خبراء: كلمة السيسى فى القمة ترسم ملامح الأمن العربى والإسلامى

محمود محرم ومحمد السيد وأحمد زكريا وزينب ميزار
شكّلت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة فى الدوحة محطة مفصلية فى مسار العمل العربى المشترك، حيث حملت رسائل واضحة وحاسمة بشأن حماية سيادة الدول العربية والإسلامية، ومواجهة أى تهديدات محتملة، وفى مقدمتها العدوان الإسرائيلى الأخير على قطر.
الدكتور عبدالمنعم سعيد، المفكر السياسى، أكد أن الكلمة التى ألقاها الرئيس السيسى فى القمة العربية الاستثنائية بالدوحة، كانت قوية وتعكس دقة المرحلة الحالية وما تواجهه من تحديات وتهديدات، موضحًا أن ما يقوم به العدو الإسرائيلى يسهم فى خلق حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة، حيث جاءت الضربات على الدوحة بعد فترة قصيرة من الهجمات على طهران وبيروت، مشيرًا إلى أن إحدى أهم الرسائل التى تضمنتها كلمة الرئيس السيسى فى مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية هو أن تصرفات الكيان المحتل تؤدى إلى عدم الاستقرار فى المنطقة.
«سعيد»، أوضح أن إسرائيل تلعب دورًا يتسبب فى الكثير من الدماء والضحايا والعنف والدمار، بينما تسعى الدولة المصرية لتحقيق الاستقرار من أجل التنمية فى المنطقة، متابعًا: «أننا أمام حالة تتعارض مع القانون الدولى وما استقرت عليه الأعراف الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وهذه رسالة قانونية قوية، واستكمل أن النقطة المهمة هى مسألة التهجير العرقى، وهى قضية نضع تحتها خطًا أحمر، حيث يستمر الكيان المحتل فى هذا الأمر ويعلن عن نوايا صراحة لدفع الفلسطينيين للخروج من أراضيهم، من خلال ممارسات تتضمن الإذلال والضرب والتجويع، ثم تدعى أن خروجهم سيكون طوعيًا، مواصلًا أن هذا هراء، وأن الدولة المصرية لن تقبل به».
اللواء سمير فرج، المفكر الاستراتيجى، أكد أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة فى الدوحة حملت رسائل واضحة وحاسمة، بأن مصر تتحرك بثقلها لحماية سيادة الدول العربية والإسلامية فى مواجهة أى تهديدات، وفى مقدمتها العدوان الإسرائيلى الأخير على قطر، مشيراً إلى أن استخدام الرئيس، لأول مرة، مصطلح «العدو» فى وصف إسرائيل، هو رسالة ردع مباشرة تعكس قوة الموقف المصرى وعدم التسامح مع أى محاولة للنيل من سيادة الدول أو فرض ترتيبات أحادية.
فرج، لفت إلى أن القوة والاعتداء لن يحققا الأمن لإسرائيل، بل سيدفعانها إلى عزلة سياسية ويهددان فرص التعايش السلمى فى المنطقة، كما أن سياسات حكومة نتنياهو ستجر إسرائيل والمنطقة إلى صراعات خطيرة، وتضرب فى العمق الاتفاقيات القائمة، بدءاً من اتفاقية السلام مع مصر وحتى الاتفاقيات الإبراهيمية مع عدد من الدول العربية، لافتاً إلى أن أهمية خطاب الرئيس تزداد عند ربطه بقرار مجلس الجامعة العربية الأخير فى دورته الوزارية، المعنون بـ«الرؤية المشتركة للأمن والتعاون فى المنطقة»، والذى يمثل نواة يمكن البناء عليها، وصولاً إلى توافق عربى وإسلامى على إطار حاكم للأمن والتعاون الإقليميين.
تجاوز الخطوط الحمراء
الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أكد أن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة جاءت فى توقيت شديد الحساسية، خصوصاً بعد الانتهاك الإسرائيلى الصارخ لسيادة دولة قطر، وأن خطاب الرئيس السيسى عكس بوضوح رفض مصر القاطع لأى مساس بسيادة الدول العربية والإسلامية، وأن العدوان الأخير تجاوز كل الخطوط الحمراء، ويمثل سابقة خطيرة تهدد الأمن القومى العربى.
تعزيز الأمن الإقليمى
د. رضا فرحات أستاذ العلوم السياسية، أشار إلى أن «الرؤية المشتركة للأمن والتعاون فى المنطقة» هى النواة الأساسية التى يمكن البناء عليها لتأسيس توافق عربى وإسلامى شامل، ووضع آليات تنفيذية لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمى، مؤكداً أن هذه الرؤية ليست مجرد نص نظرى، بل إطار عملى يتيح التحرك الجماعى العربى لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، مع منع أى هيمنة إقليمية قد تهدد استقرار المنطقة.
بداية مسار جديد
كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة فى الدوحة بدت أقرب إلى وثيقة عمل جديدة للمنطقة، وهذا ما أكدته الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية، مشيرة إلى أنها لم توجّه رسالة للخارج فقط، بل للعالم العربى والإسلامى فى الداخل، بأن اللحظة الراهنة قد تكون بداية مسار جديد، يتحول فيه التضامن من بيانات إلى مؤسسات، ومن رد فعل إلى فعل منظم، على نحو يعزز الأمن الجماعى ويصون استقرار المنطقة، من خلال تذكير الرئيس السيسى بقرار مجلس الجامعة العربية الأخير حول «الرؤية المشتركة للأمن والتعاون فى المنطقة»، باعتباره حجر الزاوية لأى مقاربة مستقبلية للأمن الإقليمى.
بكر، أوضحت أن ما طرحه الرئيس السيسى يكتسب ثقله من ثلاثة عناصر أساسية، وهي: التوقيت الحساس الذى يشهد محاولات فرض ترتيبات أحادية وانتقاص من سيادة الدول، والوضوح فى تحديد أن الهدف هو منع الهيمنة الإقليمية، ثم الدعوة العملية لوضع آليات تنفيذية حقيقية، وهى ليست مجرد رؤية على الورق، بل مشروع قابل للتحول إلى واقع إذا ما توفرت الإرادة، مشيرة إلى أن مصر لا تطرح رؤية منعزلة عن تاريخها فى قيادة العمل العربى المشترك، لأنها منذ عقود وهى تضع أسس التعاون والتنسيق فى الأزمات الكبرى، واليوم تستكمل هذا الدور عبر صياغة إطار جامع يوازن بين مقتضيات الأمن القومى ومتطلبات الاستقرار الإقليمى.