الخميس 31 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كيفك أنت يا فيروز؟!

كيفك أنت يا فيروز؟!

على مدار 4 أيام فاتت بعد إعلان رحيل الموسيقار والعَالم الموسيقى «زياد الرحبانى» السبت الماضى (26 يوليو) انفجرت صفحات السوشيال ميديا بلمحات وومضات من تاريخه الكبير وأعماله الخالدة وعلاقته بأمه المطربة العملاقة.. هذه العلاقة التى كانت أشبه بسيمفونية أسطورية خالدة لهذا المفكر الموسيقى الذى بدأ مشواره، وهو فى الـ17 عاما برائعة «سألونى الناس عنك ياحبيبى» التى تغنت بها الصوت الساحر فيروز.



أما السيمفونية الأعظم فهى سيمفونية الوداع فى جنازته المهيبة وتضاف حرفيا إلى جنازات أكابر الغناء فى الوطن العربى «أم كلثوم وعبدالحليم» وكان بطلها عشاقهما، أما جنازة «زياد» فهى من تأليف وتلحين وبأداء صامت وعظيم لفيروز نفسها التى عادت لتصلى بعد ربع قرن من الغياب عن جمهورها، ورسمت فيها كل انفعالات الفقد والألم والوجع بثبات أذهل العالم.

فى جنازة «زياد الرحبانى« توزعت المشاعر النبيلة بعد إعلان خبر وفاته ما بين الحزن العميق على رحيل زياد وخسارة الفن العربى ضلعا مجددا، وبين الاحترام العميق لثبات المطربة الكبيرة أثناء تشييع جنازته.

الانفعالات النبيلة التى تكونت فى المشهدين أشبه بلحن سيمفونى جنائزى عظيم ولا ينسى. 

فى بوست بديع وصادق لخص المايسترو نصير شمة هذه المعانى وقال: فى لحظة الوداع، لا نستمع إلى «سألونى الناس»،- التى لحنها الابن للأم- بل نستعيدها من ذاكرتنا كأغنية وُلدت من أول تجربة فقد عاشتها الأم والابن معًا. فى تلك الأغنية، كتب زياد عن غياب الأب، ولحّن لصوت أمه ما لم يكن فى مقدور صبىّ فى الرابعة عشرة أن يعبّر عنه، لولا أن قلبه كان أكبر من عمره. واليوم، تغيب «سألونى الناس» مجددًا، لكن فى الغياب الأبدى هذه المرة، لا الأب مسافر، ولا الابن يكتب.. بل الرحيل هو اللحن الأخير.

إن زياد لم يكن فنانًا عاديًا. كان كاتبًا ساخرًا وعالمًا ومفكرًا موسيقيًا مجددًا كسّر القوالب التقليدية بجمل مبتكرة وكانت أغنياته تؤرخ حياته والواقع وترسم علامته بأمه أيضا وتقلبات العلاقة بينهما (راجعوا مولد أغنية كيفك إنت)  فقبل ميلاد هذه الأغنية سافر زياد للزواج من حبه الأول «دلال كرم«رغم وجود تحفظات عائلية، وبعد غياب طويل، عاد إلى لبنان وقابل أمه فيروز صدفة، وسألته: «كيفك إنت؟ عم بيقولوا صار عندك ولاد؟ وكملت كلامها أنا والله كنت مفكرتك برات البلاد».. هذه الكلمات التى خرجت من الأم وكانت خيرا من ألف عتاب تحولت إلى تحفة غنائية وسجلها بالفعل بصوته، فيروز وقتها رفضت، لكن زياد أصر، لكنها بعد تفكير وافقت تغنيها، وتحولت إلى واحدة من أنجح وأقرب الأغانى لقلوب الناس.

أما رائعة «كيفك أنت» فظلت أسطورة الأغنيات فى كتالوجه الغنائى، وهى فى الوقت نفسه لسان حالها فى جنازته التى هز حضورها العملاق الوطن العربى بثباتها وصبرها العظيم ليضاف إلى كتالوجها الغنائى الساحر أمس واليوم وغدًا.