حرب دبلوماسية أمريكية على إعلان الدولة الفلسطينية

نورالدين أبوشقرة
خطوة جديدة ومفاجئة اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ما يحدث داخل الأراضى الفلسطينية، لكن هذه المرة على المستوى السياسي، حيث قررت رفض منح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والوفد المرافق له تأشيرات دخول من أجل المشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، على أن تشمل قرارات المنع 80 مسئولًا من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، مبررة ذلك بمخاوف أمنية وسياسية، علمًا بأن البعثة الفلسطينية الدائمة لدى الأمم المتحدة غير مشمولة بالقرار.
ذلك الموقف دفع الرئاسة الفلسطينية لوصف هذا القرار بالانتهاك الصارخ للقانون الدولي، حيث أدانت التصريحات الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، مؤكدة أن هذا القرار يتعارض مع القانون الدولى واتفاقية المقر، خاصة أن دولة فلسطين عضو مراقب فى الأمم المتحدة.
«ليست المرة الأولى»
من جانبه قال جهاد الحرازين، عضو حركة فتح وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، لـ«روزاليوسف»: إن هناك علامات تعجب من الموقف الأمريكى الذى يعد انتهاكًا لاتفاقية مقر الأمم المتحدة الموقعة عام 1947، التى تلزم واشنطن بالسماح للدبلوماسيين الأجانب بالوصول إلى مقر المنظمة الدولية، منوهًا إلى أن تصريحات الإدارة الأمريكية أكبر دليل على موقفها الواضح من القضية الفلسطينية، والوقوف بجانب دولة الاحتلال منذ بداية العدوان على قطاع غزة.
وعن ذلك الموقف المتعنت، أكد أنها ليست المرة الأولى التى تمنع فيها الإدارة الأمريكية رئيس دولة فلسطين، ففى وقت سابق منعت الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات من دخول أراضيها عام 1988، ما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد اجتماعاتها فى جنيف بدلًا من نيويورك، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تواصل مسلسل عرقلة وقف الحرب فى غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، فى وقت تعانى فيه المنطقة أزمة إنسانية خانقة، مع استمرار تضييق الخناق على القطاع ومنع إدخال جميع الخدمات والمساعدات الطبية والإنسانية.
وأنهى حديثه قائلًا: القرارات الأمريكية ما زالت فى صالح الاحتلال سواء على المستوى الدولى والسياسى فى التعامل مع القضية الفلسطينية، أو حتى دعم الاحتلال بالأسلحة والمعدات لتدمير المزيد من المبانى واحتلال المزيد من المساحات داخل القطاع.
«تجاوز فى الصلاحيات»
اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة الأسبق، أكد أن ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية خلل دبلوماسى كبير، وليس من حق أمريكا أن تمنع أى مسئول أو دولة من الحضور، لأن الأمم المتحدة منظمة دولية تنظر فى شئون جميع دول العالم، فليس لأمريكا الحق فى تجاوز صلاحياتها بكون الأمم المتحدة على أراضيها، منوهًا إلى أن هذا القرار يتماشى بشكل كبير مع الموقف الأمريكى الداعم لدولة الاحتلال، ويأتى فى هذا التوقيت خشية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كونها مسألة تحرج بشكل كبير الولايات المتحدة ودولة الاحتلال.
أما السفير على الحفني، نائب وزير الخارجية للشئون الإفريقية الأسبق، قال فى حديثه لـ«روزاليوسف»: إنه سيناريو متكرر ينم عن إفلاس دبلوماسى وسياسي، فالجمعية العامة للأمم المتحدة لها اجتماعات ثانوية تحضرها جميع دول العالم، تطرح من خلالها مواقفها، وكل دولة تعبر عن رأيها، وبالتالى فإن ممارسة الضغوط على السلطة الفلسطينية، مستغلة فى ذلك دقة الظرف الذى تمر به القضية الفلسطينية فى الوقت الحالي، لن يمنع مسألة الاعتراف بالقضية الفلسطينية وتأييد الدول الأجنبية لها والاعتراف بحل الدولتين.
«70 عامًا من المعاناة»
الحفنى شدد على أن الشعب الفلسطينى يعانى على مدار 70 عامًا، ولا زال قادرًا حتى الآن على الصمود، كذلك القضية الفلسطينية لن تموت مهما طال الزمن ومهما كثرت المحاولات لتصفيتها، طالما ظلت الدولة المصرية سندًا حقيقيًا للأشقاء وداعمًا قويًا للقضية الفلسطينية، مختتمًا: «هناك ردود فعل ومواقف دولية تندد بالمعايير المزدوجة التى تفرضها الولايات المتحدة على الكثير من الدول، فى الوقت الذى تواجه فيه الولايات المتحدة وإسرائيل موجات غضب دولية واسعة بسبب مثل هذه الأفعال، ففى الوقت الذى تمنع فيه الولايات المتحدة حضور الوفد الفلسطيني، فهناك الكثير من الحلول والطرق لإيصال الرسالة الفلسطينية، منها مقترح بنقل المؤتمر إلى جنيف، حيث المقر الأوروبى للأمم المتحدة هناك».