الخميس 21 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صمود البطون الخاوية

  بين صور الأجساد الهزيلة التى تبحث عن كسرة خبز تسد بها جوعها المتواصل، وبين تقارير تصف غزة بأنها «بقعة موت بطيء» تتشكل خريطة جديدة لمواقف العالم تجاه هذه المجازر المفتوحة، وبين هذا وذاك، تبقى القاهرة الصوت الأقوى المتسق مع ضمير الإنسانية، تتحرك لوقف الجوع وإنقاذ الأرواح، وتعمل على إجهاض مخطط الاحتلال بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم باستخدام سلاح «الجوع»، ناهيك عن استهداف «تل أبيب» للمستشفيات واستهداف المنظومة الصحية لتترك المدنيين «فريسة» للمرض، خاصة الأطفال والرضع، ما ينذر بخلق جيل جديد من الفلسطينيين غير قادر «صحيًا» عن الدفاع عن القضية حسبما أكد عدد من الخبراء، مضيفين أن مصر هى صمام الأمان فى محيط لا يرحم، ولا غنى عنها فى معادلة الاستقرار الإقليمى والعدالة الإنسانية. 



 من جانبه، قال الدكتور صلاح عبد العاطى، أستاذ القانون الدولى ورئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطينى: إن الموقف الدولى بدأ يتصاعد احتجاجًا على المجاعة والصور الصادمة من غزة، مشيرًا إلى أن القطاع يعيش فصول مجاعة كارثية أودت بحياة 133 فلسطينيًا خلال أقل من خمسة أشهر، بالإضافة إلى 650 مريضًا ماتوا بسبب نقص الغذاء والعلاج. 

 «عبد العاطى»، أضاف أن 1120 فلسطينيًا استشهدوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات أمام المراكز الإغاثية، بينما أصيب أكثر من 6700 آخرين، مؤكدًا أن الموقف العربى، وفى مقدمته مصر، أسهم فى الضغط على الاحتلال لإدخال بعض الشاحنات، لكن العدد لا يزال غير كافٍ، مطالبًا بدخول ما لا يقل عن 500 إلى 1000 شاحنة يوميًا لوقف الكارثة، واصفًا التحركات المصرية بأنها «العمود الفقرى» لحل الأزمة.

فيما أكد الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، أن المجتمع الدولى بدأ يتحرك تحت ضغط الصور والتقارير الميدانية التى تؤكد أن آلاف العائلات تواجه خطر الموت جوعًا، فى ظل حصار شامل وتدمير للبنية الإنسانية، واصفًا ما يحدث بأنه انهيار كامل للقانون الدولى، وصمت العالم عنه يمثل غطاء سياسيًا للجرائم الإسرائيلية. 

المحلل السياسى الفلسطينى، شدد على أن القيادة المصرية تبذل جهودًا كبيرة على الصعيدين الإقليمى والدولى، لتشكيل جبهة ضغط فاعلة لوقف حرب الإبادة الجماعية وفتح الممرات الإنسانية دون شروط، محذرًا من أن التباطؤ الدولى يعنى المشاركة الفعلية فى جريمة تطهير جماعى ترتكب على مرأى ومسمع من العالم. 

بينما قال الدكتور خليل الدقران المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية ومستشفى شهداء الأقصى بقطاع غزة: إن الوضع الصحى داخل القطاع تدهور بشكل كبير خاصة مع تزايد أعمال القصف والتجويع، مؤكدًا أن حالة الإعياء نتيجة انعدام الطعام وسوء التغذية تتزايد بشكل مخيف .

المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أكد أن الاحتلال الإسرائيلى يستهدف المنظومة الصحية فى غزة بطريقة ممنهجة منذ بداية العدوان، حيث قام باستهداف معظم مستشفيات غزة وأخرجها عن الخدمة الصحية، ولم يبق فى غزة مستشفيات تعمل إلا 3 من أصل 15 مستشفى، زاد على ذلك دخول سكان القطاع فى معاناة التجويع وما ترتب على ذلك من آثار سلبية وأمراض ناتجة عن سوء التغذية، من ضعف أو شلل فى الأطراف وتغيرات فى ردود الفعل العصبية، صعوبة فى تحريك العينين أو تدلى الجفون، صعوبة فى البلع أو الكلام وضعف فى عضلات الوجه، علاوة على الإبلاغ عن حالات متفرقة من الحصبة والنكاف، و600 ألف حالة من التهابات الجهاز التنفسى العلوى، والعديد من حالات التهاب السحايا والتهاب الكبد والطفح الجلدى والجرب والقمل.

«الدقران» تابع: «لم يسلم الرضع والأطفال من كوارث الإصابة بالأمراض فقد شهد قطاع غزة  انتشار شلل الأطفال من النوع الثانى، وهناك ما يزيد على 100 ألف حالة من الجرب و60 ألف حالة من الطفح الجلدى و11 ألف حالة من الجدرى المائى، وسيظل خطر انتشار المزيد من الأمراض مرتفعًا بسبب عوامل عدة، تشمل الاكتظاظ ونقص المياه والصرف الصحى وتعطل خدمات الرعاية الصحية.

بدوره، أكد إسماعيل الثوابتة مدير المكتب الإعلامى الحكومى بقطاع غزة، أن حياة الآلاف من الأطفال فى خطر وشيك، فى قطاع غزة بسبب منع الاحتلال إدخال حليب الأطفال، مؤكدًا أن هناك تعمدًا فى منع دخول الحليب إلى الرضع، ليواجه عشرات الآلاف الأطفال خطر الوفاة منذ 150 يومًا بشكل متواصل فى جريمة إبادة صامتة، مضيفًا أن هناك 40 ألف رضيع معرضون للموت البطىء بسبب هذا الحصار الخانق الإجرامى، فى الوقت الذى لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفى الطرقات، إذ تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدنى عن الوصول إليهم حتى اللحظة، حيث ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلى إلى 59,821 شهيدًا و144,851 إصابة منذ السابع من أكتوبر.

وفى السياق، قال السفير معتز أحمدين مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة: إن الضغط الدولى أحد أهم أسباب دخول المساعدات إلى القطاع، عقب انتشار صور المجاعة وشهداء البحث عن الطعام  فى المجتمع الأوروبى، مؤكدًا أن تعليق  جيش الاحتلال للعمليات العسكرية جاء فى ثلاث مناطق داخل القطاع، وهو ما سمح بمرور قوافل المساعدات من مصر عبر معبر رفح، وتنفيذ عمليات إنزال جوى، ضمن جهود استثنائية لإيصال الإغاثة إلى المدنيين.