
أيمن عبد المجيد
الرئيس والإعلام ورهانه الرابح
فى لحظة راهنة استثنائية، تتعاظم فيها التحديات والتهديدات المحتملة، على جميع المحاور الاستراتيجية للأمن القومى المُباشر وغير المُباشر، يتمسك الرئيس عبدالفتاح السيسى برهانه الرابح دائمًا بإذن الله وعونه.
«وعى المصريين وصلابتهم هو الركيزة الأساسية التى أعول عليها فى مجابهة أى تحدٍ أو تهديد محتمل»، بهذه العبارة لخص الرئيس عبدالفتاح السيسى رهانه فى ختام كلمته بالمؤتمر الصحفى المُشترك مع الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى أمس الأول بقصر الاتحادية.
فى هذا المؤتمر تحدث الرئيس للمرة الأولى عن كون ملف المياه جزءًا من حملة ضغوط تمارس ضد مصر لتحقيق أهداف أخرى.
ولا شك أن المدقق فى المشهد الراهن وتحدياته وتهديداته المحتملة، يدرك بكل يقين أن ما صرح به الرئيس السيسي جزء من كثير تجابهه الدولة، بدقة الرصد وقوة الحكمة والردع، المستندة لقدرة شاملة حضارية ودبلوماسية ودفاعية وشراكات تنموية.
فلا يمكن فصل مواقف مصر التاريخية الداعمة للقضية الفلسطينية والتصدى لمخطط تهجير أهالى غزة وتصفية القضية عن تلك الضغوط التى تمارس على مصر بمؤامرات تشويه الصورة الذهنية عبر مظاهرات أمام السفارات بعواصم أوروبية، أو تلك التى تمارس بإعاقة التوصل لتفاهمات بشأن قضية سد النهضة وحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل.
فالقوى الدولية الفاعلة واحدة والخيوط متشابكة يستخدم فيها مزيج من الأسلحة غير النمطية، من محاولات الحصار الاقتصادى إلى حروب الشائعات إلى محاولات إعاقة التنمية بخفض معدلات تدفق مياه شريان الحياة.
وهنا تتوالى رسائل مصر: «ستظل مصر ممرًا لدخول المساعدات إلى فلسطين، ولن تكون أبدًا ممرًا لتهجير شعبها»، «التخلى عن جزء من مياه النيل تخلى عن حياتنا وهذا لن يحدث»، «مخطئ من يتوهم أن مصر ستغضّ الطرف عن تهديد وجودى لأمنها المائى».
وفى ظل تلك التحديات يبقى عماد المواجهة والمجابهة وحدة النسيج المجتمعى المصري وتنامى الوعى وصلابة الجبهة الداخلية التى يراهن عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى دائمًا فيكسب الرهان، منذ أن استدعاه الشعب فى 2013 لحماية الهوية الوطنية ثم فوضه بمكافحة الإرهاب وكلفه بتحمل أمانة قيادة دفة سفينة الوطن.
كان الرئيس واضحًا من البداية، صارح شعبه بحجم التحديات وحدد المهام والمسئوليات، فالدول تبنى بالعمل والكفاح لا الشعارات والأمنيات، وما إن توالت الإنجازات حتى ازداد تلاطم أمواج التحديات، ما بين جائحة عالمية وصراعات دولية ذات تأثيرات محلية، وصولًا لاشتعال النيران على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية والبحر الأحمر.
فكانت رسائل الرئيس دائمًا، ليؤكدها مجددًا: «نحن ضد التدخل فى شئون الآخرين، ضد التآمر على الآخرين ضد الهدم والتدمير مع البناء والتعاون والتنمية».
ومن تلك الثوابت تدعم مصر جهود التنمية وترفض بشكل كامل الإجراءات الأحادية فى حوض النيل الشرقى التى «تسعى دائمًا لأن يكون مصدرًا للتعاون لا الصراع»، ويشدد الرئيس السيسي: «سنظل متابعين ونتخذ جميع التدابير المكفولة بموجب القانون الدولى للحفاظ على مقدرات شعبنا الوجودية».
وكون الإعلام أحد أهم مكونات القدرة الشاملة للدولة فى تعزيز حصون الوعى ومجابهة حملات التشويه واستهداف وحدة النسيج الوطني، تأتى أهمية اجتماع الرئيس السيسى بالدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء والمهندس خالد عبدالعزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام والمهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة والأستاذ أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، بوصفهم قادة الهيئات المستقلة المنوط بها الإشراف على المؤسسات الإعلامية.
ويمكن قراءة مخرجات الاجتماع فى ضوء حشد الرئيس لقدرات الدولة الشاملة بأسلوب علمى يرصد العرض ويشخص المرض ويقدم روشتة العلاج التى تمثلت فى «خريطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصرى»، وهى ضرورة حتمية لتعزيز القدرة على مجابهة التحديات وتعزيز حصون الوعى فى لحظات بالغة الخطورة.
تلك الخارطة أشبه باستراتيجية لها مستهدفات رئيسية وفرعية، فى مقدمتها «ضمان مواكبة الإعلام الوطنى للتغييرات المتسارعة التى يشهدها العالم وتمكينه من أداء رسالته بما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية الحديثة والجمهورية الجديدة».
ولا يمكن أن تحقق منظومة مستهدفاتها إلا بتطوير عناصرها المكونة لها، وهنا يركز الرئيس على أهم عناصر المنظومة الإعلامية، كادرها البشرى، فيوجه بالاستعانة بالكوادر الشابة المؤهلة والاهتمام بالتدريب والتثقيف مع التركيز على قضايا الأمن القومى.
وكون الحرية هى الرئة التى يتنفس منها الإعلام والمعلومات الدقيقة فى وقتها وهى غذاءه لإحداث تأثيره المستهدف لإنارة الأذهان، وجه الرئيس «بأهمية إتاحة البيانات والمعلومات للإعلام حتى يتم تناول الموضوعات بعيدًا عن المغالاة فى الطرح أو النقص فى العرض».
وهنا يؤكد الرئيس «التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية التعبير واحتضان كل الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية المصرية، بما يعزز التعددية والانفتاح الفكري»، ولا شك لذلك انعكاساته الإيجابية على تعزيز تلاحم وصلابة الجبهة الداخلية.
وفى ظل نقاش التطوير الشامل لعناصر المنظومة الإعلامية، كانت قضايا ذات بعد اقتصادى حاضرة تخص فئات من القدرة البشرية، فأقر الرئيس زيادة بدل التكنولوجيا والتدريب المقترحة من الحكومة، ووجه بإنهاء مشكلة صرف مستحقات نهاية الخدمة للعاملين فى ماسبيرو وهم نحو 6 آلاف عامل.
وهنا المدقق يستوعب أهمية ما تتخذه الدولة من إجراءات ودور ما تحقق من إنجازات فى جميع المجالات فى العشر سنوات الأخيرة فى تعزيز قدرة الدولة الشاملة على مجابهة التحديات والتهديدات المتعاظمة.
وهو ما يتطلب مواصلة تحديث عناصر المنظومة الإعلامية ومضاعفة جهودها لتنمية الوعى العام لتفوق صلابته قوة قذائف حملات استهداف العقل الجمعى، إعلام يسهم فى بناء شخصية وطنية واعية، تدرك أبعاد وأساليب الحروب الحديثة، وأن كل فرد هدف لقذائف تزييف الوعي ومقاتل على جبهته أيًا كان عمله أو تخصصه، الجميع ظهير للوطن.
حفظ الله مصر وجيشها وقيادتها