الجمعة 15 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أبناء «طظ فى مصر»

أبناء «طظ فى مصر»

لم تكن المشكلة الوحيدة أن رئيس جماعة الإخوان قال منذ نحو 20 عاماً: «طظ فى مصر وأبو مصر وإللى فى مصر»، ولم تكن المشكلة الوحيدة هى أيضا فى تنظيم الإخوان الابن المخلص لـ«طظ فى مصر»، فأين كانت مشكلتنا ومشكلة بلدنا العظيم مع الطظ؟  



مهدى عاكف رئيس جماعة الإخوان قال ذلك فى حوار معى، أظنه الأشهر، كان ذلك فى عام 2006، تخيل 2006 . وكان الحوار وكل ما فيه تعبيرًا وقحًا عن عدم ولائه وولاء كل الإسلاميين لبلدهم مصر، لكنهم ينتمون إلى ما يسمونه الخلافة، وهو ليس أكثر من مشروع استعمارى خرب مصر والمنطقة والعالم طوال أكثر من 1400 عام، المؤسف أن هذا الاستعمار تحول إلى دين، أى تتعبد لرب الكون باستعمار وتخريب البلاد، بدلا من أن نتعبد له بولاء لبلدنا وبنشر الحب والخير والسلام.

الراحل الكبير عبد الله كمال رئيس تحرير جريدة روزاليوسف وقتها قرر بشجاعة استثنائية نشر الحوار كاملاً، والطبيعى والمنطقى بعد نشر هذه الوقاحة والانحطاط ضد مصر ألا يحدث انقسام، بل إجماع على الرفض، ليس فقط رفض «شتيمة مصر وإهانة شعبها»، ولكن ايضاً رفض لأن تكون هذا البلد مجرد «إمارة» فى مشروع استعمارى يحلم به كل الإخوان والإسلاميين وكل أبناء «طظ فى مصر وأبو مصر وإللى فى مصر».

لكن المؤسف وقتها ان قطاعا لا يستهان به من النخبة السياسية والثقافية، دافع بتبريرات لا أول لها ولا آخر، لكنها كلها تدعم وتساند: طظ فى مصر. أى تدعم وبقوة تلك المواقف والانتماء إلى مشاريع تستند فى جوهرها إلى اعتبار مصر العظيمة إمارة إخوانية إسلامية فى مشروع أكبر يعتبرونه أهم من مصر ذاتها، سواءً كانت عروبيا أو شيوعيا أو ناصريا أو يساريا أو متأسلمة فى العموم.

أقصد أن المشكلة لو كانت فى تنظيم الإخوان وحده لهان الأمر واستطعنا كبلد وبسهولة هزيمتهم هزيمة ساحقة ونهائية. لكن المشكلة فى الحاضنة السياسية التى كانت ترى أن «طظ فى مصر» ليست مشكلة كبيرة أو ليست مشكلة من الأساس.

فالأخ الناصرى يرى ان مصر مجرد «إمارة» فى مشروع اكبر وأهم من مصر هو «اتحاد الدول الناطقة بالعربية»، أى مشروع استعمارى خارج حدود الدولة الوطنية. والأخ الشيوعى يرى بلدنا مجرد «إمارة» فى مشروع أهم من مصر وهو خرافة «الخلافة الشيوعية» التى تحكم المنطقة والعالم، إنهم الأبناء المخلصون لـ «طظ فى مصر».

أضف إلى ذلك، عزيزى القارئ، الأخطر، وهى الحاضنة الثقافية التى تبنى ولاءها ومرجعيتها ليس لمصر، ولكن لمجموعة صادف واحتلت مصر واستطاعت تدمير شعور المصريين ببلدهم، أى افسدت الأغلبية الساحقة من هذا الشعب المسكين. وبدلاً من أن تكون مرجعية هذه النخبة الثقافية، واغلبية المصريين، هى رمسيس وأحمس وتاريخنا المصرى المجيد، أصبحت مرجعية الأغلبية هى أيديولوجية هؤلاء الغزاة، أى تمجيد من استعمروا بلدك وتجاهل واحيانا تحقير أبطال مصر العظماء الذى بنوا حضارة عظيمة على ارض مصر.  

هذه المرجعية الاستعمارية أصبحت مقدسة، ومستمر تقديسها عبر رجال دين، وعبر مؤسسات ننفق عليها المليارات كى تعلم المصريين ان المقدس ليس مصر، ولكن مشروع استعمارى اسمه الخلافة، وبلدنا ليست إلا نقطة الانطلاق!!

وهؤلاء يؤمنون أن رضا رب الكون مرتبط ليس بعشق بلدك وحمايتها والدفاع عنها، لكن تكون امارة إسلامية أو عند الناصريين إمارة عروبية وعند الشيوعيين إمارة ماركسية وهكذا.

هؤلاء هم أبناء «طظ فى مصر» المخلصون ووراءهم حشود من الجماهير التى تؤمن ان الله يأمرها باحتقار ذاتها، احتقار بلدها، وأن الله يأمرهم بتقديس غزاة مستعمرين.

لذلك لم يكن غريبا أن يكتسح الإخوان وعموم الإسلاميين الانتخابات بعد انتفاضة يناير، فبدلاً من ان تكون هذه الانتفاضة هى طريق نبيل لإصلاح وتحسين البلد، أصبحت أداة لتخريبها. وتحالفت نخب سياسية ودينية واجتماعية لتسليم مصر العظيمة لتنظيم الإخوان وعموم الإسلاميين.

كانت 30 يونيو ثورة ضد الإخوان كتنظيم ورفضاً قاطعاً لمشروع استعمارى، تحلم به التنظيمات المتأسلمة بحكم العالم بالسلاح والدم والدمار.  

ما أقصده هو أن أغلب المصريين رفضوا الإخوان كتنظيم، ولكن منهم من لم تصله الفكرة الأساسية، وهى أن مصر كيانا مستقلا، دولة منذ فجر التاريخ، قومية بذاتها لا تنتمى لأى كيان مهما كان.

دفعت مصر وتدفع دم شبابها رفضاً لتنظيم الإخوان وأجنحته المسلحة، لكنها تحتاج أيضاً وبقوة للتخلص من أبناء «طظ فى مصر»، هؤلاء هم الحاضنة الأقوى لتخريب البلد، سواءً كانوا داخل تنظيم الإخوان أو خارجه، نحتاج أكثر من أى وقت مضى لأن ننقل «الإسلام» لخانة أنه «دين» فقط، علاقة بين المصرى المسلم وربه، لا علاقة لها بإدارة شئون الدولة ولا إدارة حياة الناس، أى «دين» وليس مشروعا استعماريا لمصر وغيرها من عباد الله، أى وبجملة واحدة نحتاج لأن تكون مصر للمصريين.

كاتب صحفى - أوتاوا - كندا