد ووصفته بأنه أمير الشعراء وسلطان الأدباء وجاء فيه:
«إنكم ولا شك طالعون لخالكم «تحتمس الثالث» وتلك الروح التى تملى على قلمكم هذا الوحى السامى إنما هى نفحة من نفحات المجد القديم، نفحة لم تخالجها طراوة التخنث السياسى ولا رخاوة المحازبين المصنوعين من عجين الشهوات ولا التثنى فى ميدان النضال بحثًا عن الفارس العاشق قبل البحث عن المُنازل الصنديد!
وتختتم روزاليوسف كلمتها بمداعبة العقاد بقولها:
لقد قررنا مكافأة لكم على نجابتكم وحسن بلائكم أن نلبسكم من اليوم البنطلون الطويل، ونرجو أن نحتفل فى الغد القريب بتكليل قلمكم المخضب بالقطرة الأخيرة من دم الاستعمار بإكليل الظفر الأخير، ودمتم لمصر وللمخلصة روزاليوسف الأسبوعية.
وكانت روزاليوسف فى خطابها إلى مكرم عبيد سكرتير الوفد فاتحت النحاس باشا أن يطلع العقاد على وجهة نظره فى كتاباته!
ولم يستجب النحاس لفكرة روزاليوسف، أما تفسير ذلك فقد جاء فى كتاب «د.راسم الجمال «العقاد زعيمًا» حيث يقول:
لعل عدم استجابة زعامة الوفد لطلب السيدة روزاليوسف الاتصال بالعقاد حتى ذلك الوقت لمناقشته فى كتاباته عن الوزارة ووزارة المعارف مرجعه إلى عدم اقتناعها بجدوى ذلك.
وعاد العقاد من إجازته ليستأنف منذ 6 أغسطس 1935 حملاته على «نجيب الهلالى» بصورة أكثر عنفا وتشددا وأكد فى بداية حملاته أن صداقة «الهلالى» للوفد سواء كانت صداقة فعلية أو مجرد زعم فأنها لن تنجو من نقده!
وعند هذا الحد بادر «مصطفى النحاس» بالتدخل واتصل تليفونيا بالعقاد من الإسكندرية محاولا إقناعه بخطورة النتائج التى ستترتب على اندفاعه فى خطة الهجوم على الوزارة، ولكن العقاد ظل عند موقفه، وحاول إقناع النحاس بأن موقفه هو الذى سيؤدى إلى خطورة كبرى وأن الوزارة مقدر لها السقوط على كل حال، أما الوفد فإن سقوطه سيؤدى إلى نتائج أخطر.
ونبه العقاد النحاس إلى أنه سيظل على موقفه فى كتاباته التى يتناول فيها الوزارة ما دام الوفد لا يريد أن يحدد علاقته بالوزارة تحديدا حاسما بعد ما تكشف عن نواياها الخطيرة!
وروى مكرم عبيد أن النحاس ذكر للعقاد فى هذا الاتصال أنه يحبذ الانتقاد على ألا يكون تحاملا على وزير المعارف، ولكن العقاد واجه ملاحظات «النحاس» بأنه كاتب الشرق، فرد عليه النحاس: وأنا يسرنى أن أكون رئيسًا على كاتب الشرق!
وروت صحيفة الشعب أن مصطفى النحاس غضب من حديث العقاد وألقى بسماعة التليفون بعد أن فاه بعبارات تهديد قابلها العقاد بالضحك والاستهزاء.
وقد حاول عدد من كبار الوفديين «مكرم عبيد» و«أحمد ماهر» و«محمد صبرى أبوعلم» و«عباس الجمل» و«إبراهيم عبدالهادى» معاودة إقناع العقاد فى اليوم نفسه ومن خلال اتصال تليفونى بالعدول عن الهجوم على وزير المعارف على وعد بالسعى لديه لنقل أصدقائه إلى القاهرة ولكنه أصر على أن يكون ذلك فى خلال ثلاثة أسابيع وإلا عاد إلى هجومه عليه من جديد!
وللذكريات بقية.