الإثنين 22 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العالم ينتصر للدولة الفلسطينية المستقلة

بإرادة عربية قوية تجاه ما يمرّ به شعب فلسطين وأفعال الكيان الصهيونى الرامية إلى زعزعة الاستقرار فى المنطقة، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يؤيد إعلان نيويورك بشأن تنفيذ حلّ الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، والذى يُعَدّ نتاجًا لمؤتمر الأمم المتحدة رفيع المستوى حول «التسوية السلمية لقضية فلسطين وتطبيق حلّ الدولتين»، والذى عُقد فى نيويورك يوليو الماضى برئاسة مشتركة من المملكة العربية السعودية وفرنسا.



ففى خطوة تاريخية تعكس تحولًا مهمًا فى الموقف الدولى تجاه القضية الفلسطينية، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة قرارًا يقضى بالمضى قُدُمًا فى تسوية الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى عبر تنفيذ حلّ الدولتين، وذلك بتأييد 142 دولة مقابل معارضة 10 دول وامتناع 12 عن التصويت.

آليات التنفيذ؟

بدوره قال السفير معتز أحمدين، سفير مصر الأسبق لدى الأمم المتحدة، إن قرار الأمم المتحدة خطوة جيدة، ولكن إذا نظرنا بتمعّن إلى هذا القرار، فإن نص الإعلان لم يتضمن آليات أو خطوات جديدة لتنفيذ قرار حلّ الدولتين وإقامة دولة فلسطينية، بل إن الدولة الفلسطينية موجودة بالفعل ولها وضع المراقب فى الأمم المتحدة منذ عام 2012، ولكن الجديد فى الإعلان الصادر أنه للمرة الأولى تتم إدانة حماس، ومطالبتها بنزع السلاح، وهى عبارات كان يتم تفاديها فى قرارات الأمم المتحدة.

وأضاف مندوب مصر الأسبق لدى الأمم المتحدة أن مسألة إصلاح مجلس الأمن من تحكمات الفيتو سواء كان أمريكيًا أو فرنسيًا أو حتى صينيًا مستبعدة تمامًا على الأقل فى هذا الوقت، وربما يتم توسيع مجلس الأمن، لكن إلغاء حق الفيتو لا، مؤكدًا أن إنشاء الدولة الفلسطينية يتوقف على استعداد الدول العربية لاستخدام ما لديها من أوراق ضغط على المجتمع الدولى لإقامة الدولة الفلسطينية وعدم الاكتفاء بمناشدة المجتمع الدولى لتنفيذ ذلك القرار.

صفعة لنتنياهو

وفى ذات السياق قال أستاذ القانون الدولى د.محمد شوقى عبدالعال: إن تأييد قرار الأمم المتحدة صفعة جديدة على وجه نتنياهو وحكومته فى الوقت الذى ينتصر فيه القانون الدولى على ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من عربدة وتجاوز فى حق الدول العربية.

وأضاف أستاذ القانون الدولى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة هى المنبر المنادى بضرورة أن تكون هناك دولة فلسطينية، وأنه لا حل إلا حلّ الدولتين.

وتابع «شوقى»: إن إسرائيل تعرف أنها دولة مارقة، تعرف أنها تجاوزت كافة الخطوات، تعرف أيضًا أنها ترتكب المجازر اليومية فى حق أبناء القطاع الأعزل، ضاربة بالقانون الدولى عرض الحائط، مستندة فى ذلك إلى الحماية الأمريكية. اليوم ومع اكتمال المشهد المزيف الذى تقوم به حكومة الاحتلال من دمار ممنهج وكسر كل قانون دولى فى الأراضى المحتلة.

الضغط المصرى

فى سياق متصل قال أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس: إن هناك رغبة قوية لدى المجتمع الدولى بتسوية القضية الفلسطينية وحلّ الدولتين، والرغبة القوية فى ترسيخ قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، مؤكدًا ضرورة العمل على تطبيق هذا القرار وتنفيذه على أرض الواقع وعدم الاكتفاء بالقانون فقط.

وأضاف الرقب أن على المجتمع الدولى تحويله إلى مشروع قرار داخل المجلس، من أجل الدفع نحو التنفيذ العملى لحلّ الدولتين وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967.

واختتم الرقب حديثه بأن هناك جهدًا كبيرًا تبذله الدولة المصرية، للدفاع عن القضية الفلسطينية والتوصل إلى حلّ الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية من خلال أدوات التنفيذ القانونية والسياسية والاقتصادية والأمنية، حتى تتحول الدولة الفلسطينية من مجرد اعتراف إلى واقع قائم يتمتع بالسيادة الكاملة والشخصية المعنوية فى النظام الدولي، مؤكدًا أن الضغط المصرى المستمر على الاحتلال والإدارة الأمريكية أثبت أن هناك تعمدًا واضحًا من قبل الإدارة الأمريكية لعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما أثبتته فى كل مرة تصدر قرار «الفيتو» بعد الموافقة على حلّ الدولتين.

سقوط الرواية الإسرائيلية

قال أستاذ العلوم السياسية جهاد الحرازين: إن الدور المصرى على مرّ التاريخ تكلّل اليوم نتيجة الضغط العربى والوقوف أمام تجاوزات الاحتلال بالمنطقة، مؤكدًا أن إسرائيل اليوم غاضبة من هذا الحراك السياسى الشامل، حيث يضعها فى موقف لا تُحسد عليه أمام إرادة دولية متزايدة تسعى إلى فرض حلّ الدولتين كخيار وحيد يضمن الاستقرار فى المنطقة.

وأضاف «الحرازين»: إن المجتمع الدولى أصبح يعلم ما تخفيه إسرائيل تحت مسمّى الدفاع عن النفس، وبات العالمين العربى والغربى يعلم أن إسرائيل ليس لها هدف إلا التدمير وزعزعة أمن واستقرار المنطقة، مؤكدًا أن الكل يريد الاستقرار، والعالم أصبح يدرك الآن ما يعانيه شعب غزة من انتهاك واضح لجميع مقومات الحياة.

وقال الحرازين: إن القرار جاء بمثابة رسالة واضحة من المجتمع الدولى الذى بات يدرك حقيقة الاحتلال بشكله الكامل، بعدما سقطت الرواية الإسرائيلية أمام العالم، واتضح أن الاحتلال غير شرعى وغير قانوني، وأن ما يرتكبه من جرائم إبادة واستيطان يمثل انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن المطلوب فى هذه المرحلة هو التحرك الفورى لترجمة هذا القرار إلى خطوات عملية، سواء من جانب الدول التى صوتت لصالحه عبر ممارسة ضغوط مباشرة على الاحتلال، أو من خلال الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، وصولًا إلى تمكين الشعب الفلسطينى من إقامة دولته المستقلة، وفرض وقف فورى لإطلاق النار، وإدخال المساعدات، والبدء فى عملية بناء الدولة الفلسطينية.

وأنهى الحرازين حديثه قائلًا: لم يعد مقبولًا دوليًا استمرار سياسة الغطرسة التى يمارسها نتنياهو وحكومته، مؤكدًا أن الحلول الأمنية والعسكرية لم ولن تحقق الاستقرار للاحتلال، بل تزيد من حالة الكراهية والتطرف فى المنطقة.

إجراءات عربية صارمة

د.أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، قال: إن الدول العربية اتخذت إجراءات قانونية صارمة تجاه ما تقوم به إسرائيل من عربدة لا حدّ لها، مؤكدًا أن هذا القرار، والتصويت عليه بأغلبية كبرى من قبل 142 دولة، يؤكد الإجماع الدولى على الرغبة فى إنهاء حالة الصراع والنزاع فى المنطقة، وإيقاف ما تقوم به إسرائيل من انتهاك واضح للقانون الدولى ولسياسات الدول.

وتابع: إن حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه بموجب القانون الدولى أصبح واجبًا، بحصول الشعب الفلسطينى على حقه المشروع بإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدًا أن الجمعية العامة تسعى لتحقيق سلام عادل ودائم فى الشرق الأوسط.

وأضاف خبير القانون الدولي: إن رسم مسار عادل لا رجعة فيه أصبح أمرًا واجب التنفيذ، وذلك عقب التجاوزات المتكررة للكيان الصهيونى ونشر الدمار فى المنطقة واستباحة سيادة دول أخرى، وذلك عبر اعتماد وثيقة ختامية لتسوية قضية فلسطين سلمياً وتنفيذ حلّ الدولتين.