
ابراهيم خليل
«روزا».. صوت من لا صوت له
إن ما يجرى بالصحف من أحداث عظام لا يصح تقييمها خلال فترة إصدارها لما يشوب عملية التقييم من تباين على تقييم الأمور والأحداث والمواد الصحفية سواء كانت متفردة ومتميزة عن غيرها من الإصدارات المنافسة ما بين إفراط فى المدح و مبالغة فى النقد والهجوم نقول هذا الكلام بمناسبة أن هذا الأسبوع يصادف مرور عشرين عاما على إعادة إصدار جريدة روزاليوسف التى ملأت الدنيا انفرادات وعطاءات صحفية متميزة على مر فتراتها الماضية وخصوصا الفترة ما بين أبريل 2011 و أوائل 2013 حيث كانت الجريدة تمثل خط الدفاع الأول عن جميع القوى الوطنية المصرية ومعارضة الجماعة الإرهابية بكل السبل حتى نقل عنها من وكالات الأنباء العالمية والقنوات الفضائية CNN أحد مانشيتاتها الرئيسية وهو جمهورية مصر الإخوانية عندما تولى مرسى رئاسة مصر وعلى خلفية المعارضة الشديدة التى خاضتها روزاليوسف فى هذا الوقت تعرض رئيس تحريرها فى ذلك الوقت لأكثر من محاولة اغتيال وفى إحدى هذه المحاولات كان يصاحبه الصحفى الواعد أشرف أبوالريش هذا هو شأن وضريبة العمل الصحفى الجاد الذى دائما وأبداً يتصف به محررو روزاليوسف أن يكرسوا عطاءهم باستمرار ويعطوا بسخاء مدرسة روزاليوسف لم تغلق وهى دائما مبدعة وتملأ بكوادرها وصحفييها الوسط الصحفى سواء بالتميز فى الخبر أو الموضوع وعلى مدار تاريخها تفرز باستمرار بلا هدنة ولا توقف كوادر جديدة فى كل مراحلها التاريخية بالتركيز على الشباب الذين هم المستقبل الصحفى وروزاليوسف هى التى قادت على مر تاريخها الاستقلال والحرب على الفساد والنقد الجاد الذى يوجع ولا يدمى وجعلت من العبارة المختلطة بالنكتة اللاذعة سيفا على رقاب الفاسدين وضوءا أخضر ينير عقول القراء والأسلوب الصحفى الذى ابتدعته روزاليوسف كان طريقًا للعقول والقلوب وهو ما يعرف بالسهل الممتنع.
تستمر روزاليوسف فى إبهارنا وفضح عيوب الآخرين من الإرهابيين وأعداء الوطن ،صحف كثيرة صدرت لمنافسة روزاليوسف ولكن الفرق بينها وبين روزا هو الميراث التاريخى والتميز والانحياز إلى الفقراء فهى فعلا وواقعا صوت من لا صوت له ولا تسكت ولا تنتظر ولا تهادن الظلم مثل الصحف الأخرى فهى دائما تخطو خطواتها فى المشقة وحفر الصخور ولا تعرف الهدنة ولا الراحة ولا طيب الحياة.
الآخرون يصنعون لأنفسهم ولكن روزا وصحفييها يضعون للصحافة وللقراء والمتابعين وقد لا يخلو الأمر من الفائدة الخاصة غير أن هذه الفائدة المتمثلة فى الانفراد والتميز ليست هى الدافع ولكن صنع الخبر لخدمة الوطن والقارئ الذى هو دائما وأبداً الهدف الرئيسى وكما قال أحد كبار الصحفيين المطبوعة فى خدمة القارئ الذى يقوم بشرائها وباختصار إذا أردت أن تكون صحفيا فى روزاليوسف عليك أن تتحمل متاعبها ولا تخلط شعبان برمضان ومن فاته قراءة روزاليوسف عليه أن يرجع لها فى أى وقت فلا يمل ولا يشبع من قراءتها لأنها تعيش دائما فى رحاب العطاء وتستمر فى ابهارنا وكلما تبحرت فى قراءتها ازددت اعجابا من عظمة صحفييها وكتابها ورشاقة أسلوبهم وعمق أفكارهم والأحسن من كل ذلك مرح كاريكاتيرها جيل المحاربين الشبان الذى لا يؤمن بالضحك والابتسام يرى أن الجدية أن يكتب عابسا وكأنه يمشى فى جنازة عكس كاريكاتير وتحقيقات روزاليوسف والتى هى بمثابة منجم أفكار وأصول للصحافة المرحة وهى الصحافة الحقيقية التى تنير طريق الصحفيين الجدد قد يكون فى عالم الصحافة اليوم إضحاك الناس أصعب بكثير من إبكائهم ليس سراً أن تاريخ روزاليوسف قصة طويلة والكل يعرف ذلك فمعظم الأساتذة الكبار خرجوا من روزاليوسف بعد أن تطبعوا بطباعها وتحلو بمقوماتها الأساسية من الشجاعة ودفع ثمن الكلمة ومناصرة الفقراء ومن أشهر المواقف التى اتخذتها روزاليوسف فى فترة بداية حكم مرسى أن قدم رئيس تحريرها استقالته رغم أن الإخوان قد طلبوا منه الاستمرار بشرط أن يكتب طلبا بذلك لكنه رفض وقال قولته الشهيرة إنه لا يعمل ولا يتعاون مع الجماعة الإرهابية التى لا تؤمن بوطن فالوطن فى نظرهم ليس مساحة جغرافية ويعترف بها من الدول الأخرى وفى رأيهم أن المسلم لا يدافع عن مصر كوطن لأنها أرض الإسلام والعدو الذى يهاجم مصر هو كافر بالضرورة وإذا جاء جيش إسلامى من خارج مصر يصبح فتحًا من الله ونصراً قريبا.
هكذا هى روزاليوسف دائما مع الوطن والانحياز الكامل والتام مع الفقراء وتحمل المسئولية الوطنية.
ولا مهرب من الحقائق البسيطة ليس للصحافة مستقبل إلا بالحرية ومحاربة الإرهاب والفساد.
رئيس تحرير الجريدة الأسبق